لماذا يصر عبد المهدي على استبعاد الأعرجي والحيالي من الأمن الوطني ؟!

بغداد- العراق اليوم:

ملفت للنظر هذا الذي يحدث للمرة الثانية على التوالي، حيث يتجاهل رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة عادل عبد المهدي، أهم شخصيتين في بنية الأمن الوطني العراقي من اجتماعات مجلس الأمن الوطني، في موقف غامض لا يمكن قراءته وتحليله في أي سياق سوى أن عبد المهدي يخضع لضغوطات غير مبررة من جهات سياسية تدس أنفها في ملف أمني بحت، أو أن الرجل لديه خصومة شخصية مع قيادات هذا الجهاز الحالية، وهو أمر مستبعد نظراً لشخصية عبد المهدي المتصالحة والبعيدة عن الخصومات الشخصية او منطق الثأر والعداوة، ثم لم هذه العداوة، اذا كان الاعرجي لم يختلف من قبل حتى مجرد اختلاف مع عبد المهدي في حين ان عرفان الحيالي لا يعرف  السيد عادل ولم يلتق به من قبل، فكيف تشكلت العداوة أو الضغطنة بينهم إذن ؟

واذا لم يكن رئيس الوزراء الجديد قد تعرض لضغوط سياسية من بعض الكتل لإبعاد الاعرجي والحيالي عن أي دور أمني في الحكومة الجديدة، رغم نجاحهما الكبير في الحكومة السابقة، وإذا لم يكن يحمل في قلبه ضغينة أو حقداً عليهما، أو على احدهما، فما الذي يجري بالضبط الان، ولماذا الرجل (دايس عش)، ومرعوب من التقرب نحوهما، وكيف يمكننا أن نعرف ان خططه الأمنية، وتوجهاته تسيران وفق ما يرام، وهو الذي لا يزال يستبعد أركان واقطاب أمنية مهمة من العمل المشترك.

فالرجل الذي يتولى الآن بموجب الدستور قيادة القوات المسلحة العراقية بكافة تشكيلها، مكلف بموجب الدستور ايضاً بادارة هذه التشكيلات بالتساوي، وايلائها الأهمية التي تتناسب مع أدوارها, ولأن جهاز الأمن الوطني العراقي ركن أساس من أسس البناء الأمني الوطني، وصاحب جهد ممتاز وانجاز وفعالية أمنية ملحوظة، فأن تعيين السيد قاسم الاعرجي لهذا المنصب كان بمثابة "ضربة معلم" من السيد العبادي، واختيار نموذجي لادارة هذا الملف، لاسيما مع تمرير " الفيتو" الظالم الذي وضعته بعض الأطراف التي ازعجها نجاح الأعرجي في ادارة الداخلية وتحويلها الى مؤسسة ناجحة وفعالة في عهد الأعرجي، وعملت على منع الرجل من ادارة هذه المؤسسة والعمل في كابينة عبد المهدي خلافًا للإرادة الشعبية الواسعة والرغبة الواضحة من فئات الشعب باعادة استيزار قاسم الأعرجي.

أن تعيين الأعرجي وكذلك السيد وزير الدفاع السابق عرفان الحيالي في مستشارية الأمن الوطني كان بمثابة شهادة نجاح لهذين الرجلين اللذين واصلا طريق النجاحات، والانتصارات، وكانت بصماتهما واضحة، وكان الأمل معقوداً ان ينأى السيد عبد المهدي بالأجهزة الأمنية عن " التسييس" ودخول التقاطعات السياسية والتدافع لهذه القطاعات كما وعد هو، فيدعم هذا التعيين ويعاضده، لا ان ينصب له العداء،  بسبب اوهام ومشاعر دونية لا يشعر بها سوى الصغار والمرضى الملوثين بلوثة الإنانية والإستئثار، لكن للأسف والى غاية الآن تبدو الأمور تسير تماماً عكس كل ما تحدث به وكتبه عبد المهدي في مقالاته وتنظيراته الطوباوية الهشة، واكبر دليل على تلك الهشاشة محاولة تجاهل رئاسة الأمن الوطني ومستشارية الأمن من الاجتماعات، فهو كما يلدو لا يريد اكثر مما يريد !

 ان محاولة تحجيم أو الغاء قرارات العبادي بتعيين الاعرجي والحيالي  وعدم دعوتهما لحضور اجتماع مجلس الامن الوطني مرتين ، ودعوة  وكلائهما بدلاً عنهما - كما يتضح في الصور -مؤشر سلبي بل وخطير يضع الف علامة استفهام حول تعامل رئيس الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة مع هذه الحالة أو  مع غيرها من الحالات المماثلة.

لقد بات الجميع يدرك أن عبد المهدي يواجه ضغوطاً من تحالفي الفتح وسائرون في آن واحد، وفي اتجاهين متضادين، ففي الوقت الذي يدفع سائرون بقوة نحو منع استيزار السيد فالح الفياض لوزارة الداخلية، عقوبةً له على الانشقاق عن تحالف النصر وتركه العبادي وسائرون في ورطة الكتلة الأكبر، وكذلك اتهام الفياض بالتقرب من ايران، فأن عبد المهدي يواجه ذات الضغط بالاتجاه المعاكس من قبل الفتح الذي يريد أن يكافأ الفياض على ترجيحه كفته، وأن يمنحه ما يستحق من المناصب الأمنية، وأن "لا يكسر بخاطره" في عملية توزيع المناصب الأمنية، لاسيما في تلك الأجهزة التي كان يتولى ادارتها، الا أن هذا غير منطقي، وغير جائز، فالترضيات أو المواقف الشخصية والسياسية، وسياسة المعاقبة لا يمكن قبولها على حساب الملف الأمني المتعلق بحياة المواطن العراقي، وعلى السيد عبد المهدي الان تحمل مسؤولياته الوطنية والدستورية، واعادة الأمور الى نصابها، والاستماع لصوت العقل في هذا الملف، واعادة التواصل مع مفردات الأجهزة الأمنية ورؤساء اجهزتها المعينين بموجب قرارات قانونية مكتسبة للدرجة القطعية والشرعية.

أن اجتماعات مجلس الأمن الوطني ستظل ناقصة وعديمة الجدوى في حال ظلت غير مكتملة الأركان، وعلى السيد عبد المهدي اقرار تعيينات هذه الأجهزة وتثبيت الكفاءة الأمنية في مواقعها لاسيما السيد قاسم الاعرجي، وانهاء التداخل السياسي المؤثر سلباً على الملف الأمني والذي ينذر بتراجع لا يخدم سوى اعداء العراق فحسب.

والا فإن للإعلام الوطني صوتاً سيكون تأثيره عظيماً حين يلتقي مع اصوات الغاضبين والمعتصمين في البصرة والناصرية وساحةالتحرير !---------

علق هنا