بغداد- العراق اليوم:
وجد القرد “مانو” ملجأ له في متنزه كيني متخصص في استقبال قردة الشمبانزي المهددة بالانقراض بعد نقله من حديقة حيوانات خاصة في إقليم كردستان العراق حيث كان يتعرض لسوء معاملة ويدخن السجائر ويظهر في الصور الملتقطة من الزوار. وعانى هذا القرد طويلا من سوء المعاملة في حديقة الحيوانات في دهوك الواقعة على بعد 70 كيلومترا إلى الشمال من مدينة الموصل، إذ كان يرغم على تناول السكريات والمشروبات الغازية ما كان يتسبب له في حالات إسهال دائم، كذلك كان يحتجز خلال الليل داخل قفص صغير بطول مترين وعرض متر واحد.
غير أن هذا القرد الذكر البالغ أربع سنوات غادر أخيرا سجنه بفضل جهود منظمات وأفراد بالتعاون مع حكومة إقليم كردستان العراق. وقد وصل قبل أيام إلى ملجأ كيني يستقبل منذ سنة 1993 قردة شمبانزي، وهي فصيلة مهددة بالانقراض. وقال دانيال ستايلز من منظمة “بيغاس″ المناهضة لحالات “استعباد” القردة الأفريقية “خلال نقل القرد مانو بين دهوك ومطار أربيل (عاصمة كردستان العراق)، مر الموكب على بعد حوالي عشرين كيلومترا من مدينة الموصل” التي تحاول القوات العراقية استعادة السيطرة عليها من تنظيم داعش.
ووصل القرد “مانو” في الـ30 من نوفمبر إلى ملجأ قردة الشمبانزي في محمية اول بيجيتا الخاصة على سفح جبل كينيا، بعد نقله لأيام داخل قفص خشبي. وأوضح الطبيب البيطري ومدير الملجأ ستيفن نغولو أن “القرد مانو سيمضي فترة في الحجر الصحي قبل الانضمام إلى قردة الشمبانزي الأخرى” للتأكد من عدم إصابته بأي مرض من شأنه تهديد باقي الحيوانات في المحمية. بعدها سينضم “مانو” إلى إحدى المجموعتين من قردة الشمبانزي الموجودة في هذه المنطقة الحرجية الممتدة على مساحة أكثر من كيلومتر مربع والمحاطة بسياج مكهرب.
ولفت نغولو إلى أن عملية دمج القرد “مانو” ستحصل ببطء لعدم المساس بتوازن المجموعة وتفاديا لأي عداوات قد تتفاقم لتصبح أعمال عنف فتاكة. وسيحاط القرد الوافد حديثا إلى الملجأ الكيني تدريجيّا بباقي القردة بدءا من الإناث بهدف تسهيل عملية الدمج. هذه العناية الخاصة بـ”مانو” تُردّ خصوصا إلى أن هذا القرد الذي تم فصله عن والدته بُعيد ولادته في حديقة حيوانات في دمشق على الأرجح، لم يحتك البتة بأي شمبانزي آخر منذ ما لا يقل عن ثلاث سنوات لدى بيعه بطريقة غير قانونية في نهاية 2013 لحديقة الحيوانات في دهوك مقابل 15 ألف دولار.
ويمضي “مانو” فترة الحجر الصحي في المحمية داخل مسكن بمساحة مئة متر يتنقل داخله بين الحبال ويلعب بالأغصان والدببة والبالونات. وأشار نغولو إلى أن القرد “يلعب ويتحرك بلا توقف ويظهر حماسا شديدا لأننا وضعناه في المنزل”، لافتا إلى عدم وجود “آثار للاكتئاب” لدى “مانو”. غير أن هذا الوضع ليس بديهيا في هذا الملجأ الذي يضم قردة لا تزال في حالة صدمة بعدما عاشت تجارب تجعل من شبه المستحيل إعادة دمجها في مسكنها الطبيعي في الغابات الاستوائية في حوض الكونغو وبعض مناطق غرب أفريقيا.
وكان القرد “بوكو” الذكر البالغ 36 سنة، وهو أحد أكبر نزلاء المحمية، يعيش في قفص لا تتعدى مساحته مترا مكعبا واحدا في مرآب في بوروندي لجذب الزوار والترفيه عنهم، فيما كان “جورج” يستخدم كحيوان منزلي في جنوب أفريقيا من قبل عائلة تخلصت منه بعدما كبر وصودر رفاق كثر له في المطارات. وتواجه قردة الشمبانزي الشبيهة جينيا بنسبة 98.8 في المئة بالبشر، مخاطر عدة أبرزها الصيد غير القانوني إذ أن سعر قرد الشمبانزي قد يصل إلى 40 ألف دولار، إضافة إلى تدمير مساكنها الطبيعية.
وكلفت عملية نقل القرد “مانو” إلى كينيا حوالي 10 آلاف دولار.
وقطع مدير محمية اول بيجيتا ريتشارد فيني الطريق على أي انتقادات محتملة من خلال الإقرار بأن مساعدة قرد في بلد غارق في الحرب لا يعني عدم اكتراث بالمعاناة البشرية. وقال “ثمة أشخاص آخرون أخذوا على عاتقهم مساعدة الناس، أما نحن فنخوض معركة حددناها لأنفسنا باستخدام المال الذي أعطي لنا لهذه الغاية”. ولفت إلى وجود الآلاف من قردة الشمبانزي في الشرق الأوسط والشرق الأقصى في الحالة نفسها التي يمرّ بها “مانو”، مضيفا “نحن نقوم من خلال إنقاذ أحد هذه القردة بلفت الانتباه إلى حاجة الحيوانات الأخرى الكثيرة إلى المساعدة”.