بغداد- العراق اليوم:
يطرح إعدام زعيم الطائفة اليابانية التي نفذ أتباعها هجومين بغاز السارين السام، تساؤلات عن سرّ مثل هذا الوباء الذي يضرب بين الفينة والأخرى تاركا خلفه خطا طويلا من الدم والألم.
اسم زعيم هذه الطائفة الدينية المروعة الحقيقي تيدزيو ماتسوموتو، وحكم الإعدام شنقا الذي نفذ فيه اليوم وفي عدد من المقربين منه، صدر عام 2004.
هذا الرجل أعلن أن نهاية العالم قريبة، ونصّب نفسه مسيحا جديدا، وأوهم أنصاره بأنه يستطيع التحليق في الهواء، وامتدت أوهامه لتتحول إلى مأساة قتل فيها عدد من الأبرياء في هجومين بغاز السارين السام.
ولد شوكو أساهارو، وترجمة هذا الاسم الذي منحه لنفسه "ضوء ساطع في وادي القنب"، في أسرة فقيرة كبيرة العدد، وعانى منذ سن مبكرة من مرض الجلوكوما، حيث عميت عينه اليسرى، وفقدت العين اليمنى النظر جزئيا.
تلقى تعليمه في مدرسة خاصة بالأطفال ضعاف البصر، وظهرت مواهبه في سن مبكرة، إلا أنه لاحقا لم يتمكن من دخول كلية الطب، واتجه إلى تعلم الطب غير التقليدي والعلاج بالوخز بالإبر.
افتتح صيدلية للعقاقير والمنشطات في عام 1975، وبعد سبع سنوات قبض عليه بسبب بيعه أدوية مزيفة، ومزاولته الطبابة دون ترخيص، وحكم عليه بدفع غرامة قدرها 200 ألف ين.
بعد أن فشل مشروعه التجاري هذا، قرر أن يمتهن العمل السياسي، وأسس حزبا أطلق عليه اسم "الحقيقة"، وخاض الانتخابات التشريعية في عام 1990، دافعا بخمسة وعشرين مرشحا للبرلمان.
فشل جميع مرشحي حزبه في الوصول إلى البرلمان، وحصلوا على أعداد ضئيلة للغاية بمن فيهم هو ذاته، حيث صوت لصالحه 1783 شخصا فقط، فيما كان يحتاج إلى 66 ألف صوت لينال مقعدا في البرلمان.
وحين عجز عن تأمين مقعد في البرلمان، أعلن نفسه "مسيحا جديدا" وتنبأ بقرب يوم القيامة، من خلال حرب عالمية ثالثة بالسلاح النووي، وحدد موعدها بعام 1997.
في تلك الفترة أسس طائفته الغامضة محاولا الحصول على أكبر قدر من المال والنفوذ، وانتهى به المطاف إلى المشنقة بعد أن نفذ أتباعه هجومين بغاز السارين.
الولايات المتحدة أيضا شهدت بروز رجل آخر يدعى جيم جونز أقنع أتباع طائفته أن العالم يهوي سريعا إلى حرب نووية، وأكد أنها ستندلع تحديدا في 15 يوليو1967، وتعهد لهم بأن يقودهم إلى شاطئ الأمان.
شيد لهم مدينة خاصة في جزيرة غويانا، عازلا إياهم عن العالم بحجة بناء دولة فاضلة آمنة، في تلك الأثناء طار صيته وتزايدت أعداد أتباعه في جميع المدن الأمريكية.
الدولة الفاضلة التي بناها في الأدغال انتهت في صورة مأساة رهيبة، إذ أقنع أتباعه وأجبر المترددين منهم على تناول سم السيانيد في 18 نوفمبر 1978 فزهقت أرواح 900 شخص من أتباعه بينهم أكثر من 200 طفل، فيما قتل السيناتور ليو ريان الذي كان في مهمة في مدينة جونز تاون الفاضلة لإنقاذ عدد من الراغبين في مغادرة الجزيرة.
في المأساتين، طفح الجنون بشخصين استولت عليهما الأوهام، لكنهما تمكنا من التغرير بأعداد كبيرة من الأتباع الذين مضوا خلفهما من دون بصيرة إلى نهاية مأساوية.
بل جرّ البعض من الضحايا أسرته وأبنائه، وتجرع السم معهم وهو يظن أنه ينقذهم مما هو أعظم.
وهكذا ما أن تبدأ رواية نهاية العالم حتى يبدأ الإرهاب في القتل من دون رحمة متحولا من لبوس إلى آخر، والنتيجة تاريخ طويل من الدم والأشلاء.
*
اضافة التعليق