بغداد- العراق اليوم:
يؤكد محللون أن تفجيرات طهران الدامية اليوم الأربعاء، ترجمة فعلية لما قاله ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، حول نقل المعركة إلى داخل إيران، وهي إشارة واضحة الدلالة على التوجه السعودي في تسخين كافة الجبهات، وقرع طبول الحرب على جميع الخصوم في المنطقة، أذن، فعلها السعودي هذه المرة علانيةً، وتخلص من لعبة التخفي خلف أقنعة الجماعات الإرهابية، أو المليشيات المحلية، أو اللعب على الانقسامات السياسية، وأصبحت المملكة، غرفة عمليات مشتركة للمخابرات الأمريكية - الإسرائيلية لتدمير أعدائهم في المنطقة، بمال السعودية الوفير، ونفوذها الديني الطائفي .
قبل اقل من شهر ظهر محمد بن سلمان، وهو يردد مقولات جديدة في لغة الصراع في المنطقة، محمد بن سلمان، الطامح لخلافة أبيه الكهل، قالها دون مواربة أو دبلوماسية، أن الوقت قد حان كي تترجم السعودية عدائها وخصوماتها الى أفعال على الأرض، فهل وعت إيران تلك الرسائل، وهل استعدت لهذا بما يكفي، أم ان دوائر صنع القرار في طهران، استهزأت بهذا التوجه، واعتبرته مجرد غرور وطيش أمير شاب طامح، لا يعي ما يعني ان تندلع حرب على ضفتي الخليج !!
الوقائع على الأرض، تدل على أن ايران، ابقت خطوط التماس الدبلوماسي فعالة مع الرياض، وحاولت احتواء هذا التوتير، وتسخين الجبهات، الا ان السعودية يبدو كانت اكثر اصراراً على مواصلة المواجهة، ورفع مستواها الى أعلى حد ممكن، من هنا يمكن أن نقرأ ما حدث في العاصمة طهران، وان لا يبعدنا إعلان تنظيم داعش السريع عن تبنيه العمليتين الإرهابيتين عن توجيه الاتهام للفاعل الرئيس، فهذه العمليات التي يبدو أنها ستتزايد مالم تتخذ طهران اجراءات سريعة، تحمل بصمات مخابراتية واضحة، وليس لداعش هذه القدرة على اختراق النظام الامني في الجمهورية الاسلامية.
في أخر الأخبار، أعلن تنظيم داعش ، وفقا لوكالة "أعماق" التابعة له إنه نفذ هجومين انتحاريين بسترتين ناسفتين في ضريح الامام الخميني وسط طهران.
وقالت وكالة "فارس" إن مهاجمي البرلمان كانوا ثلاثة أشخاص، اثنان منهم مسلحان ببندقيتي "كلاشينكوف" والثالث يحمل مسدسا، وأنهم تمكنوا من الهرب جميعا وأن قوات الأمن تواصل ملاحقتهم للقبض عليهم.
أما وكالة "تسنيم" فقد قالت إن سبعة أشخاص استشهدوا حتى الآن في الهجوم على البرلمان وهناك أنباء تفيد بأن المهاجمين يحتجزون أربعة أشخاص كرهائن في إحدى طوابق مبنى البرلمان.
وأضافت أن "الاشتباكات انتقلت بالكامل إلى الجانب الغربي من مبنى البرلمان، ويتواجد المهاجمين في الطابقين الخامس والسادس، فيما يتموضع قناصو قوات الأمن في المباني المجاورة للمجلس".
واشتدت الاشتباكات في البرلمان، فيما سمع انفجار في الطابق الخامس للمبنى، حيث قالت هيئة الإذاعة الإيرانية إن "انتحاريا فجر نفسه في أروقة البرلمان".
وأوضحت "تسنيم" أن "أحد المهاجمين تمكن من الخروج من مبنى البرلمان وأطلق النار في مختلف الاتجاهات في الشارع المؤدي إلى المبنى نفسه".
وكان المتحدث باسم لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني قال إن "صوت إطلاق النار لازال متواصلا لكن قوات الأمن تسيطر على مبنى البرلمان"، معربا عن أمله في أن "تتمكن القوات الأمنية من إعادة الأمن بشكل كامل إلى مبنى البرلمان".
ونقلا عن وسائل إعلام إيرانية فإن قوات خاصة من الأمن الإيراني اقتحمت مبنى البرلمان، فيما أغلقت السلطات جميع الطرق المؤدية إلى البرلمان.
من جهتها قالت وكالة "مهر" إن "قوى الأمن والشرطة في البرلمان الإيراني ألقت القبض على شخص أطلق النار بعد اقتحامه مبنى للبرلمان"، لافتة إلى أن "الجهات المعنية تقوم الآن بالتحقيق في هذه الحادثة".
وعلى صعيد آخر، فقد هاجم مسلحون مجهولون ضريح مرشد إيران السابق الامام الخميني جنوبي طهران ما أدى إلى استشهاد شخص وإصابة خمسة آخرين بجروح.
وقال التلفزيون الإيراني إن أحد المسلحين قتل أثناء الاشتباك مع قوات الأمن، فيما اعتقلت امرأة، ومازالت الاشتباك مستمرا"، موضحا أن "المهاجمين دخلوا من الباب الغربي للضريح ".
من جانبه قال المدير العام للعلاقات العامة في ضريح الخميني أن المسلح كان يحمل حزاما ناسفا وبعد إطلاق النار بادر بتفجير نفسه أمام مقر البنك الزراعي "بنك كشاورزي" بالقرب من الضريح.
وعلى خلفية ذلك، أعلن وزير الداخلية الإيراني عبد الرحمن فضلي، عقد اجتماع طارئ للمجلس الأمني لطهران. وقال الوزير: "لا يمكننا الحديث عن شيء الآن، يجب أن يتم عقد اجتماع للمجلس الأمني في طهران".
هذا في الشأن الميداني، أما في الشأن السياسي، فأن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف يعتزم القيام بزيارة رسمية، اليوم الأربعاء، إلى تركيا لإجراء مباحثات مع مسؤوليها.
وذكرت مصادر دبلوماسية أن ظريف سيبحث مع المسؤولين الأتراك العلاقات الثنائية بين البلدين وقضايا إقليمية في طليعتها الملف السوري.
وأشارت المصادر أن ظريف سيصل أنقرة مساء اليوم ويلتقي نظيره التركي مولود جاويش أوغلو.
هذه الزيارة في هذا التوقيت تحمل أكثر من دلالة، وهي محاولة إيرانية لغرض مواجهة الجنون السعودي، الذي يكاد ان يحرق المنطقة برمتها، وأن يدخلها في حرب لا تبقي ولا تذر، وبحسب مصادر دبلوماسية أيرانية، رفيعة المستوى، فأن الوزير ظريف، يحمل في جعبته، مبادرة ايرانية جديدة، لتخفيف التوتر في الخليج، من خلال اعادة بناء تحالف جديد بناء واكثر برغماتية، بين الجمهورية الاسلامية وتركيا، والعراق وقطر، لغرض الضغط على المحور الذي تقوده السعودية والامارات الذي يريد أن يغير الخارطة السياسية في المنطقة، بل ويعمل على محو دول برمتها من الوجود كما يحدث الان مع قطر .
وتشير المصادر، ان " المحور الجديد الذي تنوي ايران تدشينه، ليس لتوحيد جبهة للحرب، قدر ما هي جبهة تنوي فرض منطق السلام في المنطقة، شريطة ان يوقف الحليفان القطري والتركي دعمها للجماعات الارهابية في العراق وسوريا وبقية الدول ".
ووفقاً لمصدر دبلوماسي تركي، فأن بلاده ترفض منطق السعودية القاضي بنقل المعارك الى بلدان مستقرة، حتى مع وجود تنافس سياسي او خصومة، واشار المصدر الى ان تركيا ترى ان تفكيك محور الدول الممانعة لاسرائيل سيعني فرضاً لقوة اسرائيل كقوة وحيدة في المنطقة .
وأشار المصدر، إلى إن" المحور السعودي والحرب التي تشنها الآن، هي في النهاية، لا تخدم سوى تكريس النفوذ الأمريكي - في المنطقة، مما يعني أن منطقة الشرق الأوسط ستقع تحت منطق قوة وحيدة، وهذا ما لا ترضاه تركيا ولا أي دولة في المنطقة تحرص على استقرار الشرق الأوسط، وعدم تفرد أي قوة ونفوذ فيه ".
الى ذلك رأى الباحث السياسي علي عبد الهادي، في حديث لـ " العراق اليوم"، ان " السعودية بمهاجمتها ايران، وضغطها الكبير على قطر، بدأت تقترب من الاصطدام مع العراق، بل هي الان في وارد القيام بحماقة ضد العراق".
واضاف " هناك معلومات شبه مؤكدة تتداولها الأوساط السياسية، حول نية السعودية ارسال الاف المقاتلين الى المثلث الحدودي العراقي - السوري - الاردني، تحت ذريعة مكافحة داعش، وهذا يعني فيما يعنيه، اننا ازاء تدخل عسكري مباشر من قبل السعودية ضد العراق".
ويشير عبد الهادي الى ضرورة ان تنشط الدبلوماسية العراقية، في دعم محور وقف الشر السعودي، لان هذا الشر سيطال العراق عاجلاً ام آجلاً، لا سيما وان العراق يقترب من هزيمة داعش بشكل نهائي، مما يعني ان القناع يقترب من السقوط، فهل أستعد العراق لمواجهة الوجه الحقيقي للأرهاب ؟.
*
اضافة التعليق