بغداد- العراق اليوم: تأجلت الجلسة البرلمانية التي كانت مقررة مساء أمس لانتخاب رئيس جديد للجمهورية العراقية إلى اليوم بسبب عدم اكتمال النصاب. ويتنافس الحزبان الكرديان الرئيسيان، «الديمقراطي الكردستاني» بمرشحه فؤاد حسين و«الاتحاد الوطني الكردستاني» بمرشحه برهم صالح ، للمرة الأولى ، على هذا المنصب. ومع أن رئاسة الجمهورية هي المنصب الوحيد الذي لم تتدخل إيران والولايات المتحدة في تحديد ملامح من يشغله، لكن الصراع بين الحزبين الكرديين تحول إلى معركة «كسر عظم» بين «الديمقراطي» بزعامة مسعود بارزاني، و«الاتحاد الوطني» الذي لا زعامة موحدة له بعد وفاة زعيمه ومؤسسه جلال طالباني. وإذا كانت الساحة في بغداد تجد نفسها في حيرة إزاء أي مرشح تختار من بين الاثنين، فإن المعركة تدور رحاها من الناحية العملية على أرض كردستان بين أربيل والسليمانية، اللتين صوتتا العام الماضي، في مثل هذه الأوقات، وبنسبة 93 في المائة، على استفتاء الانفصال عن العراق. وعلى الرغم من أن العديد من الكتل الكردية، مثل «الاتحاد الوطني والتغيير والجيل الجديد والجماعة الإسلامية»، حمَّلت زعيم «الحزب الديمقراطي» ورئيس إقليم كردستان السابق، مسؤولية النتائج السلبية، التي ترتبت على الاستفتاء، ومنها سيطرة بغداد على كركوك وكل المناطق المتنازع عليها، فإن بارزاني، وطبقاً لما قال قياديٌ كرديٌ مستقلٌ، طلب عدم الإشارة إلى اسمه، «أراد من خلال هذا الإصرار على منصب رئاسة الجمهورية أن يثبت للشارع الكردي ولبغداد، معاً، أنه لا يزال هو اللاعب الأوحد، رغم العزلة التي عاناها لشهور بعد الاستفتاء». ويضيف القيادي: «بارزاني أراد أن يضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، فهو من جهة استغل حاجة الكتل الشيعية إلى حليف لديه نسبة معقولة من المقاعد بالقياس إلى غريمه (الاتحاد الوطني)، وذلك بتقديم تسهيلات لها، وهو ما دفع خصوماً ألداء له إلى التفاهم معه على صعيد الكتلة الأكبر ويتابع القيادي الكردي: «أما العصفور الآخر فهو (الاتحاد الوطني الكردستاني) الذي يتهم بأنه تساهل مع العبادي في فرض القانون على المناطق المتنازع عليها، ما جعله يرشح رئيس ديوان الإقليم فؤاد حسين، وهو شيعي (كردي فيلي)، على أمل أن يكون مقبولاً لدى الغالبية الشيعية»، مبيناً أن «التوافقات وليس الفضاء الوطني هو من سيحسم خيار انتخاب رئيس الجمهورية، الذي بدا أنه معركة كردية - كردية، لكن تجري في بغداد، من دون أن يكون هناك أي فرض لإرادة خارجية لهذا المنصب الذي يبقى رمزياً إلى حد كبير». إلى ذلك رمى الحزبان الكرديان بثقلهما في بغداد من خلال الوفود رفيعة المستوى، التي وصلت أمس وأول من أمس من أربيل والسليمانية، دعماً لأحد المرشحين. فمن السليمانية وصل وفدان، أحدهما برئاسة كوسرت رسول الأمين العام لـ«الاتحاد الوطني الكردستاني» والآخر برئاسة بافل طالباني القيادي البارز في الحزب ونجل جلال طالباني، بينما وصل أمس، من أربيل، نيجرفان بارزاني رئيس حكومة إقليم كردستان. وبينما اجتمعت الوفود الكردية مع معظم القوى السياسية العراقية الفاعلة، من أجل دعم مرشحهم، فإن الاجتماع الأهم هو الذي عقد بين نيجرفان بارزاني وبافل طالباني بهدف الخروج، في اللحظات الأخيرة، بحل توافقي عبر اختيار مرشح كردي واحد. وعلى الرغم من تعدد المرشحين للمنصب، الذين بلغ عددهم 24 مرشحاً، فإنه لا يكاد يذكر أي منهم على صعيد إمكانية التنافس على هذا المنصب، بعد أن بات التنافس محصوراً بين برهم صالح مرشح «الاتحاد الوطني» وفؤاد حسين مرشح «الحزب الديمقراطي الكردستاني». إلى ذلك أكد عضو في البرلمان العراقي عن «كتلة الفتح»، التي يتزعمها العامري، طالباً عدم الإشارة إلى اسمه، أن «(كتلة الفتح) أو (البناء) لم تتوصل إلى صيغة قرار يلزم النواب باختيار أحد المرشحين، وهو ما يعني ترك حرية الاختيار للنواب، رغم وجود تفاهمات لعموم (تحالف البناء) مع السيد بارزاني». ويضيف العضو البرلماني أن «السبب في ترك الحرية للنواب من قبل العديد من الكتل، لاختلاف القناعات لدى النواب، سواء لجهة تأييد صالح الذي يرون أنه لم يتورط في خطط الانفصال عن العراق، رغم تصويته في الاستفتاء، بالقياس إلى المرشح الآخر الدكتور فؤاد حسين، الذي لا يستطيع الخروج عن سيطرة بارزاني»، مبيناً أن «هناك اتجاهاً آخر، وهو أن مسعود بارزاني لا يزال هو الأقوى في الإقليم، وبالتالي فإن التفاهم مع القوي لحل المشكلات أفضل من اختيار شخصية قد لا تتمكن من التوفيق في العلاقة بين بغداد وأربيل، مع وجود ملفات كثيرة عالقة بينهما». إلى ذلك أكد الخبير القانوني طارق حرب أن الفوز في انتخابات رئاسة الجمهورية «لن يتحقق في الجولة الأولى للانتخاب والتصويت البرلماني، لأنه من الصعوبة حصول أي مرشح على أصوات 220 نائباً، أي ثلثي أصوات البرلمان البالغة 329 صوتاً». وأضاف حرب أن «الجولة الثانية للتصويت والانتخاب البرلماني تبدأ بين أعلى مرشحين، أي الاثنين اللذين يحصلان على أعلى الأصوات، حيث يجري التنافس بينهما، ويعتبر فائزاً ورئيساً للجمهورية من يحصل على أكثرية الأصوات، والحاصل على أقل الأصوات يعتبر خاسراً». وبيِّن حرب أنه «وفي الجولة الثانية لا يشترط أغلبية وأكثرية محددة، أي لا يشترط الحصول على الأغلبية الدستورية، وإنما الأكثرية العددية، أي أكثرية الأصوات».
*
اضافة التعليق