بغداد- العراق اليوم:
حيثُ تدأب الأحزاب الكبيرة المتكلسة في مقاعد السلطة منذ خمسة عشر عاماً متواصلة، وهي تجتر فشلها وفسادها على إشاعة مفاهيم الاحباط والسلبية والكسل الاجتماعي، وتمضي بقوة غير مألوفة نحو تحييد الجمهور العام في عملية رسم ملامح المشهد، موحيةً له من خلال وسائل الاعلام وادوات التأثير على الرأي العام بأن وجوده وعدمه واحد، وأن عملية التغيير أصبحت صعبة، بل ومستحيلة، وخارجة عن إرادته، وأنها [ أي الأحزاب الكبيرة] مؤبدة في السلطة ولن يتمكن أحد من ازاحتها من المشهد السياسي، لأنها ترتبط بشكل وبآخر بدولة هنا، أو سفارة هناك. حد أن بعض قادة هذه الأحزاب هددوا الشعب العراقي مرات متعددة، بأنهم سيقلبون الطاولة على رأس الشعب أن تجرأ وعزلهم، أو حاول على الأقل ابعادهم عن المشهد بقوة الصوت الناعم. هذا التغول غير المسبوق، فضلاً عن لجوء هذه القوى بنزع جلودها السياسية، واستبدال زيها ولونها مرات متعددة من الأصفر الى الازرق الى ما ندري .. وغيرها من محاولات وضع توابل على ذات "الطبخة" الفاسدة، يشير الى أن هذه القوى لا تؤمن ولا بنسبة متدنية بأنها في أجواء ممارسة ديمقراطية، بل تعتقد جازمةً أنها متعاقدة مع القوى التي مكنتها يومًا من السلطة من خلال التعيين المباشر، وبقيت تعمل بهذا المبدأ، حتى ان اشتراكها في عدة تجارب انتخابية، كانت تعمل فيه فقط على أنها جزء اساس وأن استحقاقاتها "الوطنية " محفوظة في اشارة الى أنها لا تعترف بنتائج صناديق الاقتراع، ولا الأوزان التي ينتجها الشارع العراقي الناخب. ومرةً قال رئيس المجلس الاعلى الحكيم انذاك عقب انحسار حزبه في انتخابات 2009 -2010 غير المسبوق ان وجودهم في السلطة ابعد مما تفرزه صناديق الاقتراع!! ولكم ان تتصوروا أن من يفكر بهذه العقلية يمكن أن يكون مشاركًا في التنافس الديمقراطي ويؤمن بنتائجه أن اتت النتائج على عكس هواه! في الواقع يمكن ان نقبل بمثل هذه المقولة لو كانت على نحو أن الوجود السياسي لا يرتبط بقوة التمثيل النيابي بالضرورة، ولعل تجربة الحزب الشيوعي العراقي يمكن ان تكون مثالاً يضرب للتدليل على صدقية هذه المقولة، فالحزب الشيوعي ممتد سياسيًا وضارب في العمق العراقي ( اجتماعيًا وثقافيًا)، ولا يمكن أن يكون عدد المقاعد النيابية مقياسًا لقوة حضوره في المشهد السياسي برمته، لكن حجمه في السلطة محدود، وهذا برأينا حسنة تضاف الى سجل هذا الحزب الوطني ذي السجل الناصع. لقد تعرض الحزب الشيوعي العراقي خلال الاعوام الماضية الى عمليات عزل عن السلطة السياسية، ونعتقد أنها كانت ممنهجة، من خلال صياغة قوانين انتخابية مجحفة، تسرق أصوات وارادات الناس، وتصادر خياراتهم الانتخابية، ومن يريد ان يتأكد عليه مراجعة سجل انتخابات 2005 والى 2009 والى 2010 و2014. ويمكن ان نستثني انتخابات مجالس المحافظات 2013 فحين نجحت القوى المدنية والوطنية من تمرير قانون انتخابي عادل نوعا ما على طريقة "سانت ليجو" غير المعدل ظهرت كتلة معتد بها تمثل الحزب في مجالس المحافظات ومنها بابل والبصرة والديوانية والناصرية وبغداد وغيرها من المجالس الأخرى، لكن هذه القوى التفتت بعد ذلك، وغيرت قانون الانتخابات من خلال تعديل القانون اعلاه، وسرقت مرةً أخرى أصوات الحزب وناخبيه. اليوم ومع تجربة انتخابية جديدة، ومع أن هذه الأحزاب استمرت في نهج التلاعب بالقانون الانتخابي، ورفعت النسبة الى 1.7 في سرقة واضحة لأصوات الكتل والقوائم خارج السلطة، فأننا نؤكد ان الحزب الشيوعي الذي دخل في تحالف تاريخي مع التيار الصدري واحزاب مدنية أخرى سيكون المفاجأة الانتخابية على غرار المفاجأة اللبنانية مع اختلاف النتائج والظروف الموضوعية والذاتية، فالحزب سيدخل المجلس النيابي بكتلة نيابية وازنة، وسيعيد الأمور الى نصابها الصحيح، اذ وضع في أول اولياته صياغة قانون انتخابي عادل ومنصف للجميع، سيمكن القوى الاجتماعية من تمثيل نفسها في المجلس النيابي، وسينهي احتكار السلطة من قبل هذه الاحزاب المتعاقدة مع مختلف المحاور والاتجاهات والقوى المشبوهة. أن الحزب الشيوعي العراقي سيكون الشاهد على التجربة الجديدة، حيث ستفوضه شرائح اجتماعية واسعة في عملية تمثيلها، وبوادر هذا التفويض باتت واضحة للعيان من خلال الالتفاف غير المسبوق حول مرشحي الحزب في البصرة والناصرية والحلة والعمارة وبغداد وغيرها من المحافظات العراقية التي يملك الحزب حضورًا فيها، و نعتقد جازمين أن كل محافظات العراق تحتضن الحزب وله فيها جماهير وانصار كثر سيدلون بأصواتهم له بكثافة.
*
اضافة التعليق