بغداد- العراق اليوم: تجري الأحزاب الكردية، تفاهمات بشأن منصب رئاسة الجمهورية، بهدف اختيار شخصية مقبولة من الطرفين الكرديين، والذهاب بمرشح واحد إلى البرلمان العراقي، وعدم تكرار سيناريو عام 2018. ويخوض الحزبان الرئيسان في كردستان (الاتحاد الوطني برئاسة آل طالباني، والحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة مسعود بارزاني)، حوارات مكثفة، لاختيار الشخصية المقبولة، لتمثيل الكرد في المنصب الرفيع. وحقق الحزب الديمقراطي الكردستاني، أكثر من 30 مقعدا في البرلمان الجديد، خلال الانتخابات التي أجريت في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، بينما حقق الاتحاد الوطني، نحو 18 مقعدا. ويسيطر على منصب رئيس الجمهورية، منذ العام 2006، الاتحاد الوطني، حيث شغله الرئيس العراقي الراحل جلال طالباني، وصولاً إلى الرئيس الحالي برهم صالح، عن الاتحاد أيضا، حيث سعى الحزب الديمقراطي، برئاسة بارزاني، أكثر من مرة إلى هذا المنصب، غير أنه لم يتمكن من ذلك، بسبب طبيعة التفاهمات مع الكتل السياسية في بغداد، وكذلك الاتفاق القديم بين الطرفين، والذي قضى بأن يكون منصب رئيس الجمهورية من حصة الاتحاد، على أن يتولى الحزب الديمقراطي رئاسة إقليم كردستان. ولكن في العام 2018، كانت المنافسة على أشدها، ولم يتوصل الطرفان، إلى مرشح واحد، فدفعوا باثنين، إلى قبة مجلس النواب، أحدهما عن الاتحاد الوطني، وهو برهم صالح، والآخر عن الحزب الديمقراطي، فؤاد حسين، حيث اختار النواب حينها صالح، ليعمق ذلك من الخلافات بين الحزبين ويزيد من التنافس بينهما. مساع لخطف المنصب وعلى الرغم من أن الحزب الديمقراطي سعى في بادئ الأمر إلى الحصول على منصب رئاسة الجمهورية، بعد انتخابات تشرين، وحاول فرض تثبيت ذلك، من خلال الاتفاقات التي عقدها مع التيار الصدري، بزعامة رجل الدين مقتدى الصدر، 73 نائبا، وكذلك تحالف ”بالعزم نتقدم“ بزعامة الحلبوسي وخميس الخنجر، إلا أن هذا الحزب أبدى موقفاً ليّناً خلال اليومين الماضيين، خاصة بعد حصوله على منصب النائب الثاني لرئيس البرلمان، خلال الجلسة الأولى التي جرت الأحد الماضي. وبحسب تسريبات، فإن أعضاء حزب الاتحاد الوطني، لم يصوتوا لمرشح الحزب الديمقراطي، الذي حصل على منصب النائب الثاني، شاخوان عبدالله، وهو ما فاقم الخلافات بين الطرفين، خاصة أن الديمقراطي، أجرى تفاهمات غير معلنة، مع بعض الأحزاب، بشأن منصب محافظة كركوك. وخلال اليومين الماضيين، أبدى الحزب الديمقراطي مرونة في قبوله ترشيح أحد الشخصيات من حزب الاتحاد الوطني، إلى هذا المنصب، لكنه قد لا يتفاعل مع الإصرار على تقديم الرئيس الحالي برهم صالح للمنصب مرة ثانية، لعدة أساب؛ أبرزها يتعلق بالثأر القديم، عام 2018، وخسارة حزب بارزاني، هذا المنصب أمامه، تحت قبة البرلمان، والثاني، هو اتهامه علانية، بالضغط على مفوضية الانتخابات، لانتزاع مقعدين من الحزب الديمقراطي، الأمر الذي رفضته المفوضية، عبر بيان لها. وقال القيادي في الحزب بنكين ريكاني، اليوم الثلاثاء، في تدوينة عبر ”تويتر“: ”إن الأنانية تدفع البعض (حتى من يمتهن السياسة منذ عقود) لاتخاذ مواقف غير حكيمة وغير مدروسة قد تترتب عليها نتائج خطيرة“. كما أكد عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني هوشيار زيباري، في وقت سابق، أنه لن يكون للحزب مرشح لمنصب رئاسة الجمهورية. وقال في تصريح صحفي: ”بعد الجلسة الأولى للبرلمان، أمامنا أمور أخرى، يجب أن نكون على تواصل مع بعضنا ونتشاور مع الأطراف الكردية الأخرى، ويجب أن نبتعد عن الغرور“. تحول في المسار من جهته، قال قيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، إن ”الحزب أجرى مراجعات داخلية، وتفاهمات بينية بشكل أوسع، وبعد تحقيق تقدم جيد فيما يتعلق بمنصب محافظ كركوك، فإن هناك ميلاً نحو إمكانية التنازل عن منصب رئاسة الجمهورية، بشرط تقديم الاتحاد شخصية مقبولة، وذلك لعدم احتكار جميع المناصب المخصصة للكرد، خاصة أن هناك منصباً آخر وهو وزارة سيادية، سنحصل عليها في الحكومة المقبلة، إضافة إلى القلق من مسألة إغضاب الاتحاد الوطني، وهو الحاكم في مدينة السليمانية، وما يترتب على ذلك من تداعيات قد لا تصب في صالحنا جميعا“. وأضاف القيادي الذي رفض الكشف عن اسمه، أن ”الحزب قد لا يمانع بتقديم شخصية مستقلة من الكرد إلى المنصب، في حال حصل اتفاق، لكن مسألة الموافقة على الرئيس الحالي برهم صالح لولاية ثانية، فإن ذلك مازال قيد النظر“. ودخل القاضي رزكار أمين على خط الترشح لمنصب رئاسة الجمهورية، وهو ما اعتُبر خطوة من الحزب الديمقراطي، وامتدادا لمساعيهم في الحصول على المنصب، أو تقديم شخصية مستقلة، خاصة أن أمين، محسوب على أوساط الحزب الديمقراطي. وقال الكاتب والمحلل السياسي ياسين طه: إن ”دخول القاضي رزكار أمين على خط ترشيحات رئاسة الجمهورية تطور مثير في سباق الرئاسة، باعتبار أن حسم المنصب متروك لتوافق الحزبين الكرديين، اللذين يخوضان حوارات جانبية هذه الأيام لحسم المرشح، ومن المتوقع أن يتكرر سيناريو التشظي في انتخاب الرئيس على غرار تجربة 2018 في حال فشل الحوارات الثنائية ويقدم كل من الحزبين مرشحا ليحسمه التصويت داخل البرلمان كما حدث مع برهم صالح وفؤاد حسين“. وأضاف طه في تصريح أن ”هناك سيناريو ثانيا محتملا، وهو دعم الديمقراطي الكردستاني ترشيح القاضي رزكار أمين، باعتباره كرديا مستقلا من السليمانية، في حال قرر الحزب عدم خوض السباق الرئاسي لاعتبارات متعددة أهمها تجنب الانتقادات بشأن احتكاره جميع المناصب السيادية في أربيل أو بغداد أو أسباب متعلقة بمشروعه السياسي والقومي، الخاص بنهج الحزب، أو ربما تجنب تكرار تجربة خسارة 2018 في حال لم يضمن الفوز داخل الكتل الشيعية والسنية الأخرى“. وطرحت عدة أسماء خلال الفترة الماضية، للمنصب، مثل عدنان المفتي، عن الاتحاد الوطني، وكذلك هوشيار زيباري، لكن أيا من ذلك لم يتأكد لغاية الآن، حيث يبقى الرئيس صالح هو المرشح الوحيد للاتحاد الوطني، بشكل رسمي حتى الآن.
*
اضافة التعليق