عيد العمال الأول من نوعه.. عاملون متضررون وأصحاب مليارات ينتفعون!

بغداد- العراق اليوم:

جاء عيد العمال العالمي مختلفاً هذا العام، وسط أجواء من العزلة والحجر الصحي في عشرات الدول حول العالم، نظراً لتفشي وباء كورونا المستجد، الذي أصاب أكثر من ثلاثة ملايين شخص حتى الآن، وأودى بحياة أكثر من مئتي ألف.   

ورصد تقرير فرنسي تابعه "العراق اليوم"، اليوم (1 آيار 2020)، كيفية تأثير العزل الصحي على العمال، في مقابل زيادة زيادة ملحوظة بنسبة غنى أصحاب المليارات.  

وأدناه نص التقرير:  

"يحتفل سكان العالم المعزولون الجمعة بعيد العمّال بشكل غير مسبوق من دون أي تظاهرات ولا تجمّعات منتظرة، بسبب تفشي وباء كوفيد-19 الذي أودى بحياة أكثر من 230 ألف شخص في العالم ويثقل كاهل الاقتصاد العالمي، مؤججاً الخلاف بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب وبكين.  

ولمناسبة عيد العمال وهو يوم عطلة رسمية في عدد كبير من دول العالم، لن تُقام أية مسيرات تقليدية للنقابات ما أرغم هذه الأخيرة على ابتكار أشكال أخرى من التحرك: تعبئة افتراضية على مواقع التواصل الاجتماعي أو الوقوف على الشرفات.  

وهكذا حصل في إندونيسيا، حيث نشرت النقابة الرئيسية لافتات في مئتي مدينة وأطلقت حملة رقمية تدعو إلى "التظاهر من المنازل".  

والمطلب الرئيسي هو أن يكون دفع الأجور مضموناً في حين أرغم الوباء في كافة أنحاء العالم عددا كبيرا من الشركات على تخفيض أو تعليق نشاطها.  

في الفلبين، حذّر المسؤول النقابي جيروم أدونيس من أن حوالى 23 مليون شخص أي نحو ربع السكان، مهددون بالمجاعة بموجب قاعدة "لا عمل لا راتب".  

وبحسب منظمة العمل الدولية، فإن 1,6 مليار شخص على الأقل قد يخسرون موارد رزقهم بسبب العزل والركود التاريخي الناجم عن هذا الإجراء. 

رسوم عقابية   

واستُكملت سلسلة الأرقام الاقتصادية السيئة الجمعة: فقد أعلنت إسبانيا، إحدى الدول الأكثر تضرراً من الوباء في أوروبا، أنها تتوقع تراجع اقتصادها بنسبة 9,2% هذا العام. وفي منطقة اليورو، تراجع النشاط بنسبة 3,8% في الفصل الأول من العام وبنسبة 4,8% على أساس سنوي في الولايات المتحدة. ويبدو أن في الفصل الثاني ستكون الأرقام أسوأ.  

وفي هذا السياق، أعلن ترامب الخميس أنه يفكّر في فرض رسوم عقابيّة على بكين، بعدما قال إنّه اطّلع على أدلّة تشير إلى أنّ مصدر كورونا المستجدّ هو مختبر شديد الحساسية في مدينة ووهان الصينية حيث ظهر الوباء للمرة الأولى في كانون الأول/ديسمبر 2019.  

وقال "إنّه شيء كان يمكن احتواؤه في مكان المنشأ. وأعتقد أنّه كان من الممكن احتواؤه بسهولة كبيرة".  

وأعلنت منظمة الصحة العالمية التي تواجه انتقادات متكررة من جانب ترامب بشأن إدارتها للوباء، الجمعة نيّتها التحقيق بشأن مصدر الفيروس وطلبت من الصين توجيه "دعوة" إليها من أجل هذه الغاية.  

وفي الولايات المتحدة حيث يودي الوباء بحياة حوالى ألفي شخص يومياً وبلغت حصيلة الوفيات الإجمالية أكثر من 63 ألفاً، قدّم أكثر من 30 مليون أميركي طلبات للحصول على إعانات بطالة منذ منتصف آذار/مارس، في عدد قياسي.  

وأعلنت مجموعة بوينغ للصناعات الجوية التي تضررت بشدة بسبب توقف الرحلات الدولية، إطلاق سندات بقيمة 25 مليارات دولار.  

من جهتها، أعلنت خطوط راين اير الجوية الإيرلندية المنخفضة الكلفة الجمعة عزمها إلغاء ثلاثة آلاف وظيفة تطال الطيارين وطواقم الجو أي ما يمثل 15 بالمئة من موظفيها.  

في دول إفريقية عدة، توقفت تقريباً التحويلات المالية من العمال المهاجرين إلى أوروبا. وقال تيديان كونتي في دكار "شقيقي يعمل في الزراعة في سرقسطة (شمال إسبانيا). آخر مرة أرسل لنا المال في شباط/فبراير". 

 أصحاب المليارات أصبحوا أغنى بـ10%   

لا يؤثر العزل على الأغنياء والفقراء بالطريقة نفسها: فبين 18 آذار/مارس و10 نيسان/أبريل، ارتفعت ثروة أصحاب المليارات الأميركيين بحوالى 10%، أي 282 مليار دولار، خصوصاً بفضل الارتفاع الذي سجّلته بورصات شركات التكنولوجيا، مثل أمازون، وفق دراسة أميركية.  

في أوروبا، القارة الأكثر تأثراً بالوباء في العالم مع أكثر من 137 ألف وفاة، أعلن البنك المركزي الأوروبي الذي لطالما كان منقذ منطقة اليورو، الخميس أنه "مستعدّ" لتعزيز دعمه للاقتصاد، في حين لا تزال الدول الأوروبية الـ27 منقسمة حول خطة الإنعاش المشتركة.  

في بريطانيا، ثاني دولة أكثر تضرراً بالوباء في أوروبا بعد إيطاليا مع 26711 وفاة، بلغ المرض ذروته وفق قول رئيس الوزراء بوريس جونسون الذي وعد بخطة رفع العزل الأسبوع المقبل على غرار دول أوروبية أخرى.  

وتبنت ألمانيا التي خرجت قوية من المعركة ضد الوباء العالمي، تدابير جديدة لرفع العزل مثل إعادة فتح المراكز الثقافية والمتاحف وحدائق الحيوانات. إلا أن المقاهي والمطاعم ستبقى مغلقة حتى السادس من أيار/مايو على الأقلّ.  

وأشارت المستشارة أنغيلا ميركل إلى أن مسألة فتح الحدود مع الدول الأوروبية ليست مطروحة في الوقت الحالي، مقابل خطر موجة ثانية من الإصابات.  

وهذا الخطر نفسه دفع السلطات الإيطالية إلى عدم فتح المدارس خلافا لفرنسا ودول أوروبية أخرى.  

في إسبانيا، حيث يستمرّ تباطؤ الوباء بتسجيلها 281 وفاة في 24 ساعة ما يرفع حصيلة الوفيات الإجمالية إلى 24824، سيتمّ مجددا تخفيف بعض اجراءات العزل، فسُيسمح بالخروج للقيام بالرياضة اليومية. ويأتي ذلك بعد السماح بخروج الأطفال. 

 "غير مرئيين في مجتمعاتنا"   

في أميركا اللاتينية، تعتزم دول عدة أيضاً رفع بعض القيود. لكن مدير قسم الأمراض المعدية في منظمة الصحة لدول القارة الأميركية ماركوس اسبينال حذّر من أن "تخفيفاً فورياً للتدابير قد يكون كارثياً".  

في هذا الوقت، في كوبا، يتمرن رياضيون وموسيقيون على سطوح مبانيهم على غرار وليام روبليخو وهو عازف كمان يبلغ 35 عاماً. ويروي في هافانا "أنا سعيد جداً، لقد عُزلت لمدة 20 أو 25 يوماً".  

في البرازيل، تمّ تمديد اجراءات العزل الخميس في ريو دو جانيرو حتى 11 أيار/مايو، في قرار اتُخذ خلافا لمواقف الرئيس جاير بولسونارو الذي يدافع عن استئناف النشاط الاقتصادي مهما كلّف الأمر.  

وألمح رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي إلى أنه يُفترض أن يتمّ تمديد حال الطوارئ الصحية أيضاً في بلاده إلى ما بعد السادس من أيار/مايو.  

في فرنسا، حيث تقليد عيد العمال قديم جداً، أرادت نقابات تخصيص هذا اليوم لأشخاص "غير مرئيين في مجتمعاتنا" على غرار العاملين في مجال الرعاية الصحية وموظفي الصناديق في المتاجر، الذين "يواصلون العمل وفي أغلب الأحيان يخاطرون بحياتهم".  

في اسطنبول، أوقفت الشرطة التركية الجمعة عددا من المسؤولين النقابيين الذين كانوا يتظاهرون احتفالا بعيد العمال على الرغم من حظر الخروج إلى الشوارع. 

علق هنا