تقرير خطير: حرب صامتة بين الحزبين الكرديين الحاكمين في شمال العراق

بغداد- العراق اليوم:

مع تزايد الانشقاقات بين الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني على خلفية عدد من القضايا، سيفقد إقليم كردستان استقراره الاقتصادي والسياسي، بحسب تحليل نشره باحث كردي في الولايات المتحدة الأميركية.

التحليل الذي نشره "نورس جاف" من جامعة أولد دومينيون، في "معهد واشنطن"  أشار الى ازدياد التوترات بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني عمقًا وخطورة. في الآونة الأخيرة، دفعت هذه التوترات أعضاء حزب الاتحاد في حكومة إقليم كردستان، بمن فيهم نائب رئيس الوزراء، قوباد طالباني، إلى مقاطعة الاجتماعات الأسبوعية لحكومة الإقليم.

فيما يلي عرض لأهم فقرات التحليل:

ـ بحسب بيان صادر عن بافل طالباني، رئيس الاتحاد الوطني، ينبع الخلاف من شكاوى مختلفة. قال بافل قبل عدة أسابيع: "تعاقب حكومة إقليم كردستان منطقة السليمانية وإدارتها، ولا تسدد رواتب المواطنين، ولن تسمح حتى لنائب رئيس الوزراء بالقيام بما تقتضيه وظيفته".

ـ  لم يدلِ أعضاء الحزب الديمقراطي، بمن فيهم رئيس الحكومة، مسرور بارزاني، حتى الآن بأي تصريح بنّاء بشأن مخاوف الاتحاد الوطني الكردستاني والانتقادات الموجهة له إلا أن هيمن هورامي من قيادة البارتي ذكر "لا تستطيع الحكومة القيام بواجباتها في المنطقة الخاضعة لسلطة الاتحاد الوطني الكردستاني، ولا أحد لديه معلومات بشأن عائدات هذه المنطقة".

ـ اشتدت أيضًا حدة التوترات إثر اغتيال هوكر جاف في تشرين الأول/أكتوبر، وهو ضابط في مجلس أمن كردستان حوّل في هذا العام ولاءه من الاتحاد الوطني الكردستاني إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني. نفى الاتحاد الوطني بشدة تورطه في الاغتيال وطلب إجراء تحقيق شامل في الحادثة، لكنه حث حكومة الاقليم أيضًا على عدم نشر أسماء الجناة المتورطين. ونشرت الإدارة بقيادة بارزاني ومجلس أمن كردستان أسماء الجناة واعترافاتهم على أي حال، ما زاد من حدة الخلاف.

ـ  الاتحاد و الديمقراطي يسلكان اتجاهيْن مختلفيْن، ومتناقضيْن بشكل متزايد، ولا أحد يعرف الوجهة النهائية لهذه المنطقة الصغيرة. تشمل الاحتمالات تعزيز حكومة واحدة، أو تشكيل حكومتين، أو مقاطعة الحكومة، أو العودة إليها مجددًا، أو تخفيف التوترات أو تصعيدها.

ـ أثارت تلك المشاكل مخاوف هائلة بين سكان إقليم كردستان، فهم يدركون أن نشوب أي نزاع بين الحزبين الرئيسيين، قد يعيد الحنين للماضي الذي شهد حرب أهلية، وبروز أزمات مالية وتشرذم البلاد.

ـ لا تزال شكاوى الاتحاد من أن الديمقراطي يعاقب السليمانية ماليًا. يتمحور الجدل حول تخفيضات حادة في الميزانية من قبل حكومة الاقليم، جعلت المناطق الخاضعة لسيطرة الاتحاد، مثل السليمانية، غير قادرة حتى على دفع رواتب موظفي الحكومة وقوات الأمن.

ـ تعزى هذه المشاكل المالية أيضًا إلى مشاكل هيكلية. يعتمد إقليم كردستان العراق بشكل أساسي على عدد من الموارد المدرة للدخل، أهمها النفط الذي يتوزع بين المناطق الخاضعة لسيطرة الحزبين. وعلى الرغم من أن معظم هذا النفط يقع في مناطق تخضع لسيطرة الديمقراطي، تُعد جودته منخفضة جدًا، ويجب مزجه بالنفط من المناطق الخاضعة للاتحاد حتى يكون قابلًا للتسويق.

ـ في منطقة الاتحاد الوطني الكردستاني، يبدو إنتاج الغاز الطبيعي واعدًا في المستقبل.

ـ لا تزال الخلافات بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة الاقليم معلقة دون حل، وقد شكل قرار المحكمة الفيدرالية العراقية الذي وصف عملية التنقيب عن النفط بأكملها في إقليم كردستان العراق بأنها غير قانونية، عقبة كبيرة بين حكومة إقليم كردستان في قطاع النفط.

ـ ديناميكيات الموارد المتغيرة هذه أصبحت إحدى أبرز نقاط الخلاف بين الحزبين، لا سيما لجهة الخطط المتعلقة بتصدير الغاز الطبيعي من الاقليم إلى الخارج. يعترض الاتحاد بشدة على هذه الخطوة، وقد منع حدوثها، بينما يرى الديمقراطي أنها وسيلة تسمح للاقليم بلعب دور بارز على الصعيد الدولي.

ـ  الخلافات حول النفط والغاز إلى المزيد من الخلافات المالية البارزة. وفقًا لتفاهم مسبق، يتم تقسيم ميزانية ودخل الاقليم بين المنطقتين: 57% لمنطقة الديمقراطي (الصفراء) و43% لمنطقة الاتحاد (الخضراء). ولكن الطرفين تبنّيا منذ ذلك الحين وجهات نظر متباينة بشكل متزايد حول كيفية تخصيص دخل المنطقة. من منظور بارزاني و حزبه، يجب على حكومة الاقليم دفع رواتب المحافظات وتحديد ميزانياتها بناءً على دخل كل منهما. ومقابل هذه الرؤيا، يقترح طالباني وحزبه أن تجمع حكومة إقليم كردستان كل المداخيل من الاقليم ومن ثم توزعه بشكل منصف على جميع المناطق بحسب الحاجة.

ـ  يزعم قادة الاتحاد أن دخل محافظة السليمانية، بين عائدات النفط والضرائب ودخل معبرين حدوديين دوليين، لا يزال غير كافٍ لتغطية الاحتياجات الأساسية لميزانية المحافظة ورواتبها. فقد تسبب نقص الأموال بأزمة أجور في مناطق السليمانية مثل حلبجة وغرميان ورابارين، ما أدى إلى تأخر توزيع الرواتب.

كردستان موحدة أم منطقة خضراء ضد منطقة صفراء؟

ـ  العلاقة المتوترة التي تجمع اليوم بين الحزبين الحاكمين في كردستان تنتج من النزاع الذي دام 60 عامًا والذي أضفى طابعًا مؤسسيًا على الانقسام بين هذين الحزبين بانقسام تاريخي وأيديولوجي وجغرافي، وحتى لغوي، على مدى عقود.

ـ على الرغم من أن الطرفين وقعا اتفاقًا استراتيجيًا عام 2003، واضعَين بذلك حدًا اسميًا للخلاف، نشبت حرب باردة بينهما ولم يُحرَز سوى تقدم ضئيل للغاية في التوصل إلى حل مجدٍ. واليوم، يُعد مسرور بارزاني وقباد طالباني ورثة هذا الصراع، وتصبح الحدود بين المنطقة الخضراء والمنطقة الصفراء في كردستان أكثر ترسخًا وتقييدًا، حرفيًا ومجازيًا.

ـ وعلى الرغم من المحاولات المتعددة من قبل الأحزاب والكيانات السياسية الأخرى لتسهيل التخفيف من التوترات بين الحزبين الكرديين، أصبح الصراع اليوم محتدمًا ومطولًا أكثر من أي وقت مضى والتهديد بانقسام إقليم كردستان خطرًا أكثر من أي وقت مضى.

يسود عدم اليقين تجاه ما يحمله مستقبل هذه المنطقة في طياته، ولكن الواقع الحالي الذي يزداد فيه تنافس الأحزاب من أجل مصالحها الخاصة بدلًا من العمل معًا لا يبشر بالخير لكردستان.

علق هنا