استعدادات عسكرية تركية لاقتحام شمال العراق

بغداد- العراق اليوم:

تعطي تركيا مؤشرات متزايدة خلال الأيام الأخيرة على إمكانية إطلاق عملية عسكرية قريبة ضد تنظيم «العمال الكردستاني» في مدينة سنجار العراقية، وذلك عقب الإنهاء المفاجئ لعملية «درع الفرات» التي أطلقتها شمالي سوريا.

وخلال الأشهر الأخيرة حذرت تركيا من قيام تنظيم «بي كا كا» المصنف دولياً على لائحة «الإرهاب»، بتحويل مدينة سنجار العراقية إلى «جبال قنديل أخرى»، وذلك في إشارة إلى المناطق التي يتمركز فيها مسلحو التنظيم شمالي العراق ويتخذونها قواعد للتدريب وتخزين الأسلحة ومنطلق لشن الهجمات ضد الجيش والشرطة التركية داخل البلاد.

وحسب مصادر متعددة، بات المتمردون الأكراد المرتبطون بتنظيم العمال يسيطرون على مناطق واسعة من مدينة سنجار وعملوا على بناء قواعد عسكرية ومواقع تدريب، كما عملو على تحصين المدينة وبناء الخنادق حولها وهو ما أثار غضب تركيا التي تعتبر ذلك «تهديداً خطيراً» لأمنها القومي.

وتشن الطائرات الحربية التركية غارات شبه يومية على مواقع للكردستاني في جبال قنديل ومناطق أخرى شمالي العراق، لكنها لم تتعمق داخل الأراضي العراقية لتصل إلى سنجار. وقال بيان للجيش التركي، أمس الثلاثاء، إنه جرى «تحييد 4 إرهابيين من بي كا كا في قصف جوي تركي على مواقع المنظمة الإرهابية شمالي العراق».

ومن غير المعروف ما إن كانت تركيا ربما تلجأ إلى تنفيذ عملية عسكرية واسعة وبرية ضد المسلحين في المدينة، وهو خيار صعب كونها تبعد 100 كيلومتر عن حدودها، أم أنها ستقوم بضربات جوية ودعم أطراف محلية للقيام بهجوم بري على المدينة لطرد مسلحي «بي كا كا» منها.

وأمس الأول الاثنين، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن «بلاده تجري تحضيراتها لتنفيذ عمليات أخرى ضد المنظمات الإرهابية»، وقال: «مع تطهير مدينة الباب من العناصر الإرهابية، انتهت المرحلة الأولى من عملية درع الفرات، لكن ستكون هناك عمليات لاحقاً». وشدّد أن «تركيا تستعد للانقضاض على باقي المنظمات الإرهابية في المناطق سوريا».

ولفت إلى أن «العمليات الجديدة ستحمل أسماء أخرى، ومفاجآت لكافة المنظمات الإرهابية، بي كا كا، وي ب ك، وداعش، وغولن، وأن الأشهر المقبلة ستكون ربيعًا لتركيا وشعبها، وشتاءً أسود للإرهابيين»، على حد تعبيره.

من جهته، أعطي وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، إشارات مختلفة عن إمكانية دعم الولايات المتحدة لأي تحرك عسكري مقبل في سنجار عندما قال قبل أيام إنه «تطرق في مباحثاته بأنقرة مع نظيره الأمريكي ريكس تيلرسون إلى قضية مكافحة «بي كا كا» في سنجار»، لافتاً إلى أن «تيلرسون أكد له أن واشنطن تمتلك خططاً لإخراج (بي كا كا) من سنجار بالتعاون مع تركيا».

وأعربت الولايات المتحدة، الإثنين، عن قلقها من وجود منظمة «بي كا كا» في قضاء سنجار في محافظة نينوى شمالي العراق، فيما أشارت أنها بحثت المسألة مع حكومة بغداد. وقال السفير الأمريكي لدى بغداد، دوغلاس سيليمان: «الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا يعتبرون (بي كا كا) منظمة إرهابية، وهذه المنظمة كانت قبل ثلاثين سنة في المنطقة الحدودية بين العراق وتركيا ونحن قلقون ومنزعجون من وجودهم في سنجار»، مضيفاً: «لا يوجد سبب لبقاء هذه المنظمة في تلك المنطقة (سنجار) وقد طرحنا الأمر مع الحكومة العراقية في أكثر من مناسبة».

وفي وقت سابق، قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم إن «بي كا كا تسعى لخلق جبل قنديل ثان في المنطقة، وسنجار له أهمية بالنسبة لتركيا». وأردف: «لن نسمح للإرهابيين بتحقيق مبتغاهم، وقد أدرجنا تطهير القضاء من العناصر الإرهابية ضمن أجندتنا، غير أنّ حكومتي الإقليم الكردي في العراق وبغداد أبلغتانا بأنّ البيشمركه والقوات العراقية ستتكفلان بهذه المسألة».

وخلال الأسابيع الماضية، اندلعت في سنجار اشتباكات بين قوات البيشمركه وعناصر تابعين لتنظيم العمال الكردستاني بعد رفض الأخير الانسحاب من المدينة ومنحت حكومة شمالي العراق المسلحين مهلة قصيرة للانسحاب، كما اشتبك قوات البيشمركه السورية والمعروفة باسم «روج آفا» ومسلحي بي كا كا في سنجار.

ويعتبر دعم الوحدات الكردية في سوريا من أبرز نقاط الخلاف بين أنقرة وواشنطن، حيث تقول الحكومة التركية إن مسلحي العمال الكردستاني يحصلون على كميات كبيرة من الأسلحة والمعدات العسكرية التي تقدمها وزارة الدفاع الأمريكية للوحدات الكردية في سوريا تصل إلى المتمردين الأكراد في العراق وداخل أراضيها ويستهدمون هذه الأصسلحة في شن هجمات ضد القوات التركية.

وامس الثلاثاء، قالت وسائل إعلام سورية إن قوات سوريا الديمقراطية أرسلت رتل ناقلات عسكرية من سوريا إلى منطقة سنجار، موضحةً أن قرابة 50 شاحنة تحمل أسلحة ومعدات عسكرية ولوجستية تم إرسالها لدعم ميليشيات بي كا كا في مدينة سنجار العراقية، في معلومات لم تؤكدها مصادر أخرى.

وحسب مصادر تركية وعراقية متطابقة فإن مسلحي الكردستاني سيطروا أيضاً على قضاء مخمور التابع لمحافظة نينوى شمالي العراق وأقاموا فيه معسكرات تدريب ومواقع عسكرية.

وتتمتع سنجار بأهمية أمنية وتجارية حيث تقع على بعد 130 كم تقريبا غربي الموصل، و55 كم جنوب غربي مدينة تلعفر ذات الغالبية التركمانية، و40 كم عن الحدود العراقية السورية، فيما تصل مساحتها إلى حوالي 3200 كم مربع. وتُشير الاحصاءات إلى أن عدد سكان القضاء كان يصل إلى 350-400 ألف نسمة قبل عام 2014، وأنه انخفض إلى نحو 88 ألفا بسبب موجات الهجرة والنزوح التي نجمت عن الاضطرابات الأمنية.

علق هنا