حذار من الفيس

محمد فلحي

يذكرني اختيار هذا العنوان بأيقونة عراقية ابداعية للاستاذ الدكتور قاسم حسين صالح (حذار من اليأس) وهو مشروع توجيهي نفسي وتربوي بصيغة برنامج اذاعي وتلفزيوني وزاوية صحفية مبهرة منذ ما يزيد على ربع قرن..واذا كنا نحذر من اليأس والاستسلام والخضوع أمام صولة الباطل والفساد والكراهية والعنف والتطرف فإن للحق ألف صولة وجوله..والعاقبة لمن اتقى!

 في عالم الفيس يزدحم الفضاء الافتراضي بالكلمات والصور،وتتصادم الافكار وتختلف الآراء،وتشتبك التعليقات،لكن المعنى الذي يمكن استخلاصه من هذا الحوار العقلي البشري غير المسبوق في ظل طوفان المعلومات وتعدد القنوات والمواقع، أن المسافة بين السر والعلن قد ضاقت،والحدود بين الحقيقة والوهم قد سقطت،ولكن الأخطر أن يختلط الحق بالباطل،فيصبح أهل الباطل أكثر جرأة على أهل الحق،لأن الحق يتحصن عادة بالأخلاق والقيم الشريفة في حين لا يتورع أهل الباطل عن كل انواع الخديعة والكذب والمكر،وتراهم في عالم الفيس يمولون ويقودون جيوشا الكترونية سرية للتسقيط والترويج والدعاية!

 لم يكتف بعض السياسيين المغامرين ودخلاء الحكم الفاسدين والأفاقين والمتاجرين بمعاناة الناس بفتح صفحات مجانية لتسويق وجوههم للناس،بل راحوا ينشرون صفحات مدفوعة الثمن على شكل اعلان مُمّول من اجل تببيض تاريخهم الاسود،وذلك مع اقتراب انطلاق الحملات الانتخابية واشتداد المنافسة الحزبية على المناصب والمكاسب!

قد لا يعلم هؤلاء المحتالين ان الفضاء الالكتروني يحتفظ بسجل مفتوح لكل من يخوض فيه،فأخبارهم وأفلامهم وأسرارهم وتصريحاتهم وشهاداتهم وملفاتهم الشخصية منشورة ومتداولة بين غوغل وفيس وتويتر ويوتيوب،ويمكن بضغطة زر أو لمسة خفيفة كشف المستور،ولم تعد ذاكرة الشعوب قصيرة كما ينظر بعض علماء السياسة في العصور السابقة،فقد أصبحت الالكترونات ذاكرة جمعية علنية سريعة جاهزة لمن يريد استعادة المعلومات والأحداث!

 التاريخ الالكتروني اسقط التاريخ الشفاهي والورقي المزور،ومن يراهن اليوم على الخديعة والاحتيال لن يحصد سوى الخيبة..لكن التاريخ الالكتروني، من جانب اخر، يمكن أن يشوبه التلاعب عبر وسائل تقنية معروفة،وتطبيقات فنية تستطيع تحريف الكلام والصور والافلام ومن ثم يصعب على المتلقي معرفة الحقيقي من المزيف!

 في هذا البحر المتلاطم من الأنواء الالكترونية..نقول:حذار من الفيس..وأخواته!

علق هنا