بغداد- العراق اليوم:
استحق عن جداره لقب صانع البسمة، ومنتزع الضحكة، والفنان الذي يضحك الجميع بمجرد أن يطل وجهه وقبل أن ينطق بكلمة واحدة، فهو من جيل مدرسة المشاغبين الذي فجر عاصفة الكوميديا في مصر وحمل لواءها لسنوات عدة.
كان الفنان الكوميدي المصري يونس شلبي الذي تحل ذكرى وفاته العاشرة يشعر أن نهايته ستكون حزينة، هكذا كان يقول لأصدقائه. وكان يردد أمامهم المقولة الشهيرة التي ينطق بها المصريون بعد أن تنتابهم موجات الضحك وخشيتهم من حزن قادم، قائلاً: "اللهم اجعله خيرا"، معتبراً أنها ستنطبق عليه. فبعد الابتسامات والضحكات التي انتزعها من جمهوره ومشاهديه، عاش لسنوات في هم وحزن بسب المرض حتى توفاه الله.
ولد شلبي في 31 مايو 1941، بمدنية المنصورة بدلتا مصر، ودرس في المعهد العالي للفنون المسرحية بالقاهرة.
شارك في نحو 77 فيلماً سينمائياً، أشهرها "العسكري شبراوي"، و"رجل في سجن النساء" و"ريا وسكينة"، "مغاوري في الكلية"، و"الشاويش حسن" وأمير الظلام "والفرن " و4-2-4 " إضافة إلى مسلسل الأطفال الرمضاني "بوجي وطمطم" الذي ظل يعرض على مدى سنوات.
عقب انتهاء المرحلة الثانوية، التحق الفنان الراحل بالمعهد العالي للفنون المسرحية، واختاره المخرج المسرحي نبيل الألفي عميد المعهد، ليشارك في أعماله التي يخرجها.
عام 1969 حصل شلبي على بكالوريوس الفنون المسرحية، قسم تمثيل، وشارك في أول عمل مسرحي بعنوان الغول، ثم انضم إلى فرقة الفنانين المتحدين مع نجمي الكوميديا عادل إمام وسعيد صالح، وكانت مسرحية مدرسة المشاغبين التي انطلقت عام 1971، هي نقطة الانطلاق لهؤلاء النجوم، ونقطة البداية لتاريخ جديد في الكوميديا المصرية بعد كوميديا إسماعيل ياسين وعبدالمنعم مدبولي وفؤاد المهندس.
يوم خرج عن النص
تألق شلبي وعادل إمام وسعيد صالح وأحمد زكي وهادي الجيار في المسرحية، وأبدع شلبي في دور منصور ابن الناظر الذي يعاني من التلعثم في الكلام، وعدم قدرته على نطق جملة مفيدة، وكانت جنبات المسرح تهتز بقوة من الضحك فور تقمص شلبي للدور.
خرج يونس شلبي عن النص في المسرحية، ولم يكن خروجه مفاجئا فقط لجمهور المشاهدين الذين كانوا يشاهدونها في المسرح، وتعالت صيحاتهم من الضحك، بل كانت مفاجئة لزملائه في المسرحية وتحديدا سعيد صالح وعادل إمام اللذين لم يستطيعا إخفاء ضحكاتهما على شلبي الذي كان يبدع ويفجر الضحك حتى وهو يخرج عن النص.
في مسرحية "العيال كبرت" خرج شلبي عن النص أيضا عندما قال "كلهم بيهزوا دماغهم"، في إشارة لنواب البرلمان المصري، وقامت بعض الفضائيات المصرية بحذف تلك الجملة عند عرض المسرحية مراعاة لمشاعر النواب.
تميز يونس شلبي في أدوار الرجل الذي يواجه الحياة بطيبة وسذاجة، ويواجه الشر بالخير ونقاء القلب، ويتعامل مع خصومه بحسن نية، وكانت هذه صفاته الحقيقية كما يقول زملاؤه .
طلب من زملائه في "المشاغبين" عدم حضور زفافه
في حفل زفافه طلب يونس شلبي من سعيد صالح ومن كل أصدقائه الفنانين الذين شاركوه مسرحية المشاغبين وأفلامه السينمائية عدم الحضور، وكان صريحا معهم في إعلان السبب. حيث قال لهم إنه لا يستطيع توفير طعام سوى لعدد قليل من المدعوين وهم أقاربه وأقارب العروسة، إضافة إلى أنه يريد إقامة حفل زفاف بسيط بدون مطربين، أو حفلات رقص أو غيره، ولكن سعيد صالح رفض الطلب وفوجئ يونس شلبي بزميله يدخل قاعة الحفل ومعه عشرات الزملاء من الفنانين وعندما شاهدهم يونس شلبي شعر بصدمة كبيرة وأخبرهم أنه لا يوجد طعام لهم، وتقبلوا ذلك بصدر رحب وأبلغوه أنهم يريدون مشاركته فرحته بيوم عمره.
رحلة علاج مرهقة
مع بداية الألفية أصيب يونس شلبي بمرض السكر والقلب، وتدهورت حالته المالية والصحية، ومنحه عادل إمام دورا صغيرا معه في فيلم "أمير الظلام"، ولكن المرض اشتد عليه أكثر وأكثر، وبدأ رحلة علاجه الطويلة والمرهقة صحيا وماديا له.
أجرى شلبي جراحة في القلب في السعودية، كما أجرى أكثر من عملية لزراعة شرايين في ساقه، وتم تغيير ثلاثة شرايين في القلب لتوسيع عظام القفص الصدري له.
يونس شلبي مريضاً
طالبت أسرته نقابة الممثلين والسينمائيين بالتكفل بعلاجه بعد استنزاف أمواله، كما طالبت بعلاجه على نفقة الدولة بعد أن باع آخر ما يملك في بلدته المنصورة مسقط رأسه للإنفاق على تكاليف علاجه، واستجابت الدولة وقررت التكفل بنفقات العلاج.
في الأول من نوفمبر من العام 2007 تدهورت الحالة الصحية ليونس شلبي. وفي 12 نوفمبر لفظ الفنان الكوميدي أنفاسه الأخيرة ليفارقنا عن عمر ناهز 66 عاما، تاركا وراءه سجلا حافلا من أروع وأمتع ما أنتجته الكوميديا المصرية.
*
اضافة التعليق