موازنة مغصوب عليها و منها، هل ستنهي جدل الفراغ و تملئ جيوب المواطنين أم سيعود الناس بخفي حنين ؟

بغداد- العراق اليوم:

كتب المحرر السياسي في العراق اليوم:

بنجاحه في التصويت على بعض مواد الموازنة في جلسة ( مسائية)، يبدو أنها أصبحت عرفاً في مجلس نيابي، يتخذ من الليل جملاً، و ستراً و غطاءً، فيمرر الحكومات، و يصوت على القوانين الخلافية، و ها هو يعيدها مع قانون الموازنة العتيدة، هذه الموازنة التي توصف بأنها الأضخم و الأكبر في تاريخ البلاد، و الأكثر عجزاً أيضاً، اذ يبلغ عجزها قرابة الثلث، في ظل إرتفاع جنوني في النفقات التشغيلية التي وضعت فيها حملات التوظيف الحكومي، خصوصاً ما بعد 2019، نابض لا يريد العودة الى ما كانت عليه الأوضاع قبل هذا التاريخ، مع انفتاح شهية الجميع، للوظيفة العمومية التي أصبحت مصدر دخل سهل، و بوابة للدخول في عمق القرار الحكومي، و الحصول على الإمتيازات التي توفرها الوظيفة، و لا يجدها المواطن في أي قطاع عدا ذلك.

و لسنا بوارد تقييم فاعلية برنامج التوظيف الحكومي، الذي اتخذ شكلاً زبائنياً واضحاً من قبل القوى السياسية الممسكة بزمام الأمور، حيث يتم التوظيف مقابل الحصول على التأييد الشعبي في الاستحقاقات الانتخابية المتلاحقة، و عجز الحكومات المتعاقبة عن مواجهة طوفان هائل يأكل موارد الدولة المالية، المتأتية أصلاً من إيرادات نفطية، تساهم بأخذ حصة وازنة منها، الشركات الأجنبية التي تعاقدت فيما سمي بجولات التراخيص.

نقول، أن الموازنة التي تبدو ان لا أب لها، مع أن الجميع يدعي من طرف خفي، بعض الوصل بها، لكنه يهاجمها، لأنها لم تلبِ طموحه، الذي في الغالب ذاتي، حزبوي، فئوي، لا يضع الاعتبارات العامة في سلم الأولويات الوطنية، نقول ان هذه الموازنة ستكون في حال أنجز مجلس النواب اليوم إقرار ما تبقى من موادها، هي الاختبار المفصلي لحكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، حيث ستكشف عن قدرته على توظيفها في سبيل بناء نمو اقتصادي و تنموي، او قد تكشف - لا سمح الله - عن عجز حكومي، يبدو أنه بفعل الموروث البيروقراطي و الفساد حاضراً و بقوة في المشهد، لكن إرادة السوداني يمكن أن تكبحه، مدعوماً برغبة شعبية عارمة في ان تتجاوز هذه الحكومة على الأقل فخ الوقوع مجدداً في دوامة تبديد الفرص، و إهدار الوقت، و تضييع الهدف.

نحن، إزاء موقف مفصلي، قد ينتهي بإقرار موازنة، يريد منها الجميع ما يريدون، و يهاجمونها أيضاً، و هذا حال الأنظمة البرلمانية الديمقراطي، لكن الذي يهمنا ان لا يمتد الغضب السياسي الى الشارع و يصيبه بالاحباط.

علق هنا