​من هو الحزب الكبير الذي تتهمه النائبة سروة عبد الواحد بأبرام صفقة فاسدة مع وزارة النقل؟

المهندس عبد الكريم العوادي

 مشكلة البعض من نواب البرلمان، انهم يتحدثون احياناً بأمور فنية هم ابعد مايكون فيها عن الاختصاص المعني، ويسَّوقون لعبارات لا تنم عن فهم وادراك لحقيقة مايقولون، وهو مايذكرنا بتصريح النائبة عن دولة القانون عواطف نعمة، عندما قالت:( ان الشركة البريطانية المتعاقدة مع وزارة النقل لإدارة اجواء العراق رأسمالها دولار واحد). في حين ان راس مال هذه الشركة كما هو معروف ومعلن يصل الى  ملياري دولار، وهي احدى اكبر الشركات المتخصصة في العالم في هذا المجال، وإن أسهمها مدرجة ضمن مؤشر بورصة لندن!! وبالأمس اطلت علينا النائبة سروة عبد الواحد عن كتلة التغيير الكردستانية، لتقول:( ان هناك صفقة لبيع اجواء العراق لصالح احد الأحزاب المتنفذة )!!

 ولاتعلم النائبة معنى " بيع اجواء العراق "، لكنها يقينآ تفهم ببيع نفط العراق من اقليم كردستان خارج إطار الدولة!!

 والملاحظة الاولى من هذا التصريح غير المسؤول: هي إلابتزاز البرلماني، أو عقد صفقة مع احد الأحزاب، فالتصريح ابعد مايكون عن المصلحة العامة، ولو كأن كذلك لأسرعت النائبة الى القضاء او هيئة النزاهة لتقديم مالديها حرصا على المصلحة العامة، ولكشفت لنا هوية (الحزب الكبير) الذي يقف خلف هذه الصفقة كما تقول، ولكن يبدو انها تدخل ضمن مساومات برلمانية ليس إلا، خصوصا اذا ما علمنا ان الشركة المقصودة تعمل مع الرقابة الجوية في العراق منذ عام ٢٠١١ ، لكن النائبة النائمة لاتعلم!!

والمشكلة هنا، ان الشركات العملاقة والكبيرة لا تدفع عمولات لأحد، فهذه الشركات ببساطة تعمل وفق حسابات مالية مدققة دوليا وأسهمها مطروحة للتداول بيعآ وشراءآ في بورصات دولية ولا يمكن لمجلس ادارتها ان يعمل بالطريقة الفاسدة التي ترغب بها الأحزاب ولجانها الاقتصادية، أضف الى ان هذه الشركات عادة ماتكون ضمن تحالفات دولية ضد الفساد، عكس الشركات الورقية والشركات الصغيرة التي تمثل قبلة اللجان الاقتصادية ومادتها التي تقبل بدفع الرشى وتقبل برفع سعر الخدمة او المادة، لانها لايمكن ان تنافس الشركات الكبيرة الا عبر هذه الطرق، وستحمي وجودها اللجان الاقتصادية للأحزاب! اذآ هذه هي المشكلة الكبيرة في العراق، لذلك لاتجد الشركات الكبيرة والمهنية طريقها لإنجاز اي شي في هذا البلد.

 مصادر في المنشأة العامة للطيران المدني العراقي اشارت الى ان هناك توجها رسميا من الحكومة العراقية الى عدم وجود اي تخصيص مالي في الموازنة العامة لقطاع الرقابة الجوية، وهو توجه حكومي عام يشجع دوائر التمويل المركزي بعقد شراكات مع قطاع خاص محلي او اجنبي، وقد أقر هذا التوجه في الموازنة العامة الاتحادية لعام ٢٠١٧ والتي اقرت في البرلمان العراقي، لكن يبدو ان نوابنا لايفقهون على ماذا يوقعون.

ان هذا التوجه الحكومي يصطدم برغبة اللجنة الاقتصادية في المجلس الأعلى، التي يريد القائمون عليها استبدال الشركة البريطانية بالأتراك مثلا، وبعقد خدمة مقابل اجور، ولدينا وثائق تثبت ان الأتراك جاءوا الى العراق بطلب من احد أعضاء اللجنة الاقتصادية للمجلس الأعلى، وقد قدموا عرضا فنيآ وتجاريآ هزيلا جدا، ناهيك عن ان أساس العرض هو عقد لتقديم خدمات مقابل اجور، وهو بالضد أصلا من رغبة وزير النقل، الذي سبق ان اعلم مجلس الوزراء رسميا بالتفاوض مع الشركة البريطانية على صيغة تعاقدية جديدة تضمن تطوير هذا القطاع، ولن يكلف الحكومة والدولة دولاراً واحداً، وسيعتمد على تمويل وتاهيل هذا القطاع ذاتيآ.

مصادر اخرى في قسم الاتصالات في الطيران المدني العراقي أكدت ان العرض الذي قدمه الأتراك لاينسجم مع المعايير الدولية من حيث متطلبات الحد الأدنى من ساعات تدريب المراقبين الجويين ومدته، بل هو أقل بكثير مما هو مطلوب، حسب ضوابط قسم السلامة الجوية في السلطة العراقية !!

وإذا اخذنا تصريح النائبة سروة بنظر الاعتبار وتحدثنا بنفس المفهوم الذي سوقت له النائبة فنقول: الا يعتبر وجود الأتراك في إدارة اجواء العراق، بيعا للأجواء العراقية لدولة مجاورة، تحتل أرضا عراقية في بعشيقة بالقوة ؟ الا يعتبر وجود الأتراك تمددآ للمجال الجوي التركي بإتجاه الخليج العربي؟

 ام ان هذا مسموح به قي كردستان التي تضع مصالح الإقليم فوق مصالح العراق؟

 اما العرض الاخر والحديث لنفس المصدر فجاء من شركة استرالية ليست موجودة أصلا، بل غير مسجلة في اي مكان في العالم ولا تضم سوى تسعة موظفين فقط !! هذا هو المستوى الهزيل فنيا الذي تأتي به اللجان الاقتصادية وللاسف يسوق له بعض نواب البرلمان الذين يتحدثون عن بيع الأجواء.

نفس المصادر في (الطيران المدني) أكدت أنها ستزود (العراق اليوم) بتفاصيل توجه الوزارة عبر لجنة وزارية شكلها وزير النقل شخصياً، للتفاوض والتعاقد وفق الرؤية الحكومية في التمويل الذاتي، وضغط الإنفاق الحكومي.

علق هنا