بغداد- العراق اليوم:
حرباء سياسية، أو لنقل زومبي قذفته الصدف الى الواجهة، كائن متغير متلون بدرجة غير معقولة، فهو يتحول بسرعة البرق، يلهث وراء المنافع، يدس انفه العريض في أدق التفاصيل، لديه قدرة فائقة على تشمم روائح النتانة والفساد، لتجده هناك على الموائد، يجلس على ذيله الطويل، الذي يخفيه بلسانه السليط هكذا يمكن أن تعرف عزت الشابندر. فالرجل الذي بدأ مشواره اسلاميًا، مع الدعاة، سرعان ما اكتشفوا " حربوياته" وتلونه السريع، ليزيحوه تنظيمًيا عنهم سريعًا ايضاً، ليترك ايران نحو سوريا، وهناك سيجد من هم على شاكلته ليشكلوا تجمعًا بأسم جند الامام، وهناك تبدأ مسيرة حافلة من السمسرة واللعب على المتناقضات، واستغلال تعاطف شعبي عارم مع المعارضة لنظام صدام، فكان عزت صياداً ماهراً باعتراف من عرفه، لكل الهاربين من بطش صدام الى سوريا، ليستغلهم ايما استغلال حتى يكتشفوا سمسرته وخسته، فينفضوا من حوله، لكنه يواصل تجنيد نفسه لخدمة نفسه ومصالحه. وهناك ستنشأ له علاقة وطيدة مع تاجر المخدرات والخمور والسجائر، رجل الاعمال السمسار الأكبر مشعان الجبوري الذي قذفه النظام بعد 1991 الى سوريا ليشكل واجهة معارضة شكلية، يتم الاستفادة منها في تنظيم حركة مالية مشبوهة يتنفس منها النظام بعد أن ضيق الحصار عليه الفرص، وأصبح يبحث عن ملجأ يهرب اليه، وليجد مشعان ورفيقه عزت الخارج، الذي يشبه عزت الداخل بالتأكيد، انفسهما في وسط لعبة المال الحرام والتهريب، والعنوان دائمًا المعارضة، فمشعان أسس حزب الوطن ( للسمسرة والتهريب والقوادة) وهناك يقابله عزت ( بحركته الأخرى ليتولى شقها الثاني منها)، ويعملان في خدمة النظام بكل ما استطاعا، رغبة في كنز المليارات من الدولارات. عزت الذي ينتقل الى حركة البديل الاسلامي مرةً أخرى حسب المصالح يقرر في تارة التحولات المستمرة، أن يدخل تحت عباءة وفاق علاوي التي ترعاها السعودية، ومن هنا يتاح له ان يشترك في مؤتمرات المعارضة حاملاً عنوان "المعارضة العلمانية"، فمن جند الامام الى البديل، ثم يقفز الى العلمانية السعودية ! في حكومة علاوي الأولى بعد 2003 يظهر "عزوز" منافحًا عن رئيسه الجديد، ويدفع بقوة الى نبذ الطائفية، في اشارة منه الى الاستنكار على شيعة العراق مطالبتهم بمناصب تليق بحجمهم وتضحياتهم. وسرعان ما يزاح علاوي عن الواجهة، فيظل عزت مثل " بالع الموسى"، الا أنه يستثمر نعومته السياسية ليندس بالقرب من كابينة الجعفري، ويحاول التملق للجعفري مستثمرًا ارث قديم من الدعوة، وهكذا يكون، ويعد عزت عرابًا ومفاوضًا ضد علاوي وما يشكله علاوي فيما بعد، وليظهر عزت جعفريًا أكثر من الجعفري ذاته. مع انتهاء حكومة الجعفري، سيلتحق بركب المالكي في حكومته الأولى، ومن هناك سيظهر كعضو في الائتلاف الوطني العراقي مدافعًا عن الطائفة ومكاسبها، وغير ذلك من الحديث الذي يتقنه الرجل، في هذه الاثناء يحدث انفصال ظاهري مع " أنتيمه" مشعان الجبوري الذي سيختار " الأخوة في تنظيم القاعدة" حزبًا جديدًا، وسيمسر بكونه مقاوماً سنياً ضد الاحتلال الصفوي، فيما تحجر شيعية عزت الظاهرية على الرجل الاستفادة من خدمات مقاومته التي تدر اموالا طائلة، خليجية المصدر يسيل لها لعاب الشابندر. ويستمر عزت دافعًا نحو التأزيم أكثر من أي شيء، ففي الازمات تنمو وتتغول الطفيليات، وسيصل به الحد والجرأة الى اللعب على شق الصف الشيعي ذاته، من خلال خلق التكوينات داخله، وهي لعبة يتقنها بحسه الفطري الميال نحو التخريب واللعب على وتر الاختلافات. فيما بعد سينجح الرجل في الاقتراب كثيرًا من رئيس الحكومة نوري المالكي، وسيظهر على انه اقرب المقربين وأشد المخلصين لنهجه السياسي حتى انه سينال مقعداً نيابياً كبديل للمالكي، الا ان الرجل لا يظهر أي وفاء سوى لمصالحه المالية التي يلاحقها لو كانت مع الشيطان ذاته. ومع انتهاء حكومة المالكي سيخرج الشابندر خالي الوفاض، ولكنه لا يتوقف عن دوره في السمسرة، وسيتولى اعادة واجهات ارهابية وفاسدة الى العملية السياسية من جديد، وسيدير من بيروت أكبر صفقات تأهيل الفاسدين والمطلوبين للقضاء، بل والمحكومين بالاعدام، وهذه حكاية طويلة سنفرد لها حلقة من ضمن حلقات عديدة سنتناول ظاهرة السمسرة في الوسط السياسي، وبطلها عزت الشابندر منذ ان عمل سمساراً مزدوجاً لرجالات المخابرات في النطامين البعثيين السوري، والعراقي.. فانتظرونا ...
*
اضافة التعليق