لماذا يرغب الشارع العراقي بتجديد الثقة بالكاظمي؟

بغداد- العراق اليوم:

فيما سبق اشرنا في مقالات وتقارير متعددة، عن ضرورة أن يكون منصب رئيس الوزراء في العراق، منصباً يشترك الجميع في صناعته، دون ان يعني هذا تقويض حق الأغلبية النيابية، أو المكون الاجتماعي، لكن اشتراك الجميع، يأتي عبر الرضا والتوافق والاطمئنان لسيرة ومسيرة هذا الرئيس، فبالنهاية سيكون الجميع تحت حكم هذا الرئيس، ويتأثرون بسياساته، ويتأثرون بتوجهاته وميوله، لذا فأن اللاعب السياسي الشيعي، حاول قبل تكليف الكاظمي عرض خيارات متعددة، قوبلت في الأغلب بالتوجس أو الرفض الصريح من داخل المكون الشيعي، وأيضاً من المكونات الأخرى، خصوصاً السنة والأكراد.

بعد تكليف الكاظمي ومسيرته الحكومية، يبدو أن الأطراف الأخرى، مطمئنة تماماً الى مسيرة الرجل، ونرى ان كثيراً من العقد التي كانت تقف بوجه رؤساء الحكومات السابقين، قد حلت بشكل تلقائي، واتضح انها كانت مخاوف، اكثر من كونها عقداً حقيقة، بل بتنا نسمع ترحيباً بشن القوات العسكرية مثلاً عمليات في بعض المناطق السنية حين يطلقها رئيس الوزراء لملاحقة فلول داعش والأرهاب، فيما كنا نسمع اصواتاً وصيحات تتعالى بسبب مخاوف من توجهات أخرى تقف وراء مثل هذه الحملات، وهذا مثال بسيط يدلنا على أن المكونات الاجتماعية المتشاركة بالحكم، يمكنها ان تتعايش مع الحاكم أو المسؤول ان أمنت جوانب شخصيته من النواحي المذهبية أو العرقية أو النزوع الطائفية.

 لاشك ان الكاظمي مواطن عراقي شيعي الانتماء، ويعتز بهذا الانتماء، لكنهُ يبدو الأبعد عن الطائفية ومساراتها الضيقة، ولم تتضح أي نوايا او توجهات فئوية له طوال مدة حكمه، الامر الذي دفع بالطائفية الى الخلف كثيراً، وقطع مجلس النواب السابق شوطاً في اقرار بعض القرارات والقوانين المختلف عليها، ولا تزال الأجواء مهيئة تماماً للمضي بتشريعات وقوانين وقرارات وطنية يمكن ان تُستكمل بلا معرقلات ومخاوف لو أتيحت الفرصة للرجل ليكمل المهمة في دورة نيابية كاملة، وبصلاحيات حكومية واسعة.

نعم، عالج الكاظمي المواقف والترسبات السابقة بكثير من العقلانية، والخطاب الوطني ولم يُخضع منطق الدولة لانتماءات فرعية، ولم يُغرقها في خطابات أحادية، قدر ما صنع اجواءً تشاركية واضحة، وقبرَ الطائفية بشكل واضح وصريح في أي تعامل من تعاملات الحكومة, الأمر الذي وضع دعاة الخطاب الطائفي في خانة ضيقة، وحالة رفض شعبي واسع لمثل هذه النبرة.

أن هذا العمل الوطني هو ثمرة من ثمار تكليف شخصية مثل الكاظمي، ولا نزال بحاجة الى ان نستكمل اشواطاً اضافية في طريق تحرير الإرادة الوطنية من الانغلاقات الماضية التي اخذتنا الى حروب داخلية، ومشهد دامِ لا يريد الجميع العودة اليه، باستثناء من في قلوبهم مرض الطائفية اللعين.

علق هنا