متابعة - العراق اليوم:
يبدو أننا لم نزل بوزارة للنقل ومؤسسة للخطوط الجوية تستحيان من عيب أو خلل في الخدمات التي تقدمانها. هذا أمر جيد، لكنّنا نريده أن يكون عاماً شاملاً ودائماً، ولا يتعلق بمقامات دون سائر الناس ولا بوقت دون آخر.
وزارة النقل ومؤسسة الخطوط الجوية العراقية أظهرتا استحياءهما لأنّ راكباً بعينه على متن رحلة داخلية للطائر الأخضر أبدى ملاحظة علنية بخصوص أنّ ما يُقدّم من مأكولات ومشروبات هو صناعة أجنبية في معظمه، وقد عبّرتا عن هذا الاستحياء بالضغط على الراكب للتراجع عن ملاحظته وحجبها عن موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".
يومياً يُبدي المئات من ركّاب رحلات الطائر الأخضر مثل هذه الملاحظة، وعلى الدوام تُنشر في وسائل الإعلام ملاحظات عن النوعية المتدنية لخدمات الخطوط الجوية المحلية والمطارات، وبينها خدمات "الضيافة"، مع أنّ ما يدفعه الراكب العراقي يعادل في الغالب أضعاف ما يدفعه الراكب الأجنبي على الرحلات الداخلية والخارجية في البلدان الأخرى. المعنيون في وزارة النقل والخطوط الجوية وسلطة الطيران والدولة كلها، لا تنمّ عنهم في العادة علامة على الاكتراث بما يُقال وينشر.
الراكب الذي استحت وزارة النقل ومؤسسة الخطوط الجوية من ملاحظته ولم يهدأ لهما بال إلّا بعدما سحب ملاحظته، هو السفير الياباني في بغداد، فوميو إيواي، الذي نشر على صفحته الفيسبوكية صورة لوجبة الطعام التي قُدّمت له على متن طائرة الخطوط الجوية العراقية في رحلة من البصرة إلى بغداد. الوجبة تضمّنت سبعة مكونات، اثنان منهما فقط عراقيّان هما الخبز والماء، أما الخمسة فمن خمس "جنسيات" أو مناشئ: جبنة إيرانية، مربى تركية، حليب كويتي، شوكولاتا مصرية، وموز إكوادوري.
هذه بالطبع وجبة إفطار خاصة بركاب درجة رجال الأعمال على الرحلات الداخلية، أما ركاب الدرجة الاقتصادية فوجبتهم في كل الأوقات بائسة للغاية ولا تصلح في الواقع للاستهلاك البشري.
السفير فوميو إيواي المعروف بنشاطه وحيويته وتواضعه كتب "بوسته" الفيسبوكي بعدما عدّد مكونات الوجبة التي قُدّمت له:" أتمنى أن أستمتع يوماً في المستقبل القريب بوجبة من الطعام العراقي على متن طائرة عراقية".. بالطبع هذا "مسمار" طويل وقوي وحاد موجّه إلى الخطوط الجوية ووزارة النقل والحكومة والدولة كلّها.
قبل السفير القادم من أقصى الشرق، لم يفكّر أي وزير أو نائب أو سواهما من كبار مسؤولي الدولة بما فكّر به السفير الياباني، بدليل أننا لم نسمع يوماً ملاحظة من هذا النوع أبداها مثل هذا المسؤول على مواقع التواصل الاجتماعي أو في اجتماعات مجلس النواب أو مجلس الوزراء... لا أحد منهم أثار حميّته وغيرته الوطنية كون ما يُقدّم على طائرات الناقل الوطني هو في معظمه منتجات أجنبية.
السفير فوميو إيواي سحب بوسته بعد وقت قصير من نشره ووضع بوستاً بديلاً قال فيه إنه قد سحب البوست لأنه تلقّى اتصالات أفادت بأنه قد تسبّب في الإحراج للخطوط الجوية العراقية ووزارة النقل.
المؤسسة والوزارة مُحرجتان من ملاحظة السفير، ولا يُحرجهما ما يقوله الناس وما نكتبه في وسائل الإعلام عن تردّي خدمات الخطوط الجوية وسلطة الطيران!!
منقول عن المدى
*
اضافة التعليق