بغداد- العراق اليوم:
افتتاحية جريدة الحقيقة
فالح حسون الدراجي
ثمة حكاية نتداولها (عائلياً) منذ أكثر من نصف قرن، مفادها أن مچيسر چاسب أحد أخوال والدتي رحمها الله، كان متطوعاً في الجيش العراقي في مطلع ستينيات القرن الماضي، وقد وصل بفضل سلوكه والتزامه العسكري العالي الى رتبة رئيس عرفاء.. وكان ( مچيسر) المنتسب ( لحامية الحلة ) أنموذجاً في الطيبة والأخلاق العالية، والشهامة والشجاعة أيضاً.. وبقدر ما كان محبوباً من قبل مراتب وحدته، كان محبوباً كذلك من قبل ضباط وآمر الحامية، حتى نسجت حول ضبطه وربطه القصص والحكايات، ومثال على ذلك، أن مچيسر كان يلتحق بوحدته قبل يومين من انتهاء اجازته، وكان يؤدي التحية العسكرية عندما يمر من أمام نافذة غرفة آمر الوحدة رغم علمه ان الآمر مجاز، او في بيته وليس في الوحدة !! لذلك كان الآمر يشيد برئيس العرفاء مچيسر بمناسبة وغير مناسبة، وكان يؤكد باستمرار أن مچيسر أفضل ضابط صف في الجيش العراقي.. لكن وكما يبدو أن كل هذه الإشادة من قبل الآمر، وكل ذاك الحب الذي كان يحظى به من كل الضباط والمراتب، لم يجديا نفعاً، ولم يوفرا لمچيسر حظاً في نيل استحقاقه الطبيعي بالترقية والترفيع الى رتبة نائب ضابط، رغم أن امتيازات رتبة النائب ضابط لم تكن آنذاك بالمستوى الذي أصبح عليه بعد ذاك.. وبعد حرمان مچيسر من الترقية لخمسة مواسم ترفيعية، اضطر الى مراجعة الآمر والسؤال عن سبب عدم ترفيعه مثل بقية زملائه، قائلاً لآمره بحزن: سيدي، ألم تقل إن رئيس عرفاء مچيسر أحد أفضل ضباط الصف في الجيش ؟ فأجابه الآمر قائلاً: نعم، بل أنت أفضلهم على الإطلاق؟ فقال له مچيسر: چا ليش ما ترفعني لرتبة نائب ضابط مثل البقية، وآني استحق صار خمس سنوات ؟! فضحك الآمر وقال: اولاً اريد اسالك سؤالاً واحداً يا عزيزي مچيسر :إنت منين، أقصد من أي محافظة ؟ فقال له: أنا من العمارة كما تعرف سيدي !! فقال له الآمر: لعد اسمع ابني .. أنتم أهل العمارة حدكم لرتبة رئيس عرفاء وتوگفون.. يعني حدكم لهاي الرتبة ما تعبروها.. لا تصعدون ولا تنزلون .. ! فقاطعه مچيسر قائلاً: هل هذا قانون سيدي لو من عدكم أنتم ؟ فقال له الآمر: لا هو مو قانون قانون .. بس تگدر تسميه قانون غير مكتوب.. باختصار أهل العمارة يا إبني حدهم رئيس عرفاء وفي أمان الله .. فغضب مچيسر، وارتفع الدم الى وجنتيه حتى احمرّتا، فنزع البيرية من رأسه ورماها على الآمر قائلاً بصوت عال: چا مادام هيچي تگول.. خلي قانونكم الكم، وآني رايح لقانون أهلي بالعمارة.. فخرج تاركاً الآمر في حيرة ودهشة كبيرتين.. خرج مچيسر ولم يعد للجيش بعدها أبداً، فصار حكاية ومثلاً يضرب بيننا الى اليوم.. لقد تذكرت قانون (العمارة) في (ذلك الزمن) الظالم، وقصة ترفيع خال أمي (مچيسر)، وأنا أرى ابن العمارة محمد شياع السوداني يصبح رئيساً لحكومة العراق برمتها، وينال ( رتبة ) رئيس وزراء العراق كله وليس رتبة نائب ضابط فحسب.. ! لقد تغير الزمن، واندثرت عهود التفرقة والتمييز الباطلة، فانتصر محمد شياع السوداني لمچيسر بل ولجميع (العماريين) الذين ظلمتهم الحكومات المتكبرة، وهمشتهم تلك الأنظمة البائدة، وقذفت بهم تحت عجلات التمييز والحرمان واللا مساواة.. هذا المقال لا علاقة له بالانتخابات، والدعاية الانتخابية، إنما هو حكاية حكيتها أمس لصديقي المناضل الوطني سبهان ملا چياد، والمناضل عرفان الحيالي ونحن نتناول الغداء في بيت ( أبي سعد) الكريم، فاقترح الصديق سبهان عليَّ كتابتها بمقال أنشره في الجريدة ليعرف الناس حجم الظلم الذي عانته بعض المحافظات العراقية الجنوبية، رغم أن سبهان ( تكريتي) وليس ( عمارياً) ، او جنوبياً ..!
فالح الدراجي يتوسط عرفان الحيالي وسبهان ملا چياد
*
اضافة التعليق
غاب ( السيد ) فغاب ( الواهس) عن الثوار ..
الحركات الاجتماعية ترسم خرائط العدالة بفعل التضامن
انعل أبو التسقيط لابو الجابه ..!
برشلونة.. علاج الكآبة والضغط والسكر.. وأمراض الكراهية..!
التماس الى فخامة رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان العراقي المحترمين: رجاءً لا تذهبا الى الدوحة ..!
فضل شاكر.. بين جمال الصوت وبشاعة الطائفية