السوداني يغازل الولايات المتحدة و ينفض يده من طهران و يتحدث عن العراق أولاً

بغداد- العراق اليوم:

طرح رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، في مقال نشره في مجلة "فورين بوليسي" الامريكية، عشية بدء زيارته الاولى من نوعها الى البيت الابيض، رؤيته لطبيعة الشراكة الجديدة التي يريدها مع الولايات المتحدة، متحدثا عن الطريق الذي يقود الى التعاون المستدام بين بغداد وواشنطن.

وكتب السوداني في المقال، انه "قبل عقدين من الزمن، ساعدت الولايات المتحدة الشعب العراقي على الإطاحة بالنظام الديكتاتوري لصدام حسين ووضع الأسس لنظام ديمقراطي، وهو ما ساعد العراقيين على تذوق طعم الحرية للمرة الاولى، فألغى القمع وسوء استخدام الموارد الذي كان سببا في المشاكل ليس لوطني فقط، وإنما أيضا للمنطقة على نطاق أوسع".

واعتبر رئيس الوزراء العراقي "نحتاج أن نحكي شراكتنا الاستراتيجية من خلال الانتقال بها الى مرحلة جديدة، وهي مرحلة تدعم سيادة العراق واستقلاله وانما من دون التخلي عن التعاون المثمر بين بغداد وواشنطن". 

واضاف  انه من اجل المضي قدما "ستقوم اللجنة العسكرية العليا بوضع خريطة طريق للعلاقات المستقبلية، بما في ذلك وجود مستشارين امريكيين"، مشيرا الى ان هذه الخطوات التي "تتعارض مع تراجع علاقتنا مع الولايات المتحدة، ستسمح لنا بالانتقال الى مرحلة جديدة من الشراكة، على أساس التعاون الذي يتجاوز مجرد الشؤون الامنية والعسكرية".

واكد السوداني على أن "العلاقة بين الولايات المتحدة والعراق تمثل عنصرا أساسيا للاستقرار في الشرق الأوسط، بالاضافة الى رفاهية شعوب المنطقة"ن مضيفا أنه "خلال السنوات الاخيرة، برزت التوترات بين بلدينا بين الحين والآخر، كنتيجة للصراع مع الجماعات المسلحة التي كانت موجودة في العراق على مدى العقدين الماضيين"، مشيرا إلى أن هذه الجماعات نشأت من الظروف المعقدة التي واجهها العراق أثناء مواجهته للإرهاب، الا انه بالتدريج، ومع استعادة الأمن والاستقرار، ستتلاشى الحاجة إلى السلاح الموجود خارج سيطرة الدولة ومؤسساتها، ونحن نعمل لتحقيق هذه الغاية".

واكد السوداني أن "قرار الحرب والسلم يجب ان يكون شأنا خاصا بالدولة، ولا يمكن لاي طرف اخر ان يدعي هذا الحق".

وتابع قائلا انه "من خلال مساعدة اصدقائه، وخصوصا الولايات المتحدة، فان العراق تمكن من هزيمة التنظيم الارهابي الأكثر وحشية في التاريخ الحديث، وحاليا لم يتبق سوى جماعات صغيرة من داعش؛ وتلاحقها قواتنا الامنية عبر الصحراء والجبال والكهوف، الا انهم لم يعودوا يمثلون تهديدا للدولة".

ولفت الى ان ذلك "عزز بشكل كبير خبرة قواتنا الامنية، ووضعها بين أفضل الجيوش في مكافحة الإرهاب، وقد حان الوقت من أجل طي الصفحة واعادة توجيه مواردنا وقدراتنا من شن الحروب نحو تعزيز التنمية".

ورأى رئيس الحكومة العراقي ان "الانتصار النهائي على الإرهاب لا يمكن تحقيقه من دون تنمية حقيقية، بما في ذلك تأمين مستوى لائق من الرعاية الصحية والتعليم وغير ذلك من الخدمات الرئيسية، وهذا هو هدف البرنامج الذي أعدته حكومتي وهي عازمة على تنفيذه: الدفع بالإصلاحات الاقتصادية والمالية، وتعزيز حقوق الإنسان، وتمكين المرأة، وتقوية مبادئ الحرية والديمقراطية بشكل عام".

وتابع قائلا انه "من اجل تحقيق هذه الغاية، فاننا تعمل من اجل تطوير المشاريع العابرة للحدود (مثل المناطق الصناعية مع الدول المجاورة) وطريق التنمية، الذي يعمل على ربط منطقة الخليج بتركيا وأوروبا".

الى ذلك، قال السوداني في مقاله إنه "لدينا حاليا فرصة لتحويل العلاقة بين العراق والولايات المتحدة من علاقة أحادية الجانب إلى علاقة شاملة. لقد حان الوقت لتفعيل كافة بنود اتفاقية الاطار الاستراتيجي الموقعة العام 2008 بين العراق والولايات المتحدة " مشيرا الى ان هذا الاتفاق يطال ما هو ابعد من مجرد الشؤون الامنية والعسكرية، التي هيمنت على العلاقة خلال معظم العقدين الماضيين، حيث يتضمن شروطا للتعاون في مجالات مثل الاقتصاد والاستثمار والطاقة والمناخ، والزراعة والصناعة، والتكنولوجيا والتعليم".

واضاف ان "الشعبين العراقي والامريكي بالنظر الى تضحياتهم الجماعية، فإنهما يستحقان رؤية فوائد مستمرة من هذه الشراكة"، مضيفا أن "الاستقرار الحالي في العراق يجب ان يكون مشجعا للشركات الامريكية لكي تنخرط في مشاريع تنموية مهمة في مجالات الطاقة والاتصالات والإسكان والرعاية الصحية والتعليم والنقل وغيرها".

وقال السوداني في المقال أن "المبدأ التوجيهي لعلاقاتنا الخارجية هو العراق أولا، وهو ما يعني بناء شراكات قوية تقوم على المصالح المشتركة مع الدول الصديقة في المنطقة وخارجها، ويعني هذا المبدأ ايضا اننا نتعامل مع كل دولة على قدم المساواة، حتى لا يتحول العراق الى ساحة لتصفية حسابات أي جهة خارجية". 

واكد السوداني أنه "يجب التعامل مع العراق على أساس السيادة والاحترام المتبادل، وليس باعتباره وكيلاً لصراعات اخرى".

واضاف السوداني انه لهذا السبب ايضا "نسعى إلى استعادة دور العراق المركزي في الشرق الاوسط، مستفيدين من موقعنا الاستراتيجي"، معربا عن "الترحيب بفرصة العمل مع الولايات المتحدة لنزع فتيل الأزمات وخفض التوترات في الشرق الاوسط".

لكن السوداني قال "اننا عازمون على تجنب الوقوع في صراع بين اثنين من شركائنا، اي ايران والولايات المتحدة، ونحن نعتبر أن التهدئة الشاملة في الشرق الاوسط تصب في مصلحة العراق والولايات المتحدة، وهو ما يتطلب قبل كل شيء، إنهاء الحرب في قطاع غزة بشكل عاجل واحترام الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني".

وتابع السوداني انه "عندما أزور واشنطن والتقي بالرئيس جو بايدن في 15 نيسان/أبريل، فانه ستكون هناك فرصة لوضع الشراكة الأميركية العراقية على أساس جديد وأكثر استدامة، وستؤكد مناقشاتنا على الأهمية المستمرة لعلاقاتنا الاقتصادية، والتعاون في مكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب، واستخدام الأدوات السياسية والدبلوماسية لنزع فتيل التوترات إقليمية، في حين ستظل الحرب ضد الإرهاب قضية مركزية لحكومتينا".

وخلص رئيس الحكومة العراقي في مقالته في "فورين بوليسي" الى القول "نحن ندرك ونقدر الدور الحاسم الذي تؤديه الولايات المتحدة والاعضاء الاخرون في التحالف الدولي لمحاربة داعش، في هزيمة الإرهاب، وهو دعم ساعد العراق على تحقيق الاستقرار وانجاز خطوات كبيرة على طريق الديمقراطية وسيادة القانون وضمان احتكار الحكومة لاستخدام القوة". 

وتابع قائلا انه "ومع ذلك، انه نعتقد ان الوقت صار مناسبا لكي تصبح علاقتنا اكثر اتساعا، مع الاعتراف بالقدرات المتنامية لقواتنا للدفاع عن العراق وضمان سلامة مواطنيه، والمساهمة بوسائل أساسية في اقامة عراق مزدهر ومستقر". 

وختم قائلا انه "شراكتنا في شكلها الجديد، يمكن أن تمثل مصدرا للمصلحة المتبادلة لكلا بلدينا وقوة تدفع باتجاه تحقيق الاستقرار في الشرق الاوسط".

علق هنا