ريما خلف أميناً عاماً للجامعة العربية

بغداد- العراق اليوم:

 

حلمي الأسمر

 

لا يوجد في ميثاق جامعة الدول العربية ما يمنع أن يكون أمينها العام للجامعة من غير بلد المقر، مصر. وعليه، من حقنا، نحن الشعوب العربية، أن يكون لنا رأي في اختيار أمين عام الجامعة التي تحمل اسمنا، خصوصا وأن لهذا الموقع دورا ما في تفعيل أداء الجامعة، ولو بالحد الأدنى، على الرغم من قناعتنا جميعا أن الجامعة، بكيانها الكلي حاليا، ليست أكثر من منتدىً، ولم تصل إلى الحد الذي يجعلنا، نحن الشعوب، نعول عليها كثيرا، فهي تعبير صادق عن تشرذم العرب، وتمزّقهم، لا جمعهم، فهم في كل مرة "يجتمعون" على قيم الحد الأدنى التي لا تسمن ولا تغني من كرامة.

 

 

ننظر بعين العطف إلى الدعوة التي أطلقها الناشط الاجتماعي، مازن أبو بكر، لشن حملة، ولو على المستوى الشعبي، لتعيين الدكتورة ريما خلف هنيدي أمينا عاما للجامعة، لعلها تبعث في ذلك الموقع الميّت شيئا من الحياة.

وبالعودة إلى الجانب القانوني في الموضوع، نجد أنه طبقا للمادة 12 من ميثاق جامعة الدول العربية، يُعين الأمين العام بقرار من مجلس الجامعة، بموافقة أغلبية ثلثي الأعضاء. وقد تم تعيين الأمين العام الأول، عبد الرحمن عزام، في ملحق لميثاق الجامعة مدة سنتين، ثم تقرّر، في النظام الداخلي للأمانة العامة الذي أقره مجلس الجامعة في عام 1946، بأن تكون مدة الأمين العام خمس سنوات قابلة للتجديد، ثم قرّرت المادة الثانية من نظام (مؤتمر القمة) الذي أقره القادة العرب في عام 2000 بأن يدرج تعيين الأمين العام للجامعة ضمن اختصاصات مؤتمر القمة. ونظرا لأن ولاية الأمين العام عمرو موسى انتهت في نهاية مايو/ أيار 2011، ولم يكن في وسع القادة العرب اختيار خلفٍ له قبل انتهاء ولايته، لأن مؤتمر القمة الذي كان مقرّرا عقده في بغداد في مارس/ آذار في العام نفسه قد تأجل، بسبب ما شهدته بعض الدول العربية آنذاك من ثوراتٍ وانتفاضاتٍ شعبية، فقد فوّض الملوك والرؤساء العرب وزراء الخارجية باختيار الأمين العام الجديد الذي يخلف عمرو موسى، ما يعني أنه لا يوجد ما يمنع قانونا من تعيين الدكتورة ريما خلف في هذا المنصب.

ويُستذكر، هنا، أن العرف الذي كان سائدا بتعيين مصري في هذا المنصب ظل سائدا إلى أن تقرّر تعليق عضوية مصر، ونقل مقر الجامعة مؤقتا من القاهرة إلى تونس عام 1979، إثر توقيع الرئيس المصري الأسبق، أنور السادات، معاهدة سلام منفردة مع إسرائيل، حيث اختير أحد مواطني دولة المقر المؤقت، وهو وزير الثقافة والإعلام التونسي الأسبق، الشاذلي القليبي، أمينا عاما للجامعة، خلفا لمحمود رياض الذي استقال من منصبه.

إلى هذا، يرى كثيرون أن تكرار اختيار الأمين العام من مواطني دولة المقر لم يقترن بالاعتقاد الملزم بهذا العرف، بدليل أن دولاً عربية سبق أن رشحت أحد مواطنيها لشغل هذا المنصب، فمثلا رشح السودان رسميا في عام 1968 وكيل وزارة الخارجية السودانية آنذاك، جمال محمد أحمد، ليخلف عبد الخالق حسونة. كما أن قطر رشحت في عام 2011 عبد الرحمن العطية ليخلف عمرو موسى، فهذه الترشيحات دليلٌ على أنه ليس من اللازم أن يكون الأمين العام مصريا، لأنه لو كان ذلك لازما لحدث استنكار لتلك الترشيحات، لمخالفتها قاعدة عرفية ملزمة.

أقترح، من هنا أن نطلق حملة عبر الإعلام، لدعم اقتراح مازن أبو بكر، ولو من باب إسماع رأينا لأصحاب الحل والعقد في تلك الجامعة التي لم تعد تجمع أحدا إلا بروتوكوليا.

ملأت ريما خلف الأسماع بموقفها الداعم لقضايا العرب، وخصوصا قضية فلسطين. ولها خبرة في العمل في المنظمات الدولية، وقد اختارتها صحيفة فايننشال تايمز من الشخصيات الخمسين الأولى في العالم التي رسمت ملامح العقد الماضي. وشغلت، إلى حين استقالتها، منصب الأمينة التنفيذية للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا) في بيروت، وحازت على جائزة جامعة الدول العربية للمرأة العربية الأكثر تميّزاً في المنظمات الدولية عام 2005، فلم لا تكون الأمين العام لجامعة الدول العربية؟

فلنطلق نحن الشعوب، ومن على منصات وسائل التواصل الاجتماعي الفاعلة، حملة #ريما_خلف_أمينا_عاما_للجامعة_العربية، لعل صوتنا يصل إلى أسماع من بهم صمم، فهي خير من يمثل الضمير الجمعي العربي في زمن غيابه المستمر.

 

علق هنا