الوحدة أكثر من شعور.. كيف تؤثر في حياتنا وأفكارنا وحتى أحلامنا

بغداد- العراق اليوم:

اكتشف فريق دولي من العلماء أن الوحدة لا تؤثر فقط على المزاج، بل تمتد آثارها أيضا إلى الشخصية ووظائف الدماغ وجهاز المناعة وحتى طبيعة الأحلام.

وتشير مجلة Nature Human Behavior إلى أن الوحدة ليست مجرد شعور مزعج، بل عامل يمكن أن يغيّر الشخص من الداخل. وقد أظهرت أبحاث حديثة أن العزلة الاجتماعية الطويلة الأمد لا تؤثر على المزاج فحسب، بل تمتد آثارها إلى سمات الشخصية ووظائف الأعضاء، وحتى إلى كيفية معالجة الدماغ للمعلومات الاجتماعية.

وأظهرت استطلاعات واسعة النطاق لكبار السن في الولايات المتحدة أن الأشخاص الذين يشعرون بالوحدة باستمرار يصبحون أقل اجتماعية، وأقل انضباطا، وأكثر قلقا مع مرور الوقت. ويؤكد العلماء أن هذه التغييرات لا تقتصر على الحالة المزاجية الحالية، بل تؤثر على السمات الشخصية الأساسية.

كما ربطت دراسات أخرى بين الوحدة وعدم الاستقرار العاطفي وتراجع تقدير الذات، حيث يصبح هؤلاء الأشخاص أكثر عرضة للشعور بأنهم عبء على أحبائهم. وعلى المستوى الفسيولوجي، تصاحب الوحدة تغيرات في مستويات البروتينات المشاركة في الاستجابات المناعية والعمليات الالتهابية، ما قد يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والسكري.

ووفقا لعلماء النفس الأمريكيين، يكون الأشخاص الذين يعانون من الوحدة أكثر عرضة للكوابيس الليلية، وتكون جودة راحتهم أقل انتعاشا. وأظهرت دراسات التصوير العصبي أن أدمغتهم تتفاعل بشكل مختلف مع الأشخاص المألوفين وحتى مع الشخصيات الخيالية، إذ يصبح الحد الفاصل بين الروابط الحقيقية و"الروابط الاجتماعية الزائفة" في بعض الحالات غير واضح. ويعالج الدماغ الأصدقاء وشخصيات التلفزيون بشكل شبه متطابق تقريبا.

كما أظهرت نتائج متابعة طويلة الأمد لأكثر من 11 ألف شخص في الولايات المتحدة أن الشعور بالوحدة في سن 15 عاما يزيد بشكل كبير من خطر الإصابة بالاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة في مرحلة البلوغ.

ويؤكد العلماء أن الوحدة ليست مجرد نقص في الرفقة، بل تجربة معقدة ومتعددة الطبقات، تغير تدريجيا طريقة شعور الشخص وتفكيره وتفاعله مع العالم.

علق هنا