بغداد- العراق اليوم: نشرت صحيفة الاخبار اللبنانية السبت 12 ايار 2018 تقريراً وفق تقديراتها عن حظوظ القوى الرئيسية الممثلة للمكونات العراقية في الانتخابات المقبلة وفرص مرشحيها للفوز برئاسة الحكومة العراقية المقبلة. وتقول الصحيفة في تقريرها انه تتّجه الأنظار، اليوم السبت، إلى الساحة العراقية، حيث تُقام انتخابات برلمانية عامة هي الرابعة منذ الغزو الأميركي لبلاد الرافدين عام 2003. انتخاباتٌ تتفاوت حماسة من يحقّ لهم الاقتراع، والبالغ عددهم قرابة 25 مليوناً، للمشاركة فيها، إلا أنها تشهد حالة تنافس شديد، بدأت إرهاصاتها منذ أشهر، تعكس تطلّع القوى والأحزاب والشخصيات المتسابِقة إلى حجز مقعد متقدم لها في الخريطة البرلمانية التي ستحدّد مسار البلاد لفترة طويلة مقبلة. ومن هنا، تتحدّد أهمية هذه الانتخابات التي يترقب أطراف إقليميون ودوليون نتائجها للتأسيس على ما ستفزره مستقبلاً. وفي مقدمة هؤلاء الولايات المتحدة الأميركية التي تطمح، بحسب الدوائر المقربة من مراكز القرار فيها، إلى «قيام حكومة عراقية صديقة» ما بعد الاستحقاق الانتخابي الذي يُعدّ الأول منذ هزم «داعش» وإخراجه من معظم الأراضي التي استولى عليها في العراق. وتضيف الصحيفة انه في الشكل، أنبأت «بروفا» الاقتراع الخاص التي أقيمت يوم الخميس بقدرة الجهات الرسمية على تأمين العملية الانتخابية، وإيصالها إلى خواتيمها من دون خروقات كان تنظيم «داعش» قد توعّد بها أواخر شهر نيسان/ أبريل الماضي. لكن ذلك لم يمنع السفارة الأميركية في بغداد من إصدار تحذيراتها من «هجمات محتملة ضد مراكز الاقتراع في جميع أنحاء العراق»، بحسب ما جاء في بيان صادر عنها أمس. تحذر من نوايا غير سليمة للسفارة الاميركية في العراق تحذيرات تقول الصحيفة انه كان بإمكان السفارة إبلاغ الحكومة العراقية بها عبر القنوات المختصة، وخصوصاً أنها مبنية على «معلومات» وفق ما ادعى البيان، إلا أن نشر تلك المعلومات عبر وسائل الإعلام بعد يوم انتخابي سُجّلت خلاله نسب اقتراع عالية لم يقلّ أدناها عن 60% (بغداد/ الكرخ)، يشي بأن ثمة غايات أخرى من وراء الإعلان الأميركي، الذي لم يتردّد البعض في وصفه بأنه أشبه بدعوة إلى العزوف عن الاقتراع. وهي دعوة مبطنة، سرعان ما جاء رد وزارة الداخلية عليها، بالتشديد على أن «القوات الأمنية جهّزت خطة أمنية محكمة لحماية الناخبين ومراكز الاقتراع»، والتحذير من «التأثر بأي وسيلة إعلام حاقدة لثنيكم عن الذهاب إلى الممارسة الديموقراطية». وتتحدث الاخبار اللبنانية عن حظوظ القوى المشاركة في الانتخابات بالاشارة الى ان ذهاب العسكريين والأمنيين، بأعداد كبيرة، إلى التصويت الخاص، واحتمال انسحاب المشهد نفسه على الاقتراع العام، لا ينفي تباين منسوب الحماسة من قاعدة شعبية إلى أخرى. وهو ما يبرز بوضوح لدى «القواعد الشيعية» التي ستتوزّع أصواتها على 5 تحالفات هي: «النصر والإصلاح» بقيادة حيدر العبادي، و«دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، و«الفتح» برئاسة هادي العامري، و«سائرون» (الصدريون والشيوعي)، و«الحكمة الوطني» بقيادة عمار الحكيم. حظوظ العبادي والمالكي والعامري وترى الصحيفة انه ومن بين التحالفات الثلاثة الأولى التي تتصدّر تقديرات ما بعد التصويت، تبدو قاعدة العبادي الأقلّ حيوية مقارنةً بقاعدتَي المالكي والعامري، الأمر الذي يمكن أن ينعكس على حجم الأصوات التي سينالها التحالف الذي يقوده. ومع ذلك، يظلّ العبادي الأوفر حظاً بفارق ضئيل عن منافسيه (45 إلى 55 مقعداً)، وفق توقعات غير حاسمة لا يمكن الجزم على أساسها. وتواصل قائلة انه وما بعد تحالف رئيس الوزراء الحالي، يأتي في التقديرات نفسها تحالفا سلفه المالكي، والمرشّح لخلافته العامري، بفارق غير كبير أيضاً بينهما. توقعات، إذا ما صحّت، تشي بأن معركة رئاسة الوزراء لن تكون سهلة بالنسبة إلى مختلف الأطراف. إذ إنه، في حال عدم تمكّن أيّ من «التحالفات الشيعية» الرئيسة من تحقيق أغلبية وازنة في البرلمان (80 مقعداً وما فوق)، فسيكون على زعاماتها خوض مفاوضات مع بقية الكتل لحيازة «الكتلة الأكبر» التي يحقّ لها، حصراً، ترشيح رئيس الحكومة. في هذا الإطار، يبدو رئيس «دولة القانون» أكثر قدرة من منافِسيه على المناورة حسب ما توقعته الاخبار اللبنانية؛ بالنظر إلى 3 عوامل رئيسة: علاقته المتينة بالكتلة التي يُنظر إليها على أنها صوت «الحشد الشعبي» في مجلس النواب، عدم ممانعة الأكراد مدّ اليد إليه بفعل «الجروح» التي خلّفتها سياسات العبادي في جسد كردستان عقب أزمة استفتاء الانفصال، وعلاقاته المتقادمة بشخصيات وقوى سنية من مثل رئيس البرلمان الحالي، سليم الجبوري. وتشير الصحيفة الى ان الأهم مما تقدّم، أن المالكي لن يكون في وضع مماثل لما آل إليه عام 2014، حينما اجتاح «داعش» مساحات واسعة من بلاد الرافدين، وتصاعد الضغط الإقليمي والدولي على نحو غير مسبوق حتى بلغ حدّاً حُمل عَقِبه الرجل على الانسحاب من المشهد، برضاء الأصدقاء الإقليميين. لكن اليوم، لا يبدو أن الشخصيات والقوى المصنّفة في خانة «حلفاء إيران الموثوقون» ستكون مضطرة إلى تقديم تنازلات كبيرة وفقاً للصحيفة. وتواصل ومع ذلك، لن يخلو سعي هؤلاء إلى لعب الدور الرئيس في تحديد هوية رئيس الوزراء المقبل من مصاعب وعقبات، ربما تحملهم ومعهم طهران على الارتضاء بـ«الخيار الوسط» الذي يظلّ العبادي إلى الآن الأكثر تمثيلاً له. على رأس تلك العقبات تأتي إمكانية إحراز التحالفات غير المحسوبة مباشرة أو بالمطلق على إيران (كـ«سائرون» و«ائتلاف الوطنية» بزعامة إياد علاوي) حصّة مقرِّرةً في البرلمان، يمكن أن تشكّل لاحقاً رافداً للعبادي، الذي توحي معظم المؤشرات بأنه لا يزال مطلوباً أميركياً. وتضيف الصحيفة انه ومن أجل هذا الغرض، سيكثّف الأميركيون، في مرحلة ما بعد الانتخابات، ضغوطهم على العراقيين بترغيبهم بـ«حزمة متكاملة» من الدعم المالي والدبلوماسي والفني، فضلاً عن العسكري والأمني، والمساعدة في إدارة البرامج الخاصة بمشاريع البنية التحتية والاقتصادية وكلّ ما تقدم ليس من أجل الهدف الأبعد المتمثّل في كسب العراق حليفاً، إنما فقط بغرض «موازنة النفوذ الإيراني». غرضٌ تحتفظ واشنطن من أجله بخطط بديلة أيضاً وفقاً للاخبار اللبنانية، في حال «فشِلت جهود الحفاظ على الحياد النسبي في العراق». ولعلّ من أهمّ هذه الخطط هو الحرص على لعب دور «أهل الحلّ والربط» ما بين بغداد وأربيل، كي يكون لدى الولايات المتحدة دائماً ما تستطيع ابتزاز السلطات المركزية به «إذا ما حصلت إيران على اليد العليا في بغداد يوماً ما» وفق ما جاء في دراسة حديثة لـ«معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى». القوى الكردية لكن ما يغيب عن بال الأميركيين ربما أن الزعامة الكردية التاريخية، المتمثلة في آل برزاني، والتي استُخدمت في ما مضى مادّة لهذا الابتزاز، ربما تتلقى في انتخابات اليوم ضربة موجعة حسب تقدير الصحيفة، بعدما بات الأكراد يحمّلونها مسؤولية تخسيرهم ما كانوا قد حصدوه من امتيازات ومكاسب بعد نيلهم الحكم الذاتي. وهي ضربة لن تكون مقتصرة على «الحزب الديموقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود برزاني، بل ستطال أيضاً «الاتحاد الوطني الكردستاني» بقيادة الراحل جلال طالباني، والذي يخوض الانتخابات جنباً إلى جنب الأول، تحت لواء تحالف يحمل اسم «السلام الكردستانية». تراجعٌ والقول ما زال لصحيفة الاخبار اللبنانية ستكون الأحزاب الكردية المعارضة، التي دخلت الاستحقاق ضمن تحالف موحد هو «القائمة الوطنية»، المستفيد الأكبر منه، وخصوصاً أن استطلاعات الرأي تفيد بأن الأكراد يميلون إلى منح أصواتهم لأحزاب غير تقليدية. ومهما تكن السياسات التي ستستقرّ عليها «الكتلة الصاعدة»، إلا أن دخولها المشهد على حساب «كتلة تاريخية» لطالما لعبت دور «صانع الملوك في البرلمان» سيعقّد حسابات الأميركيين بشأن كردستان. حظوظ القوى السنية على الجانب «السني»، تبدو الصورة الأكثر برودةً والأقلّ تفاؤلاً بما يمكن أن تحدثه الانتخابات الثانية منذ الانسحاب الأميركي من العراق عام 2011 من تغييرات وفق لتقدير الصحيفة ، ذلك أن المشكلة الرئيسة المتمثلة في غياب قيادة قوية أو هيكل حزبي متين، لم تأتِ مضاعفات الحرب على «داعش» إلا لتفاقِم نتائجها، مُوسِّعةً هوة الثقة ما بين سكان المحافظات الغربية والشمالية وما بين قياداتهم. ومن هنا، تبدو الحماسة ضئيلة للتصويت لمصلحة المرشحين «السنّة» الذين يتنافسون ضمن عدة تحالفات، على رأسها ثلاثة: «تحالف القرار العراقي» برئاسة أسامة النجيفي، «ائتلاف الوطنية» الذي يضمّ سليم الجبوري وصالح المطلك، و«تحالف بغداد» الذي يتصدّره محمود المشهداني. مشهدٌ لعلّ الأكثر دلالةً في خطوطه أن «الكتل الكبيرة» لم تعمد إلى امتصاص حالة الضياع تلك، والانطلاق منها للتأسيس لمرحلة مختلفة عما شهده العراق طوال خمس عشرة سنة مضت، إلا بخطوات شكلية من قبيل خوض غمار المنافسة في المحافظات كافة، كما فعل ائتلاف «النصر»، أو التحالف مع وجوه «سنية» لم تخرج من «الطقم القديم» كما هي حال قائمة علاوي.
*
اضافة التعليق