بغداد- العراق اليوم:
ذكرت تقارير صحفية، ان رئيس إقليم كردستان، مسعود بارزاني، والذي تنحى الأسبوع الماضي عن منصبه، لم يكن يتمتع بالشرعية القانونية لإجراء الاستفتاء، لكنه استند إلى شرعيته السياسية والاجتماعية للقيام بذلك، وبعد الانتهاء من عملية الاستفتاء عاد مرة أخرى إلى شخصيته كرجل يخضع للقانون، مؤكداً استعداده للرحيل من منصبه.
وقال الكاتب والصحفي الكردي الإيراني سامان رسول بور، في تحليل بشأن تنحي بارزاني، أن "الانسحاب الطوعي للأخير من رئاسة الإقليم حتى إذا كان لصالح العملية الديمقراطية في كردستان إلا أنه لن يؤدي إلى رأب الصدع ولن يزيل الخلافات العميقة بين أربيل وبغداد".
وأضاف ان "العراق اليوم بعد هزيمة داعش، ليس كعراق ما بعد سقوط النظام السابق، حيث تواجه البلاد بما فيه إقليم كردستان حالة تراجع على الصعيدين السياسي والاقتصادي، وتحول البلد بمجمله إلى ساحة مفتوحة أمام إيران"، على حد تعبيره.
واوضح أن إقليم كردستان لم يستطع هو الآخر خلال الـ 12 سنة الماضية أن يبلغ الاكتفاء الذاتي المطلوب، كما ان الكرد لم يتمكنوا عمليا منذ 1991 إلى يومنا هذا أن يربطوا مصالحهم الاستراتيجية بالقوى الإقليمية والدولية، وجاء الاستفتاء ليجعلهم يدركون هذه الحقيقة.
وشدد الكاتب على أنه "لا يجوز إلقاء اللوم بأكمله على مسعود بارزاني بشأن الاستفتاء، لأن دول الجوار لن تتردد قيد أنملة في فرض الحصار والمقاطعة على الإقليم دعماً لمصالحها السياسية والأمنية، ولهذا السبب يتنحى بارزاني، ويعيش إقليم كردستان أزمة داخلية وعلاقات سيئة مع الجوار وهو يواجه انحسارا اقتصاديا وتراجعا سياسيا.
وبشأن الحديث عن من الذي سيخلف بارزاني؟، أفاد محللون انه وبعد تنحي بارزاني كرئيس لإقليم كردستان، زادت التكهنات حول من يخلفه على ضوء التكتلات في الحزب الديمقراطي الكردستاني من جهة، ومنافسيه من الأحزاب الكردية الأخرى، خاصة الاتحاد الوطني الكردستاني.
وأشار الإعلامي والكاتب السوري رشاد عبد القادر، وتحت عنوان "جينات الآباء في دم الأبناء"، إلى ان المنافسة على زعامة الكرد في العراق تنحصر بين 3 شخصيات، وهي بافل طالباني، نجل الرئيس العراقي الراحل جلال طالباني، و مستشار مجلس أمن إقليم كردستان، مسرور بارزاني، إضافة لابن عمه نيجيرفان بارزاني، رئيس حكومة الإقليم.
وبخصوص بافل طالباني، قال الكاتب بان "شخصيته لا يُعرف عنها الكثير، فقد ظل على مدار سنوات ظلا لوالده، وتعلم منه كيف يصلي خلف علي ويأكل على سماط معاوية، على حد تعبيره، وقد برز دوره خلال الفترة الأخيرة بوصفه ذاك (الصمغ) الذي يجمع قادة الاتحاد الوطني الكردستاني المنقسمين على أنفسهم، نظرا لما يمتلك من علاقات جيدة مع الجميع، وهو مثل والده ليس له أصدقاء أو أعداء وليس له صفة رسمية غير رئاسة وحدة مكافحة الإرهاب".
وتابع أنه رغم أن والدة بافل "هيرو إبراهيم أحمد، خربت علاقتها مع العديد من قادة الاتحاد الوطني الكردستاني، إلا أن الابن استطاع أن يبني علاقة جيدة مع كل من برهم صالح وكوسرت رسول، فهو كوالده لا يكل ولا يمل من بناء العلاقات مع منافسيه"، وتوقع الكاتب بأن "مهارة بافل في عقد الصفقات، وآخرها صفقة تسليم كركوك التي وسمته بالخيانة، قد تساعده أن يكون منافساً بارزاً على الزعامة في كردستان، وذلك بعد أن يخرج سالماً من ورطة تسليم كركوك".
أما بخصوص مسرور بارزاني، والذي يوصف برجل المخابرات الأقوى الطامح في الخلافة، فقد أشار الكاتب السوري إلى انه "يشبه والده، وجينات مسعود تلعب في دمه، إلا أنه ليس رجل الدبلوماسية ومثل والده لا يستسيغ ألاعيب السياسيين كثيراً، لذلك ربما كان من الخطأ تسليمه ملف الاستفتاء الذي كان يأمل من ورائه تنصيب نفسه الفائز الأكبر".
وقال انه مثل مثل والده سيقاوم حتى اللحظات الأخيرة، وربما يقف القدر إلى جانبه كما وقف إلى جانب والده مسعود عندما استلم زعامة الحزب الديمقراطي الكردستاني بعد وفاة ملا مصطفى بارزاني عام 1979، بدلاً من أخيه الأكبر إدريس، لافتا إلى ان "الإمبراطورية الاستخباراتية التي بناها مسرور طوال سنوات منافسته على حق الخلافة مع ابن عمه نيجيرفان بارزاني، ترك الكثير من أوراق اللعبة بين يديه ومثله مثل بافل، كما وجه فشل الاستفتاء ضربة قوية له بحكم كونه الشخص الذي كان يدير ملف الاستفتاء".
والشخصية الثالثة المرشحة لخلافة مسعود بارزاني، برأي الكاتب، هي "نيجيرفان بارزاني الذي تعلم درسا من والده، ولا ينوي التسليم أمام منافسه مسرور كما فعل والده قبل 38 عاماً عندما استسلم لقوة مسعود الاستخباراتي، فالرجل عمل بهدوء طوال نحو عقدين ببناء إمبراطورية اقتصادية حيث يعد مهندس نهضة الإقليم، وإعلاميا يمتلك قناة روداو، ودبلوماسيا لديه شبكة واسعة من العلاقات في تركيا وبغداد وإيران، وعائليا هو صهر مسعود بارزاني وابن أخيه".
وبشأن المنافسة بينه وبين ابن عمه مسرور، أوضح الكاتب أن "نقطة ضعف نيجيرفان كرجل أعمال أمام مسرور هي أن ادارة الأعمال والدبلوماسية كثيراً ما يقومان على الفساد، ودائرة نيجيرفان فيها الكثير من الفاسدين، ما يترك الباب أمام مسرور للتدخل في دائرته كلما شاء بدعوى مكافحة الفساد مفتوحاً"، مضيفاً "صحيح أن الفساد نقطة ضعف نيجيرفان، لكنها نقطة قوته أيضاً، فهو يعلم أن البقاء في السلطة إنما يقوم على بناء شبكة من المساندين وربطهم بشبكة من المصالح".
وتابع قائلا أن "نيجرفان هو الوحيد تقريبا القادر على إعادة بناء العلاقات مع تركيا بحكم علاقته مع أردوغان وإيران وربما بغداد أيضاً".
وفي نهاية تحليله بشأن الشخصية المتوقعة لخلافة بارزاني، أكد الكاتب السوري أن "حظوظ هذه الشخصيات الثلاث هي الأكبر بين جميع السياسيين الكرد في العراق، وثمة احتمال أن يتزعم أي منها الإقليم الكردي نحو المستقبل في المرحلة الحرجة"، خاصة أن العلاقات بين أربيل وبغداد أصبحت أكثر تعقيداً مما كانت قبل الاستفتاء، والجوار الإيراني والتركي بات أكثر حساسية تجاه الإقليم بعد أن أيقظ الاستفتاء الكُرد في البلدين لرفع سقف مطالبهم القومية.
وكان القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، هوشيار زيباري، قال في تصريح لـ "رويترز" يوم أمس الأربعاء، إن رئيس حكومة الإقليم، نيجرفان بارزاني،"سيصبح الشخصية الرئيسية خلال هذه الفترة الانتقالية في إقليم كردستان".
*
اضافة التعليق