بغداد- العراق اليوم: كتب المحرر السياسي في ( العراق اليوم) : خلال ترؤسه لجلسة الحكومة العراقية أمس، طالب رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، القوى السياسية بتشكيل حكومة قوية، قادرة على أن تنهض بمسؤولياتها أزاء قطاعات البلد المختلفة هذه المرة. والتأكيد من الكاظمي لم يكن الأول من نوعه، بل هو استمرار لدعوات يطلقها الرئيس الكاظمي في مواقع واوقات عدة، واجتماعات ولقاءات وندوات كثيرة، فماذا يقصدُ الرجل بالحكومة القوية، وماذا عن حكومته الحالية؟. يقيناً، أن الحكومة الحالية التي ترأسها الكاظمي، تتمتع بعناصر قوة واضحة، من بينها، استقلالية الوزراء الحاليين بشكل كبير، وعدم خضوعها للمنتظم السياسي الكتلوي بشكل جلي، وأيضاً مضيها في خطط ومشاريع واجهت نقداً ومعارضة سياسية ( اتكاءً ) على تأسيسات شعبوية وفئوية، حيث تريد بعض القوى السياسية مغازلة الشارع على حساب حقائق على الأرض، ومطبات يصطدم بها قطار الحكومة كل مرة. ولكن الكاظمي وحكومته، ولنعترف واجها لوحدهما غياب الظهير النيابي الساند والمؤسس في لعبة سياسية تحتاج رقماً وازناً داخل المجلس النيابي، فبالنهاية العراق بلد جمهوري، نظامه نيابي برلماني، تعتمد فيه الحكومة على تمريرها في مجلس يختاره الشعب، ومؤلف من قوى سياسية معينة، فأن كانت الحكومة تعمل بلا ظهير في هذا المجلس، ونجحت في أن لا تسقطها الكتل السياسية خوفاً من ردات الفعل الشعبية، فأن هذه الحكومة لا تضمن أبداً تمرير قراراتها، ومشاريعها، وخياراتها في هذا المجلس لنيل المشروعية، والإنطلاق، وهنا تفصيلة يعرفها المتعمق بالمشهد السياسي، فأنت كحكومة اذا كنت تتمتع بحماية الشارع في المجمل، ولكن بدون رافعة نيابية، ستبقى مشلولاً عن الأنطلاق بقوة نحو تشريعات ضامنة لتنفيذ مشاريعك خصوصاً ذات النزعة الإصلاحية، والتغييرات الراديكالية في مجالات الأقتصاد والبنية الأساسية لمؤسسات الدولة، وغيرها من الإصلاحات التي قد تمس جذر العملية السياسية. بمعنى أدق، أن رسالة الكاظمي واضحة للقوى السياسية، لتجاوز مرحلة اللا مسؤولية الى مرحلة تبني برنامج واضح ومحدد الملامح، والاتفاق عليه وتمريره، والمضي بدعم الحكومة التي ستنبثق من تكتل اغلبية نيابية، وتحظى بمعارضة وطنية ايضاً، فليس من المعقول ان الكل يشترك في الحكومة من جهة، والكل يعارضها، ويحاول أن يرجمها بحجر اخطائه وفشله السياسي، ويعلق عليها اخفاقاته. إن القوة التي قصدها الكاظمي، هي وضوح موقف القوى المؤلفة للحكومة، وتحملها مسؤولية خطواتها، والعمل على دعمها نيابياً، وضمان تمرير مشاريعها الإصلاحية، لا الأختباء خلف شعارات فضفاضة، ونعتقد انه تشخيص دقيق نابع من قلب واقع تعيشه حكومات ما بعد 2003، والتي تواجه برلمانات في الباطن كلها موالاة، وفي العلن كلها معارضة! نعتقد أن الأوان قد آن لتؤلف حكومة مدعومة بإئتلاف سياسي عريض، وأن تمضي بمشروعاتها بشكل مختلف، وأن تُمكن من أستخدام أدواتها المشروعة، عبر تشريعات سريعة عاجلة، وأسناد نيابي مؤثر، ولا بأس ان تواجه بمعارضة نقدية موضوعية تقوم وتصحح أي انحراف، أو ابتعاد عن جادة برنامج حكومي رقمي شفاف يمكن معه المحاسبة والمراقبة والمتابعة. لقد كان الكاظمي جريئاً جداً أمس وهو يطالب بتشكيل حكومة قوية .. قوية بحق ..
*
اضافة التعليق