جواد الشكرجي : أستعد للحر الرياحي

بغداد- العراق اليوم:

يُعلن الفنان جواد الشكرجي عشقه لمدينة "بغداد" في كل مرةٍ يزورها. فهو يجولها ويلاقي من أهلها ترحيباً خاصاً أينما ذهب. بحيث أنه يتحدث مع الجميع ويجيب عن أسئلة الصحفيين بعفويةٍ وصراحة. وقال: لست غائباً عن الدراما العراقية كثيراً. فآخر عمل قدمته كان مسلسل "الماز" وفي بغداد تحديداً. وهو من تأليف صباح عطوان وإخراج محمد قمر. وسبق لي أن اجتمعت في شبكة الإعلام العراقي مع المدير العام عبد الجبار الشبوط والدكتور علي الشلاه رئيس مجلس الأمناء، وبعض المنتجين. وناقشنا في اللقاء قضية الإنتاج وضعف ميزانية تمويل الأعمال في الوقت الحالي بسبب حالة التقشف العامة. وكانت هناك مقترحات من أجل حلحلة الوضع. وسيكون هناك إنتاج لثلاث مسلسلات على الأقل. وحينما سُئِلت إذا ما كنت مستعداً للمشاركة في أحد هذه الأعمال، أكدت لهم أنني جاهز في أِية لحظة تحتاجني فيها قناة العراقية لأي مسلسل درامي. وقلت لهم حتى إن كنت خارج العراق، سأحضر إلى بغداد لأجل العمل، كما أكدت على كل هذا مع المدير العام لدائرة السينما والمسرح مهند الدليمي وقلت له أنني مستعد لأعمل مع الفرقة القومية بوجود نص جيد ومخرج جيد.

وأضاف: بصراحة أنا اسعى من خلال الإتفاق مع دائرة السينما والمسرح لتقديم مسرحية "الحر الرياحي" التي كتبها الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد وويخرجها غانم حميد. ولفت لأنه كانت هناك معوقات، إلا أنه حين تحاور مع "حميد" حول العمل، بات قادراً على الجزم بأنه سيكون مشروعه المقبل الذي سينطلق مع بداية الموسم، وربما في الشهر التاسع أو العاشر. واستدرك: إن لم نحصل على دعمٍ مادي من وزارة الثقافة أو دائرة السينما والمسرح ستكون هناك رعاية خاصة من قبل محافظتي كربلاء والنجف وبعض رجال الأعمال أو بعض المؤسسات، وأكد على حرصه والمخرج على إنتاج هذا العمل في نهاية السنة على اقل تقدير.

 

وردّا على سؤال إذا ما كان يخشى من ممثل نجم يقف أمامه لاسيما أنه أدى شخصية أبو جهل في مسلسل عمر، أوضح: لا أخشى من الممثل الذي يقف أمامي مهما كانت شهرته ونجوميته. بل أخاف من الشخصية التي أجسدها أنا. فـ"أبو جهل" مثلاً هو الذي كان يقلقني ويخيفني وليس الممثل الآخر. فعندنا دخلت في أعماقه وجدت أن شخصيته هي التي كانت المتسيدة والسائدة. ولقد كان يسمّى بأبي الحكم وليس أبي جهل، لأن النبي (ص) هو الذي أسماه أبو جهل لأسبابٍ عديدة. لكنه كان أبو الحكم الذي دخل دار الندوة وهو في مقتبل العمر. وهذه نقطة مهمة. فأبو جهل كان يرد عليه الله سبحانه وتعالى في القرآن في آياتٍ عندما يتحدث لأن لكل آيةٍ حكاية وحدث. فقد كان مخيفاً، سيد قومه وشجاعاً. ولقد ظهرت شجاعته في لحظة قتله في معركة بدر وقد جثم على صدره عبدالله بن مسعود، فكان يقول له: "لقد ارتقيت مرتقى صعباً يا رويعيّ الغنم"، لذلك، أقول أن المخيف كان في شخصية أبي جهل وليس في الممثل الذي جسّد الدور أمامي.

واستطرد موضحاً أن الولوج إلى الشخصية صعب. والدخول الى الشخصية عالم آخر. وقال: أبعاد الشخصية التي كنا نقرأ عنها في معهد الفنون الجميلة "البعد الجسماني والنفسي والإقتصادي" ما عاد لها تأثير. المهم الآن هو أن أعرف أنا كممثل كيف أدخل إلى الشخصية. أي من أي منطلق ومن أين أمسك بها. فأنا أمسك بنقاط ضعفها وليس بنقاط قوتها، لأن نقاط القوة بارزة للعيان، أما نقاط الضعف المختبئة خلف الشخصية، هي التي أحاول الإمساك بها قدر المستطاع. وحين أتمكن من ذلك، أتملك الشخصية بسهولة. لذلك، يمكنني القول أن ضعف "أبو جهل" هو أنه كان يتمنى أن يكون نبياً بدلاً من النبي محمد (ص). ولكنني كنت أنظر إلى قوته في تاريخه وكرمه. وأنا تعاطفت مع شخصية أبي جهل لسببٍ بسيط وهو أنني افترضت متسائلاً "لو لم يكن أبو جهل في زمن النبي (ص) ما كان ليكون في تلك الفترة"؟ وكان جوابي "لكان سيد قومه". فنحن إلى يومنا هذا نتحدث عنه. وهذه نفس مشكلة سالاري مع موزارت. فقد تحول سالاري إلى مدير مخابرات وقاتل لأن الغيرة دخلت في جسده وعقله وضميره إلى حد أنه استطاع ان يقتل "موزارت الشاب" الذي مات مبكراً وترك إرثاً عظيماً في الموسيقى. وفي الحقيقة أنا ادرس الكثير من الشخصيات من هذه الجوانب.

ولفت الشكرجي لأنه يعيش قلقاً يومياً منذ أن خلقه الله إلى يومه هذا. وشرح: مثلما يقول المتنبي "على قلق كأن الريح تحتي، أوجهها جنوباً أو شمالاً". هذا القلق الذي يفترض أن يكون في ذات الكاتب والشاعر والتشكيلي بل حتى في ذات الإنسان، هو القلق المشروع، والخوف المشروع. وهو الذي نعمل عليه دائماً. لذلك، أنا لا أقلق ولا أخاف من ممثل عربي مهما كانت قامته. واستطرد من جعبة ذاكرته قائلاً: في يوم من الأيام دخلت على صدام حسين. كان ذلك عام 1978. والدخول عليه كان مرعباً وإن كان نائباً للرئيس. فافترضت في داخلي أنني داخل على ممثل يجسد شخصية صدام حسين وأنا ممثل أجسد شخصية مواطن إسمه جواد الشكرجي، فكنت وإياه ألعب هذه اللعبة، فلم أرتبك ولم أخف .

وختم "الشكرجي: في كل مرة أعود إلى بغداد لأملأ رئتي بهوائها وأمتع بصري بمرأى دجلة وشارعه الممتد من جسر الجمهورية إلى أبعد نقطة من شارع أبي نؤاس لأستعيد تلك الذكريات الواحدة تلو الذكرى والصورة تلو الصورة، وأردد في كل صباح: صباح الخير على بغداد، على شوارعها وحاراتها ومقاهيها، لماضيها الجميل ولإنسانها المتوقد والمضيء في كل زمان .

 

 

علق هنا