التحقيق مع صحفي وصف البرلمان بـ«فيلم كارتون»

بغداد- العراق اليوم:

 قررت نيابة استئناف القاهرة، أمس الأحد، إخلاء سبيل الكاتب الصحافي إبراهيم عيسى، رئيس تحرير جريدة «المقال»، في البلاغ المقدم ضده من البرلمان، بتهمة إهانة المجلس ورئيسه، بضمان محل إقامته.

وكان عيسى تلقى اتصالا تليفونيا من مكتب النائب يفيد بضرورة حضوره في الساعة الثانية عشرة والنصف من ظهر أمس، إلى مكتب النائب العام في مدينة الرحاب على أطراف العاصمة القاهرة للخضوع للتحقيق. 

وقال المحامي نجاد البرعي، دفاع عيسى، في تصريحات لـ «القدس العربي»، إن «طريقة استدعاء موكلي، طرحت عدة تساؤلات، أولها، سرعة عملية الاستدعاء للتحقيق، التي جاءت بعد 4 أيام فقط، من تاريخ تقديم البلاغ من قبل رئيس مجلس النواب علي عبد العال».

وأضاف: «الأمر الثاني يتعلق باستدعاء عيسى لمكتب النائب العام في مدينة الرحاب على أطراف القاهرة، رغم أن البلاغ يتعلق بقضية نشر، وليس قضية تتعلق بالإرهاب وأحداث جنائية».

وتابع: «كان من الطبيعي أن يجري التحقيق مع عيسى في فرع النيابة في مدينة 6 أكتوبر التابع لها مسكن عيسى، أو مكتب النيابة في الدائرة التي تضم مقر الجريدة».

واعتبر أن «ما جرى من استدعاء لعيسى إلى مكتب النائب العام يمثل تكديرا ورغبة في فرض مزيد من الضغط على المستدعى، على عكس ما ينص الدستور المصري الذي أوجب فكرة التسهيل على المتهم بالتقريب القضائي بمعنى تقريب جهة التحقيق من محل المتهم».

وحسب البرعي، «قانون نقابة الصحافيين، ينص على ضرورة إرسال البلاغ للنقابة أو أن يستدعى الصحافي من خلال نقابته، وأن يجري التحقيق في البداية في البلاغات التي تتعلق بالنشر من خلال لجان التحقيق في النقابة». 

وحضر وفد من نقابة الصحافيين، يضم كلا من محمود كامل رئيس اللجنة الثقافية في النقابة، وسيد أبو زيد المستشار القانوني للنقابة، التحقيق مع عيسى. وقال خالد البلشي، عضو مجلس نقابة الصحافيين السابق، والمرشح على عضوية المجلس في الانتخابات المقبلة لـ«القدس العربي»، إن «جرائم إهانة المؤسسات هي جرائم يكاد ينفرد القانون المصري بها».

وأضاف: «هي جرائم وضعت في عصور الاستبداد وتخلصت منها غالبية دول العالم لكن ما زالت موجودة لدينا، وطالبت نقابة الصحافيين بإلغائها لفترة طويلة، وتم النص على إلغائها في مشروع قانون منع الحبس في قضايا النشر الذي أعدته اللجنة الوطنية للتشريعات الإعلامية، وتم تقديمه للحكومة». وكشف أن «اللجنة المصغرة التي صاغت مشروع إلغاء العقوبات السالبة للحرية في مجال النشر، التي طالبت بإلغاء نصوص إهانة المؤسسات كانت مشكلة من 3 هم أنا، وحسين عبد الرازق، وعلي عبد العال صاحب البلاغ ضد إبراهيم عيسى، لكن قبل أن يكون رئيسا للبرلمان، بمعنى أن عبد العال طالب بإلغائها في مشروع اللجنة وسارع باستخدامها عندما صار رئيسا لإحدى المؤسسات، والكارثة أنها المؤسسة المعنية بالتشريع التي ستنظر مشروع القانون». 

ووفق البلشي: «اتهامات إهانة المؤسسات تعد مطاطة، لا يجوز لدولة تحترم مواطنيها أن تبقي عليها، يضاف لذلك أن من تقدم ببلاغ البرلمان تجاوز كل الخطوات المنصوص عليها في القانون خاصة عندما يتعلق الأمر بمسؤول أو مؤسسة، التي تبدأ بحق الرد خلال فترة محددة، يضاف لكل ذلك أن المستقر في أحكام محكمة النقض المصرية أن نقد الموظف العام حق مهما اشتط الناقد فما بالك بالتعليق على أداء مؤسسة من مؤسسات الدولة».

وقال البلشي إن «الموضوع كله يتعلق برؤية النظام المصري للصحافة وحدود حريتها، ولا يجب الوقوف به عند حدود الأشخاص، فصاحب البلاغ هو من هاجم الأهرام الأسبوع الماضي لأنها قالت رأيا لا يعجبه، ملوحا بالأموال التي تدفع للصحافة القومية، إضافة إلى أن هذه التصريحات تأتي امتدادا لتصريحات العديد من المسؤولين في الدولة عن الصحافة التي يريدونها، لذا فإن بلاغات هؤلاء المسؤولين وهجومهم على الصحافة والصحافيين، لا يمكن فصله عن الهجمة على حرية الصحافة والمحاولات المستمرة لقمع الصحافيين».

وكان مجلس النواب تقدم الثلاثاء الماضي، ببلاغ إلى المستشار نبيل صادق النائب العام، ضد جريدة «المقال»، لاتهامها بإهانة المجلس، بعد أن وصف مانشيت الجريدة المجلس بأنه «أفضل فيلم كارتون»، وتضمن عبارة تصف مجلس النواب بأنه من صناعة الأجهزة الأمنية.

وجاء البلاغ استجابة لمقترح تقدم به النائب مرتضى منصور خلال الجلسة العامة للمجلس، الثلاثاء الماضي، بالتصويت على تقديم بلاغ من المجلس إلى النيابة العامة بسبب إهانته للمجلس.

وقال علي عبد العال رئيس مجلس النواب: «أقسمنا على احترام الدستور والقانون والدستور ينص صراحة على حرية الصحافة، أعلم جيدا أن ما ورد في المقال يشكل جرائم طبقا للقانون، وما جاء في هذا المقال تضمن بعض العبارات، التي تشكل جرائم طبقا لقانون العقوبات، وأنا أيضا باسمكم جميعا أحمي هذا المجلس». وتمثل هذه الواقعة الثانية في الصراع بين البرلمان والجماعة الصحافية، حيث سبقها تصريحات لعبد العال أثارت جدلا وغضبا واسعا في الوسط الصحافي المصري، قال فيها نحن ننفق على الأهرام وهي لا تقدم شيئا، وصدر عن مؤسسة الأهرام بيان ردت فيه على تصريحات عبد العال.

وقالت «الأهرام» في بيانها: «يعلم الدكتور علي عبد العال، رئيس مجلس النواب، قبل غيره قدر مؤسسات الدولة ومن أهمها مجلس النواب الذي يترأسه ومؤسسة الأهرام العريقة، التي تعد أكبر مؤسسة صحافية قومية في مصر والعالم العربي، والمؤسستان ـ الأهرام والمجلس- يعبران عن الشعب بكل طوائفه، وفوجئنا بالتصريحات التي صدرت عنه، والتي لم نفهم مبررها؛ لأنَّ صحافيي الأهرام بكافة إصداراتها يقومون بعملهم بشكل مهني رفيع المستوى، فهم القاطرة العظيمة التي تقود الصحافة المصرية، وحتى الإعلام المرئي والمسموع من خلال العدد الكبير من المعدين ورؤساء تحرير البرامج المختلفة». وأضافت: «مؤسسة الأهرام تؤكد اعتزازها وفخرها بالأداء المهني للزملاء في إصدارات المؤسسة وبالتنوع الذي يجسد كونها المؤسسة الصحافية الأكبر والقائدة في مصر والعالم العربي، وتؤكد أنَّ صحافيي الأهرام يعملون عند الشعب الذي يستجلي الحقيقة من خلالهم، وكنا ننتظر من رئيس البرلمان أن يستفسر عن الحقيقة من إدارة المؤسسة قبل الإدلاء بتصريحاته التي أساءت لمؤسسة الأهرام العظيمة».

 

علق هنا