لماذا تصرّ بعض النساء على ممارسة الجنس في الظلام؟

بغداد- العراق اليوم:

 

الخوف من التعري في النور، أو رُهاب التعري، مشكلة تعيشها نساء كثيرات، ومن الصعب جدا التخلص منها، رغم يقينهن بمدى الإزعاج الذي يتسبب فيه هذا الخوف لشركائهنّ، وحتى لهن، هنالك من تعبر عن وضعيتها بأنها معاناة ولكنها في المقابل عاجزة عن تجاوزها، ما الذي يسبب هذه الأزمة عند النساء، لماذا تفضّلن ممارسة علاقاتهن الحميمة في الظلام الدامس ولماذا تمتنعن عن ذلك في الضوء، وهل تستطعن فعلاً تخطّي هذا الخوف المرتبط بظهورهن عاريات تماماً أمام الزوج؟

كتب الدكتور نيكولاس لوبا وهو طبيب ومعالج نفسيّ متخصص في المشاكل الجنسية للأزواج مقالاً طويلاً لموقع “فيمينا” الفرنسيّ حول موضوع الخوف من ممارسة الجنس في الضوء لدى النساء والرجال، لكن خصوصا عند النساء لأنهن أغلب من يعاني من هذا الإشكال، يصنف لوبا هذا الرهاب بأنه مرض نفسي حقيقي لا يقل خطورة عن أي مرض آخر، لأنه يُفسّر ويرتبط مباشرة بانعدام الثقة بالنفس، وأن المرأة التي تخاف من إظهار جسدها هي في واقع الأمر امرأة لا تحبّ جسمها ولا تثق به، ولأنها كذلك فهي تعتقد أن تعريها قد يتسبب في خسارة شريكها، هذا بالنسبة له هو السبب الرئيسي بينما قد يعود ذلك في حالات أخرى إلى الخجل عندما يتجاوز معدلاته الطبيعية في شخصية بعض النساء.

برأي الدكتور نيكولاس لوبا، أن أسباب هذا الرهاب تكون عادة قديمة جدا، وتتكون رويدا في لاوعي الفتاة منذ مراهقتها وهي السن التي اعتبرها مرحلة تكوّن أنوثة الأنثى، وبداية تعرّفها على تغييرات جسمها وبالتالي علاقتها به، إنها مرحلة مرورها من فتاة إلى امرأة، عندما تصبح محطّ أنظار محيطها ومجتمعها من حيث الطريقة التي تتعايش بها مع تغييراتها الجسدية، تبدأ في التعرض لمواقف جديدة من قبيل أن يطلب منها أحد والديها أن تستعمل حمالة صدر لأن صدرها بدأ في البروز، ستفهم تلقائيا أن هذا الجزء من الجسم هو رمز للأنوثة، وأنه بطريقة أو بأخرى لا يجب أن يكون ظاهراً، هذه رسالة خفية تصيب مباشرة عمق علاقتها بجسمها، وهذا التعامل من قبل الآخرين مع جسمها يبدأ في خلق نوع من التعقيد داخل هذه العلاقة.

الجنس هو واحد من الفضاءات الذي يكشف طريقة تعاملنا مع جنسنا، ذكر أو أنثى، وإذا جرحت نظرتنا لجنسنا باكراً فمن هنا تبدأ المشكلة، ذلك يعني أنها تحولت إلى شيء موجع، وهذا فخّ من فخاخ المحيط الذي بمجرد سقوطنا فيه سيلازمنا لوقت طويل، وسوف يخلق تلك القطيعة مع جسدنا وبالتالي الخجل منه والخوف من بروزه كما تعودنا منذ الأول.

هذا النوع من النكران للجسد الذي تخلقه التربية، سوف تؤسس حسب المقال إلى أن تحتقر المرأة جسدها، لن تنظر إليه بحبّ، لأنها تعلمت أنه يجب أن يظل مغطى ومستتراً، وسوف يتطور ذلك مع الوقت إلى أن تفقد ثقتها فيه تماماً، من أجل ذلك سيكون من الغريب عليها أن تكشفه أمام أحد حتى لو كان زوجها، ثم وبسبب انعدام الثقة ستخشى أن لا يكون في مستوى آمال الشريك، فتفقده مثلا، أو تفقد حبه، لذلك لا تُخاطر بكشفه أبداً.

يؤكد الدكتور لوبا أن النساء مطالبات أولا وقبل كل شيء بمعرفة معنى أن تكون أنثى، وتحديد العوائق التي تمنعكِ من معايشة ذلك جيداً، بطاقة ومحبّة وتصالح مع ما أنت عليه، وأول شيء الفخر بجسدك وبكل عضو فيه، ثم سؤال نفسك حول الصور والأحكام التي نُقلت إليكِ من طرف المجتمع والعائلة حول هذا الجسد، هل أنت متفقة معها، هل أنتِ موافقة عليها؟

أخيراً يضع هذا المقال محبة المرأة لجسدها وتصالحها معه في علاقة مباشرة مع نجاح حياتها الجنسية، إذ يعتبر أن العفوية واحد من شروطها الأساسية، اسألي أي نوع من الحياة الجنسية تريدين عيشها، أي نوع من النساء في العلاقة الحميمة تريدين أن تكوني، يؤكد الدكتور نيكولاس لوبا أن ذلك سوف يكون أولى خطواتك نحو بلوغ هدفك وتحقيق الرضا التام على جسدك وبالتالي التخلص من رهاب التعري أمام شريكك إلى الأبد.

علق هنا