بغداد- العراق اليوم:
اكتشف باحثون أن آباء الفتيات يستخدمون لغةً مختلفة، ويُظهِرُون مستويات مختلفة من الانتباه تجاههن، مقارنةً بآباء الأطفال من الذكور، إضافة إلى ذلك تختلف الاستجابة التي تُبديها عقول آباء الفتيات تجاه صورهن عن استجابة عقول آباء الذكور تجاه صور أولادهم، وهذا وفقاً للاكتشافات المنشورة في دورية علم الأعصاب السلوكي الأميركية.
وقالت جينيفر ماسكارو، الباحثة الرئيسية في الدراسة والأستاذة المساعدة في مجال الأسرة والطب الوقائي في كلية الطب بجامعة إيموري في أتلانتا، إنَّ الاكتشافات تُشير إلى أنَّ التباين في تعامل الآباء مع أطفالهم على أساس جنسهم يظهر والأطفال ما يزالوا صغار السن، فالآباء الذين أجريت عليهم الدراسة تتراوح أعمار أولادهم بين عام وثلاثة أعوام، بحسب النسخة الأميركية لموقع “هاف بوست”.
ولرصد التفاعلات الحقيقية بين الآباء والأطفال الصغار، أجرى الباحثون دراسةً على 52 رجلاً تتراوح أعمارهم بين 21 و55 عاماً، يعيشون جميعهم في أتلانتا، ولديهم طفل ذكر أو أنثى عمره بين عام وعامين. وكان لدى 30 شخصاً من بين هؤلاء الرجال أطفال إناث وليس ذكوراً.
ومُنِحَ كل أب جهاز تسجيل صغيراً، وطُلِب منهم وضع الجهاز على أحزمتهم خلال يومٍ عادي من أيام الأسبوع، وخلال أحد أيام العطلة الأسبوعية. وكانت الأجهزة مُبرمجة لتسجيل مقطع من 59 ثانية كل 9 دقائق، لكن لم يكن الآباء ولا الأطفال يعلمون وقت التسجيل.
وقالت جينيفر: “يتصرف الناس بتلقائيةٍ شديدة حين يرتدون جهاز التسجيل، لأنَّهم لم يكونوا يعرفون أبداً متى يعمل الجهاز أو متى يتوقف”.
وانتهى البحث بحصول الباحثين على تسجيل صوتي مدته ساعتان من كل أب، وحولوا تلك التسجيلات فيما بعد لملفاتٍ كتابية، ومن ثم قيَّموا وحللوا حرص الآباء تجاه أبنائهم، وسلوكهم ولغتهم التي استخدموها في التفاعل معهم، سواء كانوا إناثاً أو ذكوراً.
الفروق بين الجنسين
اكتشفت الدراسة أنَّ آباء الإناث يغنون لفتياتهم أكثر من غناء آباء الذكور لأولادهم. وعند الحديث، يستخدم آباء الفتيات كلماتٍ مُرتبطة بالحزن مثل: البكاء، والدموع، والوحدة، وكلماتٍ تشير لأجزاء الجسد مثل: معدة، وقدم، وبطن، أكثر بكثير مقارنةً بآباء الذكور.
بالإضافة لذلك، استخدم الآباء مع فتياتهم كلماتٍ تحليلية مثل: أكثر، وأفضل، أكثر من استخدام آباء الذكور لها، وهو الأمر الذي تقول عنه جينيفر إنَّه ييسر عملية تطوير أكثر تعقيداً للغة.
ومن ناحيةٍ أخرى، كشفت الدراسة أن آباء الأطفال من الذكور استخدموا كلماتٍ مُحفزة على الإنجاز مثل: الفوز، والفخر، والمقدمة، كما مارسوا ألعاباً أكثر خشونة وعشوائية مثل الدغدغة أو رمي الطفل في الهواء.
أما عن الانتباه، فوفقاً لاكتشافات الدراسة، فإن آباء الفتيات كانوا أكثر سرعة في الاستجابة لاحتياجاتهن من آباء الذكور.
وعندما عُرِضَ على الآباء صور لأطفالهم بتعبيرات وجوهٍ مختلفة، أظهر المسح الدماغي أن الآباء كانت لديهم استجاباتٌ عصبية قوية لوجوه فتياتهم وهن سعيدات في مناطق استجابات المكافأة ومناطق الضبط العاطفي في العقل، وكانت هذه الاستجابات أكثر بكثير من الاستجابات حين قامت الفتيات بتعبيراتٍ أخرى في الصور.
أما عقول آباء الذكور فكانت على النقيض، إذ كانت استجاباتهم أكثر غلظة تجاه تعبيرات وجوه أبنائهم المحايدة من استجاباتهم تجاه أي تعبيراتٍ أخرى.
وقالت جينيفر إنَّ تجاوب الآباء أكثر مع التعبيرات المحايدة على وجوه أطفالهم الذكور كان مفاجئاً، وأضافت أنَّ الآباء قد يكونون أكثر حرصاً تجاه تعبيرات وجوه أبنائهم المحايدة لأنَّها أكثر غموضاً، ولا تعبر عما يشعر به الابن، وعليه فهم بحاجة لقراءة ما بين السطور ليفهموا أكثر.
وأكملت جينيفر أنَّ أحد التفسيرات الممكنة لاختلاف ردود أفعال الآباء السلوكية والعاطفية تجاه أبنائهم الصغار قد تكون له أبعاد بيولوجية، وهذا يعني أنَّ الرجال يمكن أن يكونوا جينياً يميلون للتصرف بشكلٍ مختلف تجاه الأبناء والبنات.
وأضافت أنَّ هناك احتمالاً آخر، وهو أنَّ هناك أعرافاً وموروثات مجتمعية، وثقافية، وجنسية عن الطريقة التي يحب أن يتعامل بها الآباء مع الأبناء والبنات، فالدراسة تعاملت مع الآباء في جانبٍ واحد فقط.
واقترحت جينيفر أنَّ الاختلاف في السلوك يمكن أن يكون لأسبابٍ ثقافية وبيولوجية معاً، بمعنى آخر، قد تكون هناك اختلافات في الطريقة التي يتعامل بها الفتيات والفتية الصغار مع آبائهم، مما يشجع الآباء على انتهاج السلوكيات التي يقومون بها كرد فعلٍ لذلك، فتزيد بالضرورة هذه التصرفات في الأطفال ويتمسكون بها.
وقال الباحثون إنَّهم لا يمكنهم ربط اكتشافاتهم في الدراسة بأي آثارٍ طويلة المدى على الأطفال، مثل التطور العقلي أو العاطفي أو الاجتماعي في فترة الشباب. أما جينيفر فختمت قائلةً إنَّ حقائق مثل الظهور المبكر للاختلافات في سلوك الآباء تجاه أبنائهم وبناتهم ضروري، لأنَّه يساعد الباحثين على فهم كيفية تدعيم وتطوُّر أدوار الجنسين.
*
اضافة التعليق