بغداد- العراق اليوم:
لأنه رجل شجاع جداً، بل وبطل بكل معنى البطولة، ولأنه فارس المواقف ، والمبادئ، والقيم الوطنية والرياضية، فقد نال من الصحافة، والجمهور أعلى وأسمى الألقاب، فهو وليس غيره من لقب بملك التغطية، والفارس العنيد، واللاعب المثالي، والفدائي العراقي، بعد ان اصيب بشج عميق في رأسه عند الدقيقة الثالثة من مباراة العراق واستراليا في تصفيات مونديال المانيا التي جرت احداثها في سدني عام 1973، ليعود الى الملعب معصوب الرأس، والدماء تغطي جبينه، اثر ارتقائه مع لاعب استرالي بكرة رأسية مشتركة انتهت بفقدان اللاعب الأسترالي لثلاثة اسنان، مقابل جرح عميق في رأس أبي فراس، والمفاجأة ان عبد كاظم اكمل ال 90 دقيقة من المباراة والدماء تنزف كلما ضرب الكرة برأسه، ولم يغادر الملعب حتى نهاية المباراة، فكتبت الصحافة الأسترالية عن فدائيته وبطولته في اليوم الثاني ما لم تكتبه عن بطل فدائي غيره من قبل.
أما مواقفه الوطنية فحدث بلا حرج، فهي عديدة، وواسعة بوسع تاريخه الوطني الطويل والعريض، فهو مثلاً اللاعب الذي لم يكن قد تجاوز السابعة عشر من عمره ويبلغ من قبل الثوار الأبطال في حركة 3 تموز بمعسكر الرشيد عام 1963، المسماة انتفاضة حسن السريع، وهو الرياضي الذي وقف معارضاً لنظام صدام حين كان في الداخل أو حين غادر العراق في مطلع التسعينات، وهو أمر لا ينفيه حتى اعدائه، لم يخف عبد كاظم مواقفه الشجاعة المعارضة، وكان الجميع يعرف ذلك، نعم فقد كان الرجل واضحاً وصريحاً تماماً بمواقفه الوطنية دون ان يخشى أحداًمطلقاً. لذلك فإنك حين تتحدث عن عبد كاظم، فإنك تتحدث عن جبل يمشي على قدمين، وتتحدث عن فارس لم، ولن تنجب مثله الملاعب والميادين أبداً. ولم يخطئ ذلك الصحفي العراقي الكبير الذي قال عن عبد كاظم إنه أسطورة في الكرة والموقف والاخلاق. وبالفعل فإنك لن تجد في تاريخ الكرة العراقية مثالاً للخلق والاحترام مثل أسطورة القيثارة الخضراء والمنتخبات الوطنية عبد كاظم. فعلاوة على تميزه بمواصفات فنية عالية جداً، لكونه لاعباً كفوءاً وموهوباً، فهو يتميز ايضاً بشهادة كل من عاصره بسمو اخلاقه وطيبته واحترامه الكبير سواء لإسمه في الملعب وخارجه، أو لزملائه، أو للشارع الرياضي. لم يكن ابو فراس لاعب كرة القدم متقدماً فحسب، بل كان ايضاً احد ابطال العاب القوى ايام زمان، حيث شارك في سباق 100 متر متنافساً مع مجموعة تمثل افضل ما انتج العراق في الأركاض القصيرة مثل العداء الذهبي المرحوم خضير سلاطة وغيره. وكان عبد آنذاك يلعب لمنتخب بغداد الاهلي تحت اشراف المدرب القدير هادي عباس، الذي اكتشفه وهو طالب في الثانوية. كما كان احد ابطال الوثب الطويل لتربية بغداد ايضا …
ولعل الكثير من ابناء الجيل الجديد لم يتسن لهم مشاهدة المرحوم عبد كاظم، لذلك نقول بأنه كان يتمتع بطول فارع وبنية قوية جداً، وكان واحداً من افضل لاعبي قارة آسيا بألعاب الهواء، فوجوده في الملعب كان ضماناً لاي فريق يلعب له، بأعتباره لاعباً متكاملاً يمثل الدفاع باكمله، فهو يلعب ويقطع ويغطي، كما كان يسدد الركلات الحرة بمهارة عالية، ويقوم بتوجيه اللاعبين من داخل الملعب، فكان عوناً للمدربين الذين كانوا يضعون الخطط الفنية، ويجدون لاعباً يساعدهم في تطبيقها بالملعب. في عام 1965 بدأت شعبيته بالظهور حينما مثل بعض الفرق العراقية، منها فريق اليات الشرطة الشهير حينذاك، والمنتخب العسكري العراقي الذي فاز معه ببطولة العالم العسكرية عام 1972 ، ومنتخب العراق الوطني .
الاعتزال
اعتزل عبد كاظم اللعب بعد رحلات وسباقات وبطولات كثيرة لا تعد ولا تحصى، ليتفرغ للتدريب، فكانت ابرز محطاته التدريبية في اليمن، حين عمل مدرباً لمنتخب اليمن.
بعدها لجأ الى امريكا، وعاش في مدينة ديترويت الأمريكية مع عائلته، وبعض زملائه مثل اللاعب الكببر فلاح حسن، وهداف الزوراء السابق ثامر يوسف وغيرهما .
وبعد عام 2003 عاد الى العراق الذي احبه حد العشق والهيام، ليفارق الحياة فيه فجأة بدون مرض، ولتنطوي واحدة من انصع صفحات الرياضة العراقية، والنضال الوطني المجيد، لكن الاجيال القادمة ستبقى تتذكره دائما بالحب والتقدير والإعتزاز، وما حفلات التأبين والإستذكار التي تقام له في مطلع كل سنة ميلادية جديدة التي تتحول الى مناسبة وطنية رياضية حميمة الا الدليل على الأثر الطيب والعطر الذي تركه الراحل ابو فراس، اذ نرى حضور جميع زملائه ورفاقه ومحبيه في ذكرى وفاته، فتقرأ القصائد بحبه، وتلقى كلمات الحب بحقه، وتنشد الأغنيات اللتي تمجد تاريخه الشريف، فيكون حفل استذكاره السنوي استذكاراً للمواقف والبطولة والتضحيات ..
لذلك قلنا انه ( جبل يمشي على قدمين)
*
اضافة التعليق