بغداد- العراق اليوم:
اياد السماوي
بعد زيار رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى السعودية وما تمّخض عنها من اتفاقات سياسية واقتصادية , بدأ العديد من الكتّاب والسياسيين المؤيدين لعودة العراق لحاضنته العربية والإسلامية يتّحدثون عن نهاية ربع قرن من العلاقات المتشنجة بين العراق والسعودية وبداية عهد جديد من الانفتاح السعودي على العراق , خصوصا بعد تأسيس هيئة مشتركة بين العراق والسعودية لتنسيق التنمية الاقتصادية ونشاطات مكافحة الإرهاب أطلق عليها اسم مجلس التنسيق السعودي العراقي , وذهب البعض الآخر من الكتّاب والسياسيين إلى المطالبة بضرورة إنهاء الهيمنة الإيرانية على القرار السياسي العراقي وإنهاء وجود ذراع إيران العسكري في العراق المتمّثل بفصائل الحشد الشعبي , حيث تعتبر أمريكا والسعودية أنّ استمرار وجود هذه الفصائل يعيق أي عودة للعلاقات بين العراق ومحيطه العربي والإسلامي , وهذا ما صرّح به وزير الخارجية الأمريكية تيلرسون في نفس اليوم الذي التقى به العبادي في الرياض , حيث قال ( يجب على كل المقاتلين الأجانب مغادرة البلاد وترك العراقيين يعيدون بناء بلدهم ) في إشارة منه إلى فصائل الحشد الشعبي التي تتهمها السعودية وأمريكا بارتكاب فضائع وانتهاكات ضدّ المدنيين بدوافع طائفية , وفي المقابل هنالك العديد من الكتّاب والسياسيين من بينهم كاتب هذه السطور , يرون أنّ المنطقة بعد زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلى السعودية ولقاءات القمة التي عقدها مع الملك السعودي وأبنه وقادة الدول الخليجية والعربية والإسلامية , قد انقسمت فعلا إلى معسكرين , الأول تقوده أمريكا والسعودية والأمارات ومدعوما من قبل إسرائيل , والمعسكر الآخر الذي تقوده إيران وروسيا وسوريا وقوى المقاومة الإسلامية في العراق ولبنان واليمن , ويجمع هؤلاء الكتّاب والسياسيون أنّ التقارب السعودي من العراق هو لإبعاد العراق عن إيران وجرّه إلى المعسكر الذي تقوده أمريكا والسعودية وإنهاء وجود الحشد الشعبي الذي أفشل المخطط الأمريكي السعودي في العراق والمنطقة , وهذه الرؤية لم تكن نابعة من خلفيات طائفية , بقدر ما هي رؤية قائمة على وعي وإدراك لما تخطط له مملكة الشر بحق العراق وشعبه والمنطقة بأسرها , ووقائع تسببت بخراب ودمار العراق وسوريا واليمن وليبيا وأودت بحياة الملايين من أبناء شعوب هذه البلدان التي تعرّضت للعدوان الوهابي المباشر وغير المباشر , وحين كنّا نقول أنّ السعودية الوهابية لا تريد للعراق وشعبه الخير والعيش بأمن وسلام , كان البعض من أصحاب المصالح والرؤى القصيرة النظر يعتبرون هذا انحيازا طائفيا على حساب مصالح العراق العليا التي تتطلّب علاقات متوازنة بين العراق وعمقه العربي والإسلامي . يوم أمس أنهى وزراء الخارجية العرب اجتماعهم الطارئ في القاهرة والمخصص لبحث التهديدات الإيرانية لدول المنطقة , وفي ختام هذا الاجتماع أكدّ وزراء الخارجية العرب على حق السعودية في الدفاع عن أراضيها ودعمهم لمملكة البحرين في جميع ما تتخذه من إجراءات وخطوات لمكافحة الإرهاب والجماعات الإرهابية للحفاظ على أمنها واستقرارها , كما أدان الاجتماع سياسة الحكومة الإيرانية وتدخلاتها المستمرّة في الشؤون العربية التي من شأنها تغذية النزاعات الطائفية والمذهبية , وتحميل حزب الله اللبناني مسؤولية دعم الإرهاب والجماعات الإرهابية في الدول العربية وتزويدها بالأسلحة المتطورة والصواريخ البالستية , كما تضّمن البيان استنكار قيام انصار الله بضرب صاروخ بلاستي العاصمة الرياض واعتبار هذا عدوانا إيرانيا مباشرا على السعودية , وتضمن البيان العديد من الإجراءات التي من شأنها الحد من التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للبلدان العربية وزعزعة الأمن والاستقرار فيها ... هكذا انهى وزراء الخارجية العرب اجتماعهم في القاهرة بهذا البيان من دون أن يرّف لهم جفن واحد للجرائم والفضائع التي ترتكبها مملكة الشر السعودية بحربها الدموية الظالمة ضد الشعب اليمني الشقيق منذ ما يقارب أكثر من سنتين ونصف والتي تسببت بقتل وجرح مئات الآلاف من أبناء الشعب اليمني المسلم وتدمير بنيته التحية , والتسبب بأكبر كارثة إنسانية في العصر الحديث , ومن دون أي إدانة لجرائم حكومة البحرين المجرمة وما تقوم به من جرائم إبادة ضد أبناء المذهب الشيعي الذين يمّثلون غالبية سكان البحرين , أو من دون أي استنكار لما قامت به مملكة الشر باحتجاز رئيس وزراء لبنان العضو الدائم في الأمم المتحدة والجامعة العربية وإجباره على الاستقالة من منصبه في سابقة لم يعهده العالم من قبل , فالبيان الختامي لاجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة مساء يوم أمس قد عكس منهج وسلوك مملكة الشر الوهابية التي يراها البعض بأنّها عمقنا العربي والإسلامي , ولا شّك أن الذي يرى مملكة الشر الوهابية هي عمقنا العربي والإسلامي , إما أن يكون عميلا رخيصا لحكام آل سعود الفجرة , أو غبيا غير واع ومدرك لما تخطط له مملكة الشر الوهابية بالتنسيق مع أمريكا وإسرائيل لضرب أبناء المذهب الشيعي وتدميرهم تدميرا تاما ... في الختام أتوّجه لدولة رئيس وزراء العراق الموّقر واسأله , هل لا زلت يا دولة الرئيس تؤمن بعد بيان وزراء الخارجية العرب أنّ السعودية هي عمقنا العربي والإسلامي ؟؟ وهل لا زلت تعتقد أنّك قادر على الوقوف على الحياد ومسك العصا من المنتصف ؟ وهل من حياد وشعب اليمن الشقيق يتعرّض لأكبر إبادة عبر تأريخه ؟ أخيرا وهل أنت سائر يا دولة الرئيس ضمن المحور الأمريكي السعودي في المنطقة ؟!
*
اضافة التعليق