100 مقاتلة فرنسية.. هل تدخل أوكرانيا عصر التفوق الجوي على روسيا؟

بغداد- العراق اليوم:

أعلنت كييف وباريس اتفاقاً دفاعياً جديداً يضع أوكرانيا على مشارف أكبر عملية تحديث لسلاحها الجوي منذ بدء الحرب. 

فبموجب اتفاق يمتد عشرة أعوام، تحصل أوكرانيا على 100 مقاتلة فرنسية من طراز "رافال"، إضافة إلى قدرات دفاعية وجوية مكملة، في خطوة وصفها الرئيس فولوديمير زيلينسكي بأنها "صفقة تاريخية" تحمل أبعاداً تتجاوز مجرد تحديث الأسطول العسكري.

وقع زيلينسكي والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خطاب النوايا في قاعدة جوية قرب باريس، لتبدأ مرحلة جديدة في الدعم الأوروبي لأوكرانيا، وخاصة بعد تباطؤ الجهود الدبلوماسية الأمريكية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار رغم وعود الرئيس دونالد ترامب بإنهاء الحرب خلال 24 ساعة، بحسب مجلة "نيوزويك".

رغم أن أوكرانيا تلقت خلال العامين الماضيين طائرات ميراج 2000 فرنسية، وطائرات سوفيتية قديمة من دول أوروبية، إضافة إلى مقاتلات F-16 الأمريكية، فإن دخول الرافال الخدمة يمثل نقلة نوعية في القدرات الجوية الأوكرانية.

تتميز الرافال، وهي مقاتلة متعددة المهام من الجيل الرابع المتقدم، بقدرتها على تنفيذ مهام الاعتراض الجوي، والهجمات الدقيقة، والتشويش الإلكتروني. 

كما ستحصل كييف على رادارات حديثة ومخزونات من الصواريخ والقنابل الموجهة، وثمانية أنظمة دفاع جوي من طراز SAMP-T التي تُعد من الأكثر قدرة في أوروبا.

لكن حذّر الخبراء من أن هذا التعزيز لن يحدث بين ليلة وضحاها؛ فالتحدي الأكبر يكمن في تدريب الطيارين والفنيين على طراز جديد تماماً، وهو ما يعني أن التشغيل الفعلي للرافال قد يستغرق سنوات، وليس أشهراً.

كما يعتمد التأثير الحقيقي للصفقة على قدرة كييف على دمج هذه المنظومة في بيئة قتال معقدة ومليئة بالتشويش والهجمات الروسية.

ومع ذلك، يؤكد محللون عسكريون أن امتلاك رافال، حتى لو على المدى المتوسط، سيمنح أوكرانيا قدرة أفضل على مواجهة التفوق الروسي في الأجواء، خصوصاً أن الأداء الروسي في الحرب الجوية كان "أقل من المتوقع" كما يصفه خبراء غربيون.

إلى جانب قيمتها العسكرية، يرى مسؤولون في كييف أن الصفقة تحمل رمزية سياسية قوية. فقد قال أوليكساندر ميريزكو، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوكراني، إن الاتفاق يشكل "ضربة سياسية لروسيا" لأنه يعكس التزاماً فرنسياً طويل الأمد بالدفاع عن أوكرانيا رغم الضغوط الروسية المتصاعدة.

وتأتي هذه الخطوة في وقت تحاول فيه أوروبا بناء قدرات دفاعية مشتركة وتجاوز قيود الصناعة الدفاعية، وسط مخاوف من احتمال توسيع روسيا هجماتها في السنوات المقبلة، سواء على دول البلطيق أو البنية التحتية الأوروبية.

دور قيادي في "الناتو"

كما تعكس الصفقة قدرة فرنسا على لعب دور قيادي مستقل داخل "الناتو"، خصوصاً بعد نجاحها في تصدير رافال إلى دول مثل الإمارات وقطر؛ ما يعزز صورة باريس كمورد موثوق للتكنولوجيا العسكرية المتقدمة.

في خلفية المشهد، تبذل أوكرانيا جهوداً لتقوية علاقاتها مع شركات السلاح الدولية؛ فقد أعلن زيلينسكي أنه حضر مع ماكرون اجتماعات مع شركات دفاعية كبرى فرنسية، فيما التقى مسؤولون أوكرانيون قبل أسابيع ممثلين من شركات أميركية مثل لوكهيد مارتن.

يعكس هذا الحراك إدراك كييف أن استمرار الحرب يتطلب مصادر تسليح مستدامة، وأن مخزونات الدفاع الجوي الأوروبية تتعرض لضغط كبير منذ عام 2022. 

وبذلك، تبدو صفقة الرافال خطوة ضمن إستراتيجية طويلة المدى لربط أوكرانيا بالصناعات الدفاعية الغربية وتوسيع قدرتها على الصمود.

في المحصلة، تمثل صفقة رافال تحوّلاً مهماً في جهود أوكرانيا لتعديل ميزان القوى مع روسيا، لكنها ليست حلاً سريعاً؛ فمدى تأثيرها سيعتمد على سرعة التدريب، وحجم الخسائر على الأرض، وقدرة الغرب على الحفاظ على زخم الدعم العسكري في السنوات المقبلة.