متابعة- العراق اليوم: غادة السمان كنت أستمع إلى نشرة الأخبار في التلفزيون (فرانس 15) حين شاهدت امرأة تتهم الشخصية السياسية الفرنسية الكبيرة جيلبير كولار باغتصابها عام 2006م! هذه السيدة التي تتهم جيلبير كولار باغتصابها تتحدث رافضة أن تظهر صورتها على الشاشة وقد بدلوا صوتها ولم تسمح لهم بغير تصوير حذائها الرياضي وطرف ذراعها، ولاحظت من تجاعيد ذراعها أنها ليست شابة، والسؤال هو: لماذا سكتت على الاغتصاب (إذا صح ذلك) طوال دزينة من الأعوام واستيقظت مشاعرها الآن؟ بالمقابل، نفى السياسي الكبير جيلبير كولار التهمة بشدة وقال إنه سيلاحقها قضائيا، وإذا طالبها محاموه بتعويض على إساءتها لسمعته فسيربح الدعوى على الأرجح، فهي لم تقدم دليلا ماديا! فالاتهام المجاني مرفوض قضائيا وإلا كان بوسع أي امرأة إقامة الدعوى على أي شخصية شهيرة سياسيا أو فنيا أو أدبيا بذريعة الاغتصاب، وابتزازه! طارق رمضان عاد متهما من جديد
قبل ذلك بأيام، تقدمت امرأة جديدة بشكوى ضد طارق رمضان بتهمة اغتصابها تسع مرات! وسمعت الخبر على شاشة التلفزيون الفرنسي أيضا. المرأة التي تتهم طارق هذه المرة لم تجد في نفسها الجرأة على إعلان اسمها كما فعلت قبلها هند عياري التي وجهت إليه تهمة الاغتصاب. والدكتور طارق رمضان الوسيم الأنيق بملابس غربية والداعية الإسلامي سويسري المولد هو حفيد حسن البنا مؤسس جماعة «الإخوان المسلمون»، وهو شهير أوروبيا بمداخلاته المتلفزة والجامعية. قال كثيرون: هذه المرأة التي تتهم رمضان تفعل ذلك لأسباب تكيد للدين الإسلامي وهي مدفوعة الثمن من أجل ضخ الدم في موجة «الإسلاموفوبيا» الفرنسية خاصة والأوروبية عامة، ما يصب في مصلحة الصهاينة ضد العربي (المتخلف) في سلوكه نحو النساء حتى ولو كبر في الغرب وحمل الشهادات ودرّس في الجامعات، كطارق رمضان! هل تصح تهمتها روائيا؟ سبق أن ذكرت أنني أنظر إلى كل تهمة (بلا دليل مادي) نظرة روائية. وتهمة اغتصاب امرأة تسع مرات في رواية ما، تبدو مهلهلة روائيا، لأن القارئ سيتساءل: إذا كان بطل الرواية قد اغتصبها حقا، لماذا لم تتقدم بالشكوى منذ المرة الأولى لذلك؟ ولماذا تركت البطلة المجال له ليغتصبها تسع مرات كما تزعم؟ وسيجد القارئ نسيج الرواية رديئا، أما في الحياة الحقيقية فقد تم استدعاء طارق رمضان للتحقيق من جديد، والتوقيف الاحتياطي و(البهدلة) ولكن طارق وقف موقفا صادقا من الحكاية إذ اعترف بوجود علاقة له مع تلك المرأة التي اتهمته باغتصابها، ومن ثم فإن قانون العقوبات لا يطال طارق رمضان، بل (قانون) العقاب العائلي والزوجي غير العلني، ولا نعرف موقف عائلته من ذلك. محكمة الزوجات وتلك «الحكايات»! القطب الهوليوددي هارفي واينستين، الذي كانت حكاياته شرارة انفجار إعلان عشرات النساء عن (اغتصابهن)، وكلهن نجمات هوليووديات وأكثر من سبعين نجمة سينمائية شهيرة اتهمت بذلك واينستين، اعترف القطب الهوليوودي بعلاقات مع النجمات الشهيرات، وفي المحكمة قال وأكد أنهن كلهن كن متجاوبات على العلاقة مقابل ترشيحه لهن لجوائز (الأوسكار) ودعمه لاختيارهن لبطولة أفلام تفيد شهرتهن وانتشارهن، ومن ثم رفع أجورهن. ويصدر الحكم ببراءته من تهمة الاغتصاب، ولكن زوجته الجميلة حكمت عليه بالطلاق وقالت إنه كان زوجا محبا وأبا طيبا ولم يخطر ببالها يوما أنه يخونها لولا انفجار الفضيحة. أما طارق رمضان فلا نعرف بعد ما ستحكم به المحكمة الزوجية. الإعلام الغربي يروج للاتهامات أيا كانت نلاحظ أن بعض الإعلام الغربي (التلفزيونات/الإذاعات/الصحف) تتلقف أي تهمة بالاغتصاب تتقدم بها امرأة وتنشرها كخبر مثير يجلب القراء. وقال البعض إن ذلك يحرض بعض النساء المهتزات عقليا لإطلاق اتهامات غير صحيحة طلبا للشهرة أو الاهتمام أو للمال، فقد ذكرت جريدة (لوباريزيان) الباريسية أن نصف النساء في فرنسا تعرضن إلى تحرش أو اعتداء جنسي، كما ذكرت جريدة (لوفيغارو) بعد استقصاء، إن (53) في المئة من النساء تعرضن لتحرش أو اعتداء. وفي نظري إن احتضان الإعلام لأي امرأة تتهم السياسي الكبير جيلبير جيرار أو طارق رمضان أو أي ذكر، تتعرض (لاستعمالها) للترويج للبضاعة الإعلامية، بدون المبالاة غالبا بعقلانية تلك التهم أم لا، أو تصديقها روائيا، وهذه الشراهة الإعلامية لنشر أي اتهام لا تبالي أحيانا بمصداقية التهمة على الصعيد العقلاني البحت، إذ كيف يمكن لرجل مثلا أن يغتصب امرأة تسع مرات في الغرب بالذات ولا تتقدم بالشكوى قبل ذلك مثلا؟ أو تتحاشاه بعد الاغتصاب الأول؟ ولا يمكن من بعد لأي روائي أن يتحدث عن بطل رواية اغتصب امرأة تسع مرات في الغرب قبل أن تتقدم بالشكوى إلى رجال الشرطة، من دون أن يسخر القارئ من الروائي ومن الحبكة المهلهلة لروايته! أما في عالمنا العربي، فالمرأة «المغتصبة» تتستر غالبا على ذلك؛ لأن العار سيطالها وحدها، وسيقال إنها المذنبة بسلوكها وملابسها غير المحتشمة! فنحن إذن لم نقرأ عن عربية اتهمت أحدا باغتصابها، وما أكثر ما يحدث ذلك!
*
اضافة التعليق