العرگ ممنوع والعتب مرفوع

بغداد- العراق اليوم:

حسن الخفاجي  

افتتح دكان مجلس النواب العراقي ابوابه التشريعية قبل ايام رافعا شعار: العرگ ممنوع والعتب مرفوع.

‏ كأن القضايا التي تهم العراقيين انجزت ولم يبق امام المجلس الموقر الا العرگ يشغل وجدانهم فمنعوه لكي يسهل انضمام اكثرية مجلس النواب الذين صوتوا على القرار المعجزة الى مملكة طالبان الافغانية لزراعة الحشيش والأفيون ، او ان يدخلوا نادي الاخوان المسلمين العالمي لصاحبه المصري محمد بديع . لقد تفوقوا حتى على مجلس الشعب المصري الذي كان يرأسه عضو مكتب ارشاد جماعة الاخوان المسلمين الدكتورمحمد سعيد الكتاتني .

برلمان الكتاتني الذي كان اغلب أعضاؤه من الاخوان المسلمين والسلفيين لم يجرؤ حتى على التفكير بقرار منع المشروبات الكحولية بمصر. لم يبق شيئا يهم المواطن: عيش رغيد وسكن وامان ولقمة حلال ووظائف متوفر ووو ، كل هذه القضايا ناقشها مجلس النواب ووضع بصماته عليها ولم يبق قانونا يهم راحة المواطن لم يشرعوه . نفذت اعمال المجلس قبل ان تنتهي مدته التشريعة فنبشوا دفاتر الاخوانجية واخرجوا منها قانونا داعشيا. لقد نفذوا كافة المهام ونُفِذَتْ كل القضايا ولم يبق أمامهم الا قوانين اللهو والترف والوناسة فوضعوا اكفهم في رقاب من يحتسون الخمر كي يخمدوا انفاسهم .

لقد بلغت السخرية من قرار منع المشروبات الكحولية مديات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي حتى ان بعض الشبان رفعوا شعارات تقول : (ما أنريد تمن ومرگ يعبادي رجعلنه العرگ). مدحناكم كثيرا لصحوتكم المباركة واقالتكم وزيري الدفاع والمالية ، بدل ان تستمروا بثورتكم البرلمانية عدتم الى الخلف أميالا عدة حتى اضطررتمونا لنسخر من قرار ابله اتخذتموه . لا القرار ولا توقيته سليما وربما يكون توقيته مشبوها ، لان تزامن القرار مع معركة تحرير الموصل يعني إنكم أرسلتم رسالة بالغة السوء الى باقي مكونات الشعب العراقي من غير المسلمين رسالتكم تقول بعدما ننتهي من داعش سنطبق عليكم قوانين قندهارية تحت ظل الديمقراطية . الديمقراطية لاتعني قمع الأكثرية للأقلية ولا تعني أبدا مصادرة حرية الأقلية او حتى مصادرة الحريات الشخصية .

الم يقل الله في كتابه الكريم: (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) أنتم مشرعون مدنيون فلا تلعبوا ادوارا تسيء لكم وللديمقراطية وتسيء لعراق المكونات . كنت مقيما في الكويت قبل غزوها من صدام وكان عدد من يموتون من الكويتيين والمقيمين بالخمر المصنع في البيوت عدد كبير جدا ، وكانت المشروبات المهربة تجارة مزدهرة من اختصاص أمراء العائلة الحاكمة . هل كف اللصوص عن السرقات وتهريب الدولار لتفتحوا لهم طريق ادخال المشروبات المهربة لتزدهر طبقة مهربجية جدد ؟. اعدم صدام البعض من القوادات المعروفات واغلق النوادي والبارات في حملة القمع التي سماها “إيمانية” ، لقد كانت نتيجة حملة صدام القمعية “الإيمانية” ان انتشرت بيوت الدعارة في اغلب المناطق السكنية وتحولت الجمعيات الثقافية والفنية الى خمارات .

عودوا عن قراراكم البائس كي لا تفتحوا الأبواب لصناعة الخمر السام محليا وزراعة الخشخاش وباقي أصناف المخدرات ، ولاتسهموا بانتشار هذه الافة بقرار غير مدروس اتخذتموه سيسهم عمليا بانتشار المخدرات وادخال المشروبات الكحولية المهربة ، مثلما هو الحال باغلب دول الخليج .

ينفذ اغلب الدواعش عملياتهم الانتحارية وهم تحت تأثير المخدرات . هل قبضت اجهزة الأمن على سكير إرادة تفجير نفسه بين العراقيين ؟. انا ممن ينطبق عليهم قول الشاعر محمود سامي البارودي :”وَمَا أَنَا مِمَّنْ تَأْسِرُ الخَمْرَ لُبَّهُ وَيَمْلِكُ سَمْعَيْهِ اليَرَاعُ المُثَقَّبُ”، لكن بعض القضايا في عراقنا تنطق الاخرس.. “في زمن الخداع يكون قول الحقيقة عملا ثوريا” جورج أوريل

علق هنا