الياسري: بدأت عمليات الحرب على الفساد فعلاً، وقد أصدرنا قرارات بمنع سفر لكبار المسؤولين !

بغداد- العراق اليوم:

كشف رئيس هيئة النزاهة، حسن الياسري، عن تمكن الهيئة من ايقاف هدر واسترداد ما يقارب 2 ترليون دينار عراقي خلال العام الحالي ضمن عملها في مكافحة الفساد، داعيا مجلس النواب الى توسيع عمل الهيئة والديوان من خلال تشريع القوانين التي تساعده وتقوم عمله، وبينما دعا المواطن للمساهمة في مكافحة الفساد والتعاون في ايصال المعلومات الصحيحة، نوه بأن المواطن قد يكون سبباً في تشجيع الموظف على الفساد من خلال عرض الرشوة عليه، مثنيا على اجراءات رئيس الوزراء حيدر العبادي في مكافحة هذه الآفة الخطيرة.

 * مع الاحتفال بأسبوع النزاهة، ورداً على المشككين بعملها، ما هي إنجازات الهيئة في المدة الماضية؟

ج/ بارك الياسري، في بدء حديثه مع صحيفة الصباح الرسمية انطلاق اسبوع النزاهة الذي تحرص الهيئة من خلاله على نشر قيم النزاهة والتثقيف بها بين اوساط المجتمع، فالنزاهة يجب ان تكون سلوكا ومنهجا لذلك فاننا نحتاج الى نشر هذه الثقافة من خلال الاسبوع السنوي للنزاهة.

وقال الياسري: الهيئة رفعت شعار مكافحة الفساد واتخذت خطوات لرفع عملها وتغيير المنهج الذي كانت تتبعه سابقا، فعوضا عن الاكتفاء بصناديق لتلقي الشكاوى شكلت فرقا ميدانية وجوالة، لافتاً إلى أن الفرق الميدانية نالت إشادة على المستوى العربي والعالمي وحققت تجربة اسفرت عن احالة مسؤولين كبار في الدولة على القضاء وشملت وزارات الصناعة والنقل والتربية والزراعة والصحة والعدل والمصرف العقاري وربما بعض الوزارات الاخرى حيث أسفرت تحقيقاتها عن احالة وزراء ووكلاء وزارات وقيادات على القضاء نتيجة عمل هذه الفرق.

وأضاف رئيس هيئة النزاهة اما الفرق الجوالة فتضم محققين ومدققين يذهبون الى دوائر الدولة ويفتحون ملفاتها بصرف النظر عن وجود شكاوى ضدها ام لا، في حين تم تشكيل فرق جوالة تفتيشية سرية تقوم بزيارات مفاجئة الى المؤسسات والوزارات التي لها تماس بالمواطن ويعاني فيها من حالات ابتزاز كالجوازات والضريبة والمنافذ الحدودية وغيرها.

* تتناول وسائل الإعلام أنباء عن قرب الإطاحة برؤوس كبيرة متهمة بالفساد. هل سنشهد تأكيداً لهذه الأنباء في المستقبل القريب؟

ج/ المؤسف أن كثيرين ليس لديهم إطلاع على عمل هيئة النزاهة وبالقوانين التي تحدد هذا العمل.. الهيئة اصدرت قرارات بمنع سفر لعدد من كبار المسؤولين، وهو امر غير مسبوق، وكان آخرهم محافظ البصرة الذي لم يمنعه القضاء من السفر، كما تم اصدار  قرارات بحق نواب ووزراء ومجالس محافظات باكملها الامر الذي اضطرهم الى مراجعة الهيئة والقضاء لحسم موقفهم.. ما لا يعرفه كثيرون ان عمل الهيئة يكون تحقيقيا اما التنفيذ فهو موضوع منوط بالقضاء والجهات التنفيذية.

* في بعض قضايا الفساد تم السطو على مبالغ كبيرة، في حين تكون عقوبة الفاسد قليلة لا تتناسب مع حجم الجرم؟ برأيك هل أن الخلل يعود إلى إجراءات الهيئة أم إلى مواد قانون العقوبات؟

ج/ لمعالجة هذا الخلل الكبير، نحن بحاجة لمنظومة قانونية مختصة بمكافحة الفساد تكون رادعة وصارمة، وقد طالبت مجلس النواب بتشريع قوانين لمكافحة الفساد ولكن لم نجد استجابة لغاية الآن، فاضطرت الهيئة إلى اقتراح قوانين عديدة تسهل عملها ابرزها قانون الكسب غير المشروع ومسودة قانون حق الحصول على المعلومة وحماية الشهود والمخبرين وتعديل قانون العقوبات النافذ واقترحت كذلك تشديد كافة العقوبات المرتبطة بالفساد وهدر المال العام.. طبعاً بعض النواب استجابوا لمقترحات الهيئة، لكن هذه الاستجابة بقيت ضئيلة ولم تتحقق على أرض الواقع برغم أن القوانين جاهزة لدى الهيئة وتحتاج فقط الى ارادة سياسية تجعلها تخرج كمنظومة قانونية.

* هل يعد الفساد من جرائم الشرف؟

نعم.. الفساد على رأس الجرائم المخلة بالشرف، وبالحقيقة فوجئنا بتشريع قانون العفو العام ليشمل الفاسدين.. أعتب كثيراً على وسائل الإعلام التي لم تسلط الضوء على سلبيات هذا القانون وتبصر المواطن بالاثار السلبية المترتبة على تطبيقه، قانون العفو سيذهب بجهود مكافحة الفساد ادراج الرياح وسيجعل الاجهزة الرقابية تشعر بالاحباط وسيمنح الفرصة للمجرمين بالافلات من جرائمهم.

* ارتبط موضوع “الخبراء الدوليين” بعد إعلان رئيس الوزراء حيدر العبادي الحرب على الفساد، وظهرت قوائم بأسماء بعض الشخصيات على وسائل التواصل الاجتماعي بزعم أن أصحابها فاسدون وسيتم التحقيق معهم.. ما حقيقة ذلك؟

ج/ في مثل هذه المواضيع الشائكة والخطيرة ينبغي توخي المواطنين للدقة في نقل المعلومات لاننا لا نريد مزيدا من التشويش والتضليل، فالمعلومات التي لها اهمية وخطورة ينبغي ان ترسل الى الاجهزة المعنية وان لا تكون حديث الشارع والفيسبوك كما حدث عندما نشرت قوائم باسماء بارزين في وسائل التواصل وهي غير صحيحة، وأظن ان بعض هذه المنشورات يُراد منها احراج الحكومة واضعاف ثقة المواطن بالدولة وأجهزتها الرقابية.

بالنسبة لموضوع الخبراء الدوليين، أشك في أن ايادي تقف وراءها اجندات سياسية تستهدف التسقيط السياسي وخلط الاوراق في هذا الجانب. موضوع الخبراء الدوليين، باختصار، هو أن العراق طلب معونة الامم المتحدة لمكافحة الفساد لغرض تزويد الحكومة وهيئة النزاهة ببعض الخبراء لغرض المشورة والنصيحة، والتقينا ببعض ممثلي الامم المتحدة، فتوصلنا الى اتفاق مبدئي على توفير النصيحة والمشورة والمساعدة في ملفات استرداد الاموال وتسليم المطلوبين وهو الغرض الرئيس من طلبنا للخبراء.. أما ما يتم تداوله في الشارع من اقاويل وشائعات بأن الخبراء الدوليين هم من يقومون بالتحقيقات غير صحيح إطلاقاً، فالقوانين العراقية لا تعطيهم أي صلاحية.

* إلى أيّ مدى نجحت الهيئة في استرداد أموال العراق المهربة إلى الخارج؟

ج/ في ملف استرداد الاموال المهربة، فإنه على الرغم من كونه ملفا متشعبا وبعضه يتعلق باموال النظام السابق وبمذكرة النفط مقابل الغذاء والدواء، فإن الهيئة استطاعت انجاز مئات الملفات بهذا الشأن بالتنسيق مع الادعاء العام ووزارة العدل والخارجية بهذا الخصوص.. الملفات جاهزة وبعضها وصل الى الانتربول الدولي الذي اصدر نشرة حمراء عُممت على دول العالم من اجل مصادرة واعادة الاموال الى العراق. المشكلة في هذا الملف سياسية لان هناك دولا لا تتعاون معنا وهو امر يتطلب مساعدة الحكومة ووزارة الخارجية للنهوض بمسؤوليتها في مفاتحة هذه الدول. وكنتيجة لعملنا وتحقيقاتنا فقد القي القبض على الوزير السابق عبد الفلاح السوداني في بيروت وفق ملف الهيئة والنشرة الحمراء التي اصدرها الانتربول، كما نجحت الهيئة في اعداد الملف الخاص بالامين العام السابق لوزارة الدفاع، زياد القطان، وألقي القبض عليه في الاردن، ونتواصل حاليا مع الحكومة الأردنية لغرض تسليمه للعراق ومحاكمته.

* هل لديكم رقم تقريبي بحجم الاموال المستردة أو في طور الاسترداد؟

ج/ نتيجة لتعاون بعض الدول معنا، استطاع العراق استرداد أكثر من 2 مليون دولار من صفقة أجهز السونار التي كان موردها الرئيسي بريطاني الجنسية.

* هل اصدرت الهيئة مذكرات لتسليم المطلوبين؟

ج/ هناك متهمون للقضاء العراقي في 15 دولة ابرزها اميركا وبريطانيا ولبنان والاردن وبولندا وغيرها.. مثل هذه المذكرات تعترض تنفيذها مشكلات سياسية وليست فنية.. أما إيران وتركيا فليست لدينا معهم مثل هذه المشكلات.

* الاقليم ملف مغلق لا يمكن للهيئة الوصول إليه بالرغم من كونه جزءا من العراق، ما هي اجراءاتكم المستقبلية وابرز الملفات التي لم يستجيبوا لها؟

ج/ قانون الهيئة يشمل العراق بإكمله باستثناء الاقليم، وقد صدر قانون في الاقليم لانشاء هيئة للنزاهة ولكن هذه الهيئة لم تحرك ملفا ضد أي شخص، لكن برغم القيد القانوني الا ان الهيئة تفتخر انها منذ عامين طالبت مسعود بارزاني ونيجيرفان بارزاني وجلال طالباني بالافصاح عن ذممهم المالية وجاء الجواب من الاقليم اننا هيئة اتحادية ليست لها ولاية على الاقليم. الهيئة أصرت على موقفها على اعتبار ان جلال طالباني رئيس للجمهورية العراقية بغض النظر عن كونه كرديا وهو ملزم بالافصاح عن ذمته المالية، اما رئيس الاقليم ورئيس وزرائه فان مناصبهما  سيادية ويأخذان رواتبهما وامتيازاتهما من الموازنة العامة ويجب ان يفصحا عن ذمتهما المالية أيضاً.

* ما أسباب دعوات اغلاق مكاتب المفتشين العموميين؟

ج/ هذه دعوات “غريبة”، لأنها تأتي في وقت تتعالى فيه الاصوات لمكافحة الفساد.. البلد يعاني من الفساد ولا بد ان تتعاون الجهات الرقابية جميعا، لا ان تلغى، على الاقل في هذه المرحلة، فهناك الاف القضايا حققت فيها مكاتب المفتشين العموميين وأوقفت من خلالها هدر المال العام.. بدلاً من هذه الدعوات فنحن ندعو مجلس النواب إلى توسيع عمل الهيئة والديوان والمفتشين العموميين.

* جميع الكتل والاحزاب ترفع شعار مكافحة الفساد، كم هي نسبة الإخلاص في هذه الشعارات؟

ج/ نحن نتحدث باختصاصنا ولا نريد الدخول في النزاعات السياسية، يهمنا جداً ونتمنى من أي  شخص يرفع شعار مكافحة الفساد ان يترجمه على شكل منظومة قانونية وعملية، لاننا لا نريد كلاما في الهواء وانما نريد قوانين تساعد بمكافحة هذه الآفة.

* الجميع ينتظر حربا على الفاسدين، ما هو دور المواطن في مساعدة الهيئة؟

ج/ المواطن حجر الزاوية في مكافحة الفساد لاسيما في ايصال المعلومة الصحيحة، والتحلي بالنزاهة ودعم عمل الهيئة.. أحيانا يكون المواطن هو الذي يتسبب في الفساد اذ يعرض رشوة على موظف كي يتجاوز على القانون أو يحصل على ما لا يستحقه عنذ ذلك يكون مساهماً وشريكاً في الفساد، ولهذا فنحن ندعو الحكومة الى وضع معايير صارمة في اختيار العاملين في مؤسساتها يثبتون من خلالها كفاءتهم وامانتهم.

* ما الاسباب التي دعتكم للاستقالة؟

ج/ لم أتعرض لضغوط سياسية لا في الاستقالة ولا في العدول عنها، قدمت استقالة وحيدة فقط ورفضها رئيس الوزراء حيدر العبادي لانه يريد القضاء على الفساد، ورأيت أن من واجبي أن ادعم وأقف إلى هذه المهمة.. أما الاستقالة الثانية التي أوردتها وسائل التواصل الاجتماعي فلا صحة أبداً لحدوثها.

* هل أن كادر الهيئة كفوء ام يحتاج الى تدريب أكثر؟

ج/ لدى الهيئة 250 محققا من اصل 2700 موظف على ملاكها، وهؤلاء المحققون هم تحت المراقبة لكي نقيم اداءهم ومحاسبتهم في حالة تقصيرهم، علماً ان الهيئة تنظر بحدود 15 الف قضية سنوياً.

الهيئة ليست لديها مخصصات باستثناء الرواتب ولهذا تصطدم خططها بالعقبة المالية فتدريب محققي الهيئة خارج العراق على اسلوب التحقيق الحديث، مثلاً، يحتاج الى أموال ولهذا لجأنا للاتفاق مع دول أجنبية على تدريب المحققين مجانا وتم ابرام بعض الاتفاقات مع سنغافورة وماليزيا وفرنسا وكوريا الجنوبية، ونأمل أن نتمكن من إرسالهم في العام المقبل للتدريب على اساليب التحقيق الحديثة ورفع كفاءتهم.

* ماذا عن ملفات المشاريع الوهمية التي تحقق فيها الهيئة؟

ج/ تحقق النزاهة في عدد من هذه الملفات والهيئة تحيل كافة القضايا للقضاء بعد الانتهاء منها حيث انها حريصة على عدم تأخير أي ملف.. لقد حققت في قضايا كبرى بالرغم من النقص الكبير في عدد المحققين والمدققين.

* هل يشكل المسؤولون مزدوجو الجنسية مشكلات للنزاهة؟

ج/ هؤلاء المسؤولون يسببون مشكلة كبيرة لاحتمائهم بالدولة صاحبة الجنسية الثانية وهو ما دعانا الى عرض الموضوع على المستوى الدولي من خلال مؤتمر فيينا الذي عقد قبل اسبوعين حيث قدمنا مقترحا باسم العراق طالبنا فيه بان لا يكون ازدواج الجنسية عائقاً امام استرداد المتهمين والأموال، وبرغم اعتراض دول كبرى عليه وخاصة الولايات المتحدة الا ان القرار مُرر ونأمل ان تتعاون الدول مع العراق في هذا الشأن.

* ما هي استجابة المسؤولين للكشف عن ذممهم المالية؟

ج/ رئاستا الجمهورية والوزراء استجابتا بشكل جيد إذ ان 20 وزيرا قدم كشفاً بذمته المالية من اصل 22، في حين ان مجلس النواب هو العقبة الحقيقية في الكشف عن الذمم المالية.. المشكلة التي تواجهنا أن القضاء لا يصدر حكماً على من لا يكشف عن ذمته المالية بحجة عدم وجود نص قانوني صريح يجعل من عدم الافصاح عن الذمم جريمة وانما هو مخالفة انضباطية.

 

علق هنا