مشعان الجبوري " المناضل" الذي سلم رأس حسين كامل لصدام حسين، واليتيم المشرد الذي اصبح مليارديراً ...!

بغداد- العراق اليوم:

لازالت الحقبة الماضية من حكم صدام مليئة بالأسرار ويكاد يكون تاريخ تلك الفترة يحوي على الكثير من الملفات السرية التي لم يطلع عليها الناس، وحتى إن نشر البعض منها بعد سقوط صدام عام 2003 ولكن التي لم تنشر لم تصدق قطعاً لفضاعتها وهولها.

 ولعل اخطر تلك الملفات الغريبة وغير المنطقية تلك التي تتمثل في هروب حسين كامل إلى الأردن مع بنات الرئيس، وعودته فجأة ليلقي حتفه بطريقة درامية مازالت تثير التساؤلات. ولعل هناك من يعتقد إن مفتاح لغز هذه القصة مازال بيد النائب السابق مشعان ضامن ركاض الجبوري، وللجواب على هذه التساؤلات تعالوا الى تفاصيل هذه الحكاية المسندة بالوثائق وهي أيضا تروى بضمير يراعي ذمم الناس وملاقاة رب السماء، وليس في تفاصيل هذه الرواية حقد شخصي، أو افتراء على الآخرين، وإنما نعتقد من حق الناس إن يعرفوا ما حدث.

وأصل الحكاية:

كان هناك في منتصف السبعينات شخص اسمر اللون نحيف القوى لا يزيد وزنه على 40 كيلو غرام يرتدي الدشداشة البيضاء والتي أصبحت قريبة للصفراء من كثر الاستعمال. ينتعل حذاء من النايلون تنبعث منه رائحة كريهة تقتل حتى الحشرات والفئران!

 وهذا اليتيم المشرد ظهر ذات يوم في وسط جامعي يدعي انه يمارس العمل الصحفي، وحين طردوه استقر في احد الأقسام الداخلية في مجمع الباب المعظم بعد أن عطف عليه احدهم واسكنه معهم .

ولكن المفاجأة إن هذا المشرد جاء ذات يوم وهو يقود سيارة نوع لادا وفي جيبه 1000 دينار وورقة صغيرة منقوشة بالقلم الأخضر وموقعة من نائب رئيس مجلس قيادة الثورة صدام حسين (آنذاك) وهي معنونة إلى (الرفيق) ناصيف عواد رئيس تحرير جريدة الثورة لإيجاد وظيفة للمواطن مشعان ركاض.

 وفعلاً تم تعيينه في جريدة الثورة رغم انه لا يمتلك شهادة المتوسطة وطلب ناصيف من بعض المحررين الإشراف على تدريبه، وبالفعل فقد قام رياض شابا رئيس قسم التحقيقات وجميل روفائيل بدعم ومساعدة مشعان بل كان الأخير يحول ما يريد إن يقوله مشعان إلى تحقيقات مكتوبة، ومواضيع منشورة لجهله بإسرار وفنون الكتابة .

وقد أثار مشعان خلال فترته القصيرة في جريدة الثورة العديد من المشاكل مع الصحفيين والعاملين، ووصلت العديد من الشكاوى عن ابتزازه لبعض المواطنين والنساء خاصة، فقد جمع ذات مرة مجموعة أضابير من طالبات ووعدهن بالقبول في الكليات، وابتزهن اشد الابتزاز. لكنهن صدمن بهذه الوعود الكثيرة وطرقن باب رئيس التحرير ، حتى إن بعض المحررين عبروا عن احتجاجهم أمام ناصيف عواد على سلوكيات هذا ( الركاض) الذي يحاول إن يتكلم باللهجة التكريتة (عجل يابا ) فأعلن رئيس التحرير صراحة بان هذا الشخص أرسل من قبل (السيد النائب)، ولكنه لا يرتبط معه بأي علاقة سواء كانت عشائرية أو عائلية، إنما السبب يعود لكون مشعان قد توسل (بالسيد النائب)، حتى أنه بكى بين يديه وشكا حاله، مدعياً ان والده قد تطوع مع فرسان العشائر لمساندة الجيش العراقي في مقاتلة "العصاة" الأكراد في شمال العراق، وقتل هناك، فحن صدام عليه ومنحه 1000 دينار ، مع سيارة وقصاصة من الورق توصي بتعيينه في جريدة الثورة .

وذات مرة سافر مشعان  إلى بولونيا وتمت إعادته من هناك بعد 10 أيام على كرسي متحرك، مع تقارير أرسلتها الخارجية البولونية إلى الخارجية العراقية تتحدث عن شخص اسمه مشعان شارك في ليلة حمراء ماجنة وتسبب مع مجموعة من السكارى في إسقاط مواطنة بولونية من شرفة إحدى الشقق، وقد لقت حتفها، فدفع هذا التقرير ناصيف عواد للطلب من مشعان ركاض الانتقال إلى مؤسسة أخرى. وفعلا ذهب إلى مجلة ألف باء وأثار فيها الشغب بما لا يعد ولا يحصى .

لقد تمكن مشعان من خلال حمله هوية جريدة الثورة من إن يتابع في شارع الرشيد مشاهد تصوير فلم الأيام الطويلة فتعرف على المخرج المصري احمد صالح وعلى بطل الفلم الذي لعب دور محمد الصقر وهو كنية لصدام حسين، وكان هذا الممثل الشاب الذي يؤدي أول دور في حياته هو صدام كامل شقيق حسين كامل والذي استطاع مشعان إن يحتويه من خلال نشر صفحة كاملة عن وقائع تصوير الفلم. وبالطبع فان الذي كتب هذا الموضوع بطريقة صحفية هو جميل روفائيل، وحاز على إعجاب صدام كامل، وأصبح هذا ألتحقيق الصحفي مفتاحاً لعلاقة ستكون بين مشعان وصدام كامل .

ودارت الأيام وأصبح مشعان يدير متجراً كبيراً في السوق العربي، يستورد مختلف التجهيزات مستعيناً بصديقه صدام كامل الذي أصبح في الخط الأول لحماية صدام حسين، وتمكن الجبوري بذكائه إن يعمق العلاقة من خلال صدام كامل بحسين كامل وبقية عائلة صدام، وأثمرت هذه العلاقة بعد سنوات قليلة حيث اصبح مشعان الواجهة التجارية لحسين كامل بل لساجدة خيرالله وصدام حسين نفسه من خلال شركة كانت محاطة بالهيبة والحماية ولها امتيازات مفتوحة، وبدون قيود لاستيراد كل شيء، وأصبح لها مقراً فخماً في عرصات الهندية، وكانت هي الوحيدة التي تجري صفقات تجارية مع الأجانب ولو فعلت شركة أخرى ذلك لتم اتهامها بالتجسس واعدم صاحبها .

شركة الصقر  الباب التي دخل منها مشعان الى عالم الأغنياء

شركة الصقر التي تعتبر اكبر إمبراطورية تجارية في العراق التي سخرت عائلة صدام حسين لخدماتها، والتي  تمكن مشعان ركاض من خلالها إن يجمع ثروة طائلة جعلته يتجرا لان يصطحب حسين كامل معه لطلب يد امرأة من عائلة طيبة مشهورة، هي عائلة الالوسي، وفعلاً فقد تم الزواج منها وادخل مشعان هذه العائلة بصفقاته التجارية المريبة .

وذات يوم نسى مشعان نفسه وهو يكتب التقارير الإخبارية لجهاز الأمن الخاص عن المتآمرين على الرئيس صدام حسين، وتضمن احد تقاريره معلومات عن شروع شخصيات عسكرية نافذة من عشيرة الجبور بمحاولة لاغتيال الرئيس خلال الاستعراض العسكري في عيد الجيش يوم 6 كانون الثاني 1996 وعلى طريقة مشابهة لاغتيال الرئيس المصري أنور السادات وفعلا تمكنت الأجهزة الأمنية من إلقاء القبض على ضباط اغلبهم من عشيرة الجبور ولم يعلم مشعان إن شقيقه سطام كان من بينهم وقد تم إعدام الجميع وهرب مشعان إلى عمان، ليس هرباً من صدام إنما من عشيرته التي أهدرت دمه لخيانته

العشيرة وغدره لأخيه والإيقاع بعمومته .

وفي عمان كان مشعان أول من استقبل حسين كامل وصدام كامل وبنات صدام حسين عندما طلب اللجوء في ضيافة الراحل الملك حسين، بل كان مشعان ناطقاً رسمياً بإسم حسين كامل، حتى انه رتب له  مؤتمرا صحفيا واشرف على مأدبة كبيرة حضرتها مجموعات عراقية متعددة من المعارضة، وامتنع البعض الآخر لرفضهم التعامل مع حسين كامل كونه جزا من السلطة الصدامية وبقية القصة معروفة للجميع لكن الشيء غير المعروف للشعب العراقي ومازال يمثل لغزا محيرا لهم هو من الذي استطاع إن يقنع حسين كامل على العودة إلى العراق رغم انه يعرف جيدا إن عودته ستطيح برأسه وبدون رحمة .

تشير الوثائق إلى دور خطير لعبه مشعان ركاض في هذه القضية فقد فشل السفير العراقي في الأردن من إقناع حسين كامل في العودة، وكذلك شخصيات من البوناصر وشخصيات عراقية وأردنية معروفة بل حتى الملك حسين لم يستطع، وكان الرجل يرفض بصورة مطلقة لكنه وافق أخيرا وكان الدافع الأساسي لإقناعه هو مشعان الجبوري،  وحتماً فإن لهذا الأمر قصة يمكن التحقق منها لأي محقق مستقل .

حين كان مشعان في بداية استحواذه على ثقة حسين كامل وشقيقه صدام وكانوا آنذاك في خطوط الحماية للرئيس ولم يرتفع نجمهم بعد، جمعتهم رحلة سياحية إلى فرنسا وهناك جرى لقاء مع المنجم الفلكي العالمي العراقي وهو من أهالي الكاظمية، المدعو حميد الازري، وكان مشهوراً ومطلوباً للرؤساء والملوك وكانوا يصدقونه ويثقون في تنبؤاته التي تحققت لهم عندما كانوا يستشيرونه، لذلك قاد مشعان حسين كامل إلى الازري، وما ان  تأمل الفلكي وجه حسين كامل وبعد دردشة قصيرة، حتى قال له ابشر أيها السيد إن نجمك سيعلو في العراق، ولن يعلوا عليك إلا نجم صدام حسين نفسه، فأستغرب حسين كامل آنذاك ، لكن هذه المقابلة أثارت طموحه وأحلامه. وفعلاً بعد سنوات وجد حسين كامل نفسه يتجرا في طلب يد بنت صدام "رغده"،  وقد حدث ذلك رغم الاعتراضات الكثيرة والشديدة، والثورة الكبرى التي قادها أخوة صدام حسين وفي مقدمتهم برزان مع احتجاج نجل الرئيس عدي صدام لأنهم جميعا كانوا ينظرون لحسين كامل بأنه بمنزلة دونية لا تمكنه من الاقتران ببنت الرئيس صدام حسين، لكن هذا الأمر حصل وأصبح حسين كامل بين ليلة وضحاها النجم الساطع بعد صدام، ولهذا ظل حسين كامل أسيراً لتنبؤات الازري ومصدرا لثقته وكان على اتصال دائم به يسأله عن مخططات تشغل باله فيجيبه الازري ويطمئن على ماهو عليه .

وهذه المرة استغل مشعان ركاض نقطة الضعف لدى حسين كامل، فتمت صفقة كبيرة بين مقربين لصدام حسين جاءا خصيصا وبناءا على اتصالات بينهم وبين مشعان، ووعدهم بان لديه المفتاح بإقناعه وسوف يجعله يعود إلى بغداد فوراً. فأجرى مشعان اتصالا مع الفلكي الازري وأجرى معه صفقة كبيرة مقابل إقناع حسين كامل بان رجوعه سوف يكون في مأمن ومعززا ومكرما وفعلا ذهب مشعان إلى حسين كامل ليخبره وبخبث وحيلة بان عليه إن يستشار الازري في حال قرار رجوعه إلى العراق، وفعلاً اتصل حسين كامل بالفلكي الذي اخبره بان عودتك ستتم بسلام وان نجمك سيعلو وربما يتجاوز صدام، ففرح الرجل وحزم حقائبه وقرر العودة رغم اعتراض صدام كامل وبنات الرئيس.

 وعندما دخل موكب حسين كامل وبنات صدام  إلى داخل الحدود العراقية من جهة الأردن تم إيقاف السيارات وإخلاء بنات صدام إلى سيارات أخرى، عرف حينها إن صدام نصب له فخاً وكميناً لا يستطيع الخلاص منه، وفعلا انتهت القصة بمذبحة دموية راح ضحيتها حسين كامل وصدام كامل وبعض من أبناء عمومته وبعض المهاجمين .

وظل سر عودة حسين كامل يخيف مشعان ركاض كون حسين اتصل بوالدته واخبرها ما دار بينه وبين مشعان والفلكي الازري وهي الوحيدة التي تعرف هذا السر .

لذلك اقتحم منزلها بعد مدة من الزمن بعض المسلحين واردوها قتيلة لتضيع حكاية حسين كامل مع مشعان والازري، لكن اختفاء هذه المرأة لم يجد له احد تفسيراً، لكن مشعان لم يهدأ له بال لان صاحب السر الوحيد باق على قيد الحياة في فرنسا، وشاءت إرادة مشعان ومخططاته الجهنمية إن تجد الشرطة الفرنسية ذات صباح الفلكي حميد الازري مقتولاً في شقته بضواحي باريس وسجلت الجريمة ضد مجهول!!

 وحينها ارتاح بال مشعان الذي بقى سر مقتل والدة حسين كامل والازري لديه وحده .

وبعد هذه الحادثة قامت المخابرات الأردنية بإلغاء إقامة مشعان ركاض ضامن في الأردن، فسافر فورا إلى لندن وبعد إن ضبط في قضايا نصب واحتيال تم طرده من بريطانيا، فاستقر بعدها في دمشق وهناك رمى شباكه العنكبوتية على كبار ضباط المخابرات وانشأ مافيا دولية لتهريب الأشخاص بتأشيرات مزورة عن طريق الموانئ اللبنانية التي تسيطر عليها المخابرات السورية. وامتد نفوذه إلى شمال العراق من خلال تهريب البشر وكذلك المتاجرة بالمشروبات الكحولية والسكائر وارتبط بعلاقات حميمة مع مسعود البرزاني  وشخصيات كردية كبيرة اخرى، وأصبح له نفوذ كبير في اربيل، خاصة بعد ادعائه المعارضة لنظام صدام حسين، واصداره جريدة بتمويل من المخابرات السورية أطلق عليها الاتجاه الآخر .

وبعد سقوط النظام الصدامي عام 2003 دخل مشعان الجبوري مع البيشمركة إلى الموصل وتوجوه محافظاً للموصل، لكن العشائر العربية، خاصة أقاربه من الجبور هاجموه وحاولوا اغتياله وحرقوا سيارته وطردوه، فهرب عائداً إلى سوريا، وشاءت الأقدار إن يصبح مشعان عضواً في البرلمان، لكن فضيحته هو وابنه (يزن) باختلاس مليون ومائتي دولار من الأموال المخصصة لحماية أنابيب النفط وظهر مشعان مطابقاً المثل الشائع "حاميها حراميها"، حيث كان يتفق مع المخربين والمهربين لتدمير هذه الأنابيب، ومن ثم يعود بإبرامه عقود لإصلاحها، وبعد إن رفعت عنه الحصانة عاد لأوكاره في دمشق .

ثم أراد إن يلعب دور الضحية ويرفع شعار الوطنية فراح يتغازل مع ما يسمى بالمقاومة ( الشريفة ) فأطلق فضائية الزوراء الإرهابية الماجنة، ونفذ العديد من النشاطات المدفوعة الثمن للتشويش على العملية السياسية، وتبنت بعض الفضائيات تصريحاته التحريضية وفي مقدمتها قناة الجزيرة .

ولكن الأمر الأكثر غرابة إن هذا الرجل المدان بالإرهاب وبدعاوى قضائية متعددة مازال حرا طليقا ومازالت عقاراته الفخمة التي اقتناها بالمال السحت الحرام شاخصة في الجادرية، بل إن تجارته مازالت تغزو  الأسواق العراقية وكأن الحكومة العراقية نائمة ، أو  أن الشعب فقد ذاكرته .

هذه والله جزء بسيط من فضائح المدعو مشعان ركاض ضامن الجبوري ونختمها بالإشارة إلى أكثر القصص إثارة والتي تقشعر لها الأبدان وقد روتها المطربة الغجرية ساجدة عبيد في لقاء أجرته معها جريدة البينة الجديدة في عددها المرقم ( 267 ) بتاريخ 9 / 1 / 2007 حيث قالت : أنها التقت مشعان ضامن عام 1982 في مزرعة وطبان الأخ غير الشقيق للطاغية صدام المقبور وان علاقتها معه بدأت منذ تلك الليلة ثم تزوجها سراً وكان يدفع لها مبلغ (150) دينار شهرياً وانه حضر ولادة ابنتهما صبا ، وبعد إن تركهما مشعان بدأت ساجدة تعمل في الملاهي الليلية هي وابنتها ، وفي سنة 2002 التقى مشعان بساجدة من جديد في سوريا وتعرف إلى ابنتهما ، وأخبرته ساجدة بان صبا هي ابنته ولكنه طلب من ساجدة إن تمتنع عن إخبارها بأنه والدها ، واستمر مشعان يتردد عليهن ويغريهن بالمال والهدايا حتى اكتشفت ساجدة عبيد فجأة انه تزوج من ابنته صبا رغم انه يعرف أنها ابنته ، وحين تحرت منه عن ذلك قال لها بالحرف الواحد ( الكاولية لا يعرفون الحلال والحرام ) وبعدها هددها بالقتل إن تحدثت عن هذا السر، وأضافت ساجدة إن صبا أنجبت ولداً من مشعان سمي ضامن ، وان صبا هي الفتاة التي تظهر ملثمة في فضائية الزوراء .

ووفقاً للقانون العراقي فان العقوبة التي يستحقها مشعان الجبوري على جريمته هذه وفقاً للمادة القانونية ( 393 ) هي الإعدام شنقاً حتى الموت .

علق هنا