مع حيدر العبادي على بساط أحمدي: أيهما اقوى حكومتك ام حكومة الكاظمي؟

بغداد- العراق اليوم:

بساط أحمدي، هو مثال يضرب للتحدث براحة وحرية تامة ودون حساب، ولا نريد أن نخوض في أصل المثال وتفاصيله، فقد يختلف حوله البعض، لكنه مثال عربي مشاع ومتداول  يردده المصريون والمغاربة وأهل المشرق العربي أيضاً، لذا سيكون حديثنا مع  ( أبي يسر ) على بساط أحمدي، وليس على غيره.

قبل يومين أطل رئيس مجلس الوزراء الأسبق حيدر العبادي في مقابلة تلفزيونية، ليفتح النار من خلالها على الجميع، ولم يستثنَ الاً نفسه وكتلته على الأرجح، وهذه طبيعة بشرية لدى الجميع، لا سيما أهل السياسة، فكل يرى نفسه وتموضعه ومواقفه بمنتهى الايجابية، فيما يرى الاخرين في الأماكن الخطأ وهذه مفهومة.

لكن غير المفهوم لسياسي مخضرم مثل العبادي، أمضى عقوداً طوال يعمل في صفوف حزب مثل حزب الدعوة، ويرأس مكتبه السياسي، ولا يستطيع ان يضع المُقارنات في أطارها، ولا يقرأ المشهد بكل ابعاده، لا ان يجتزأ منه ما يفيد سياسة التسويق، لاسيما وأنهُ منافس ويبحث عن فرصة كغيره، لا مؤرخ  أو  محلل لحقبة سياسية.

يقول العبادي في مقابلته ان حكومة الكاظمي اتسمت بالمحاصصة، وان بعض القوى السياسية استطاعت ان تدفع بمرشحيها الى الوزارات، وهذا ان صح، فعلى العبادي أن لايستثني نفسه، بل ان حكومته بتشكيلتها الأولى كانت اول وزارة تضم قادة الأحزاب وصقورها بكل حمولتهم، فهل يستطيع ان يقنعنا ان ابراهيم الجعفري وزير الخارجية آنذاك كان تكنوقراطاً مثلاً أو أن هوشيار زيباري كان مستقلاً، أو أن باقر جبر الزبيدي كان ناشطاً مدنياً، أو سلمان الجميلي كان خبيراً عالمياً استقدم لتولي حقيبتين ؟!

مع ذلك لا ينكر فضل بعض الوزراء الأمنين في تلك الحقبة، ولا سيما وزير الداخلية قاسم الاعرجي، وعرفان الحيالي الذين كانوا ابطالاً بحق وكفاءات وطنية محبوبة، عملت باستقلالية ومهنية عالية، فضلاً عن وزير النفط جبار اللعيبي صاحب الكفائة والخبرة المعروفة.

نقول هذا مع حقيقة أن التقاسم والتمثيل الحزبي في الحكومات ليس عيباً، وأنت يا سيد العبادي كنت تعيش في بريطانيا ام الديمقراطية والحكومات التعددية المنبثقة من مجالس منتخبة، فكل حزب يحصد عدداً من المقاعد التشريعية يأمل أن يشارك في صناعة القرار التنفيذي ويساهم في تنفيذ برامجه عبر سياسات الدولة، وهذه هي الديمقراطية، لكن أن يتنفذ خط  سياسي ويتحكم خط حزبي اخر كما حدث مع حكومتك حينما سيطر خط الحلي – العلاق مثلاً على مفاصل الحكومة وعملها، وهذا قطعاً لم نره في عهد حكومة الكاظمي ولم نلحظه بشهادة المناوئين لها قبل انصارها، فالكاظمي لم يسلم الدولة لتيار او حزب او كتلة نيابية، وانت تعرف اكثر من غيرك المقدار الجيد الذي يبديه الكاظمي من الاستقلال والنزوع نحو تحرير القرار الحكومي.

ثم ان مشاركة كتلة سائرون في التشكيل الحكومي امر طبيعي ومتوقع، لاسيما أن سائرون الكتلة النيابية الأكبر والتي حازت على اكبر قدر من المقاعد، وايضاً فأن الفتح مثلاً والنصر وغيرهما حاولا جاهدين ان يجدوا موطئ قدم لهم لكنهم لم يفلحوا، وهل تستطيع ان تنكر ذلك!. ثم حين لم يفلحوا تحولوا الى معارضة نيابية واضحة.

الاهم من هذا كله، أن مقارنة تحديات الكاظمي التي واجهها خلال الاشهر الماضية واصطدامه بكارتل الفساد المعلن والمخفي، امر غاية في الخطورة حيث لايمكن توقع ما انجز خلال الاشهر الماضية وهي بالكاد تبلغ عشرة اشهر، وما حققه الرجل من انجاز في انحسار مد الفساد الذي التهم الدولة في عهد الحكومات السابقة كلها ودون استثناء.

ثم ان الكاظمي استطاع ان يوازن علاقات العراق الداخلية والخارجية ويخرجه من محور امريكا الذي ادخلته انت فيه، وأن يبعده عن المحور الايراني الذي حشره فيه عبد المهدي دون فائدة تذكر، وها هو العراق الان يقف في منطقة الحياد الايجابي، ويستعيد ثقة الجميع.

كما أن الكاظمي مثلاً استطاع ان يتبع سياسة التواصل الداخلي لا التقاطع مع الاخرين، ويبدي نفس القدر من المسافة بينه وبين كل القوى، فهو يستقبل المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي مثلاً، ويستقبل ايضاً المكتب السياسي لحزب الدعوة او الحزب الاسلامي السني او الديمقراطي الكردي وغيرها من القوى، فضلاً عن فتح أبواب مكتبه للعامة ولقائه بالناس في كل محفل او مناسبة، وهذا لم يحدث ابداً في عهدك.

كما ان الكاظمي وحكومته يدفعون استحقاقات حكومتك بإجراءاتها التقشفية الغريبة، وسياسة التفريط التي اتبعها خلفك عبد المهدي، فمن "عصر" الفلس والتقشف الشديد وحجب الوظائف وايقاف عجلة الاعمار، الى عهد الانفاق بلا " وجع قلب" وتبديد ما جُمع في الخزائن، والنتيجة كارثة واجهها الكاظمي بكل ثقة وتغلب عليها عبر سياسات حكيمة ومدروسة.

فوق كل هذا ان الكاظمي لا  يتعمد اللون السياسي او الانتماء القومي او المذهبي كمعيار، وبامكانك ان تطالع فريق عمل الرجل والاسماء التي تعمل برفقته، فيما كانت الحكومة التي ترأستها أنت حكراً على جهة ولون واحد معين.

فقليل من الانصاف في السياسة يساوي الكثير في نظر الشارع الذي يعرف الخفايا والبلايا ايضاً.

علق هنا