ميزانية تكميلية لمجابهة تراجع النفط وما تبقى من داعش

بغداد- العراق اليوم:

كشف انخفاض أسعار النفط والحرب ضد تنظيم داعش، عن هشاشة الاقتصاد العراقي كدولة ريعية تعتمد على إيرادات بيع الخام، لتغطية النفقات التي تعاظمت في السنوات القليلة الماضية، مما وضع الحكومة في مأزق.

وقال مسؤولون وخبراء، إن هبوط النفط الخام في الأسواق العالمية منذ منتصف 2014، تزامن مع اجتياح تنظيم داعش لثلث مساحة العراق، وهو ما أدخل البلاد في دوامة حرب مستمرة حتى الآن؛ وأثقل كاهل الميزانية العامة ودفع الحكومة للسحب من الاحتياطي النقدي، والاقتراض الداخلي والخارجي.

وتحاول الحكومة، إعادة ترتيب أوراق الموازنة المالية، عبر تعديل بنودها بموازنة تكميلية لتغطية النفقات التي تتعاظم، بفعل الحاجة الماسة لإعادة إعمار مشاريع خدمية رئيسية في الموصل ومناطق محيطة بها، فضلا عن إغاثة ما يصل إلى مليون نازح.

وأقرت الحكومة، الموازنة التكميلية في 22 يونيو/ حزيران الماضي، ومن ثم أرسلتها إلى البرلمان الذي لا يزال يناقش بنودها.

خسائر فادحة

وقال مهدي العلاق، الأمين العام لمجلس الوزراء إن حجم الخسائر التي تعرضت لها المناطق المحررة في مدينة الموصل من سيطرة داعش، بلغ 50 مليار دولار  (62.5 تريليون دينار عراقي).

وتحاول الحكومة العراقية إجراء تقييم لحجم الأضرار، التي لحقت بالمناطق التي تحررت من داعش بمدينة الموصل شمال البلاد، في وقت يناقش فيه البرلمان موازنة تكميلية للعام الجاري.

وأضاف العلاق، وهو يشغل أيضا منصب رئيس اللجنة العليا لإعادة بناء المناطق المتضررة من العمليات العسكرية و”الإرهاب” في الحكومة العراقية، أن “حجم الدمار في بعض مناطق الموصل القديمة كبير جدا”.

وأشار العلاق، إلى أن “بعض المناطق لحقها دمار قليل ومن الممكن إعمارها وتأهيلها بسهولة”.

وبين أن ما يعيق عملية إعادة إعمار هذه المناطق، هو تراجع أسعار النفط في السوق العالمية، واعتماد الحكومة العراقية على الاحتياطي النقدي الأجنبي، في سد العجز الحاصل في موازنة البلاد.

وفى ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أقر مجلس النواب العراقي ميزانية البلاد بقيمة بلغت أكثر من 100 تريليون دينار (79 مليار دولار) وقيمة عجز إجمالية بلغت  21 مليار دولار (26.25 تريليون دينار).

خطر كبير

من جانبه، حذر محمود داغر مدير عام العمليات المالية في البنك المركزي العراقي، من “وجود خطر كبير يهدد الاحتياطي النقدي الأجنبي”.

وأوضح داغر، أن “الخطر يتمثل باستمرار سحب الحكومة كميات من مبلغ الاحتياطي لدى البنك المركزي، وعدم تفعيل المشاريع التي تعود بواردات مالية كالمنافذ الحدودية”.

ولم يذكر حجم الأموال التي سحبتها الحكومة من الاحتياطي المالي خلال الفترة الحالية، لكنه قال إن “الحل لهذا الخطر يتمثل بإصلاح واقع المنافذ الحدودية، وضبط نافذة بيع الدولار”.

وكان الاحتياطي النقدي للعراق تجاوز 80 مليار دولار (100 تريليون دينار عراقي) قبل انخفاض أسعار النفط واندلاع الحرب، إلا أنه انخفض إلى 45 مليار دولار 56 (تريليونا و250 مليون دينار) بداية العام الحالي.

موازنة خجولة

وقال محمد الحلبوسي، رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي، إن “المجلس  يناقش الموازنة التكميلية لموازنة العام الحالي، لان الحكومة الاتحادية غيرت فيها سعر برميل النفط من 43 دولارا إلى 44.4 دولار”.

وأضاف الحلبوسي، أن “هناك زيادة في الموازنة من 100 تريليون دينار (80 مليار دولار) إلى 107 تريليونات دينار عراقي (87 مليار دولار)، إضافة إلى زيادة في الإيرادات من 79 تريليونا إلى 83 تريليون دينار”.

ولفت إلى “حاجة الحكومة لمزيد من الأموال لإعادة إعمار المشاريع الأساسية بالمناطق المحررة”، مبيناً أن “تعديل الموازنة هو أحد شروط صندوق النقد الدولي الذي يدعم الاقتصاد العراقي”.

وسيقدم صندوق النقد الدولي إلى جانب دول وجهات مانحة أخرى، مبلغا يصل لنحو 18.1 مليار دولار أمريكي (24 تريليون دينار) إلى العراق، لمساعدته في مواجهة الصدمة المزدوجة المترتبة على هجمات تنظيم داعش والهبوط الحاد لأسعار النفط العالمية.

زيادة العوائد

وبخصوص معالجة العجز في موازنة العام الحالي، ذكر رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي، أن “العجز كان 21 تريليون دينار (17 مليار دولار)، أما الآن فسيكون بعد رفع سعر برميل النفط إلى 44.4 دولار ما يساوي 25 تريليون دينار (20 مليار دولار) بما نسبته تقريبا 18%”.

وقال الحلبوسي إن “التزام العراق بسياسة منظمة “أوبك” في إنتاج النفط مكنه من تحقيق زيادة في عائداته المالية تقدر بأربعة مليارات دولار منذ بداية العام الحالي لغاية الآن”.

والعراق ثاني أكبر مصدر للنفط في منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك” التي اتفقت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي على خفض إنتاجها الإجمالي بمقدار 1.2 مليون برميل يومياً، ابتداءً من يناير/كانون الثاني الماضي، لاستعادة التوازن بين العرض والطلب، ومن ثم تحسين أسعار النفط، وعادت المنظمة قبل أسابيع ومددت الاتفاق لتسعة أشهر.

ووافق العراق على خفض إنتاجه بمعدل 210 آلاف برميل يومياً، إلى 4.35 مليون برميل يومياً، ويقول مسؤولو وزارة النفط العراقية إن بغداد التزمت بالاتفاق بالكامل.

وبلغت صادرات العراق النفطية 3.230 مليون برميل يوميا في شهر تموز/يوليو الماضي، انخفاضا من 3.273 مليون برميل يوميا في شهر حزيران/يونيو.

ويعتمد العراق على إيرادات بيع النفط لتمويل ما يصل إلى نحو 95 % من نفقات الدولة.

علق هنا