بين سمير الشيخلي وعبد الأمير الشمري

بغداد- العراق اليوم:

الكاتب الدكتور حميد عبدالله

أقسم الفريق اول الركن عبد الأمير الشمري اغلظ الايمان بانه لن يقبل باي منصب يسند اليه بعد ان تنتهي ولايته الحكومية وزيرا  للداخلية، وشدد على ان أعز مكان في الدنا  ( بيت اهله في الديوانية ) ، وخير جليس في الزمان ( عائلته واصدقاؤه ومحبوه)!

 قلت له  انا لشائعات تذهب الى : انك رئيس وزراء العراق القادم ،  فرد بايجاز قاطع: لن اقبلها ولو  جاءتني على طبق من ذهب وفضة وياقوت! 

سجل الشمري قصة نجاح نادرة في مرحلة مابعد 2003 ذكرتني بقصة نجاح  مماثلة سجلها سلفه  الأسبق سمير الشيخلي رغم الفارق  الشاسع في البيئة السياسية ، وطبيعة النظامين ،  ومعايير النجاح بين زمنين وعهدين  .

عرف عن الشيخلي  انه يلاحق عصابات الجريمة  بنفسه في درابين بغداد  وازقتها   ، ويداهم مراكز الشرطة  بزيارات مفاجئة ،  ويتابع دون كلل  دوائر وزارته ويقف على ادق تفاصيلها ، ومن يراجع   السجلات  الامنية في عقد الثمانينات  سيجد ان مستوى الجريمة قد  هبط الى  صفر من مائة في بعض الاشهر  من  ولاية الشيخلي على الداخلية  .

اما قصة النجاح التي  صنعها عبد الأمير الشمري فلها وجهان عبر هو عن الوجه الأول  بالقول:  انني  حتى الان  لم أحقق مكاسب ملموسة لكنني  نجحت في  إيقاف التداعيالذي كان يعصف بالوزارة ،  ولا خطوة الى الامام  الا  بإعادة حركة الدواليب  ومنعها من  الدوران الى الخلف .

اذا كانت ثمة حسنة تحسب  لرئيس الحكومة محمد شياع السوداني  فهي باختيار ضابط حازم ودؤوب وميداني  وزيرا لاهم واخطر وزارة تقاسمتها ،على مدى عقدين ، نزعة الأحزاب   في الاستحواذ على  جميع مفاصل السلطة، وشهوة السياسيين بالاستيلاء عليها والعبث بمقدراتها  .

من ابلغ صور افتراس وزارة الداخلية منقبل أحزاب السلطةان عدد وكلاء الوزارة قد بلغ في سنوات مضت اكثر من أربعة وكلاء كل واحد يمثل حزبه أوطائفته أو قوميته او كتلته ، ولكل  منهم   مآرب يبتغي تحقيقها  ، وضروع   يخطط لحلبها !

للنجاح عشر خطوات تسع منها تصنعها الأدوات ، فلا نجاح مع أدوات فاشلة ولا فشل مع أدوات ناجحة ، ولما كان الشمري ضابط صواريخ ماهرا فانه يحسن  التعاطى مع الاحداثيات ، وما ان  تسنم منصبه حتى وجه صواريخه نحو المواقع التي يشغلها فاشلون او فاسدون  فأصابها بدقة !

الفشل والفساد كلاهما يجر العربة الى الخلف ، وان استعصت عليهما فانهما يعطلان  دواليبها عن الدوران ، وفي الداخلية ( ارث) متراكم  منهما!

ثمة نجاح سهل يصنع في  ظرف سهل،  يقابله نجاح صعب يصنع في بيئة شائكة ومعقدة  ،  وبالعودة الى الشيخلي فان نجاحه صنع في بيئة محكومة بنظام   حديدي يمسك بكل شيء ،  ويضبط كل شيء  بجهاز تحكم تمسكه يد واحدة ، وبالتالي فان الدولة بكل ثقلها وشموليتها ورمزيتهاتقف خلف وزرائها  ان نجحوا ، وتطوح بهم اذا  فشلوا  .

يوم كان الشيخلي وزيرا   للداخلية كان عبد الأمير الشمري ضابطا  برتبة ملازم لم يخط بباله ان تمتلأ كتفاه ذات يوم بالنجوم ليضع على كل كتف عشر نجمات مختزلة بالنسر  والسيفين المتقاطعين تتوسطهما نجمتان ، وربما كان يرتعد خوفا اذا اقترب من مبنى  وزارة الداخلية،حتى دارت الأيام دورتها ودفعت به  ليتربع عرشها  باستحقاق.

 صورة الشمري ،كما تظهرها وسائل الاعلام ، تشي بقسوة وصرامة وحزم وتجهم لكن وجهه الاخر يعكس اريحية نادرة ، ومرح شفيف تعكسه ابتسامة دائمة .

لن ينجح الوزير اذا كان سجين مكتبه ، واسير حاشيته ،  والشمري يعشق الميدان ربما  بسبب مهنته كضابط صواريخ  يقضى اشهرا طوال في  الصحارى ، يضع الاحداثيات، ويدقق في المديات ، وان عادد الى ثكنته فانه  يقضي النهار  بقيافة  الميدان  موزعا بين التدريب والدرس والتعبئة ومراقبة انضباط  معيته.

حتى وان اقتصرت نجاحات الشمري على إيقاف التداعي حسب قوله فانه نجاح يساوي   بقيمته  عشرة نجاحات تصنع في الظروف اليسيرة والسلسة.

الوزير في دولة تتعدد فيها الرؤوس ، ويكثر فيها ضابطو الإيقاع ، ويتقاسم مناصبها  النافذون ، وتتوزع خيراتها بين ألمتغانمين ، أقول الوزير في دولة كهذه  محكوم عليه بالفشل فان نجح او خطى خطوات لافتة على طريق النجاح فان نجاحه يساوي الف نجاح.

 

علق هنا