رنا العجيلي وأفراح شوقي اعلاميتان عراقيتان… لكن، الى اين ذهبت رنا، واين ذهبت افراح؟

بغداد- العراق اليوم:

حين تحصل على كارت تعريفي من مؤسسة إعلامية عاملة في الساحة العراقية يفيد بأنك تمارس العمل الصحافي، فهذا يعني انك صحفي، مؤتمن على الحقيقة، وناقل للوقائع بحياد وحرفية، ويعني انك اخترت ان تكون ضميرًا للأمة، وحارسًا على بوابة الحقيقة. من هنا يأتي احترام الناس لمهنة الصحافة السامية، وشبه تقديس لمحترفيها.

فتحت عنوانها الواسع انضويت، وعليك توقع دفع ضريبة مكلفة، فأنت ستعمل في وسط متصارع لا يريد للحقائق ان تنشر كاملًة، ولا يرى ان مهمتك تخولك قول ما يقال وما لا يقال. وهنا ايضًا يصاب الصحافيون بمقتل حين تتصدى لمهمتهم النبيلة جهات ظلامية بالتهديد والتخويف تارةً وبالرصاص والموت تارةً اخرى، وهنا يسجل الامتحان الصعب، وهنا تعرف من سيختار مهنة المتاعب ويواصل، ومن سيختار مهنة السكوت وتغطية الحقيقة بوابل من الكلمات الملفقة والزئبقية.

في تجربة الصحافيات العراقيات الطويلة، ثمة التقاطات يمكن رصدها، ولعل تجربة العامين الماضيين ستكشف عما نريد قوله، فبعض الصحافيات العراقيات انتقلن للعمل في وسائل اعلام عربية، وصرن ينقلن الاخبار والتحقيقات من بغداد، ولأن الاعلام العربي لا يبحث في بغداد، الا الجزء المعتم، فكانت زميلاتنا بحكم الضرورة يبحثن عن التقاط كل ما يسوء بغداد والبلاد وتسجيله بتقارير لقاء ١٥٠ دولار امريكي او اقل عن كل قطعة من هذه، حتى ان الزميلة افراح شوقي مثلًا لم تجد مادةً تصلح، فذهبت الى ( ان قطع نعي الشهداء المتتشرة في بغداد اصبحت تشوه الوجه الحضاري لعاصمة الرشيد بغداد)!

ومن احب فليراجع ارشيف جريدة الشرق الاوسط، أو (الشرق الأوسخ) كما يسميها الزميل وجيه عباس.

فيما لم يجد زميلها الفطحل! في ذات الجريدة الصفراء سوى ان يكتب عن تزايد حمل السفاح في زيارة اربعينية الامام الحسين عليه السلام!، ولكم ان تتخيلوا حجم التوظيف السيء للاقلام الصحافية العراقية من قبل الاعلام العربي.

وبعد مسرحية شهيرة اعدت على عجل وبان خطلها، وكشفت تفاصيلها، اختارت (الزميلة) افراح شوقي احدى العواصم الأوربية العاصمة للعيش، بعد ان ادعت اختطافها من بيتها وسط العاصمة العراقية بغداد من قبل جماعات مسلحة، ويبدو ان سيناريو المسرحية اعد بعجالة فظهر مهلهلًا، وانتهت القصة بتقديم الزميلة شوقي (كَيس) لمنظمة الهجرة الدولية، مختتمةً حفل الاساءة لبلادها بمثل هذا الحدث المضر.

في الصورة الاخرى، لا يبدو ان افراح شوقي الحالة العامة، بل العكس، فأننا نرصد بحماسة واعجاب صورة لصحافيات عراقيات يتسابقن على نقل صورة الانتصارات، ويبحثن عن قصص انسانية يخفيها الاعلام المعادي، ليضفن عليها لمسة انسانية مؤثرة، وهن بالتأكيد النموذج المشرق للمرأة الصحافية العراقية.

ولعل الزميلة الشهيدة رنا العجيلي واحدة من الامثلة الحية التي نستشهد بها، فبينما كان امامها الطريق مفتوحًا الى الهجرة مع اطفالها الخمسة الى اي بلد اوربي والتنعم هناك، مستفيدة من عملها الصحافي وهويتها المذهبية وغيرها من الامور، الا انها فضلت الذهاب نحو جبهات القتال المحتدمة، لتوثق النصر بابتسامةً عراقية مشرقة، رافعةً اصابع النصر على عصابات داعش، هذه المرأة التي لم يثنها اعالتها لخمسة اطفال عن التوجه الى ساحات الموت، ضربت المثال المضاد لنموذج افراح شوقي وغيرها من متسلقات مصائب الوطن، وباحثات عن اوطان جديدة حتى لو على حساب اوطان رعتهن وامدتهن بكل سبل العيش والتعلم والعمل.

نحن لسنا ضد ان يقيم الصحفي او الصحفية في بلاد أخرى، فثمة الاف منهم يعيشون في اوطان غير اوطانهم، لكننا ضد ان يضحك الصحفي على جراح ابناء وطنه من اجل ( كرين كارد ) أو فيزا ممهورة بدم الضحايا !

علق هنا