بعد انهائهم الشراكة مع مقتدى الصدر ورفضهم دعوته للاستقالة الجماعية.. ما هي أثمان إنضمام السيادة والبارزاني لحكومة الأطار التنسيقي المرتقبة ؟

بغداد- العراق اليوم:

استبشر الجميع خيراً مع توارد الأنباء التي تحدثت عن انفراجة سياسية كبيرة، والاقتراب من إعادة التئام مجلس النواب مجدداً، وعودة مسار الأحداث الى طبيعتها، خصوصاً مع اقتراب الأزمة السياسية من دخول عامها الأول، وتعقدها الى الوضع الذي شهد تعطلاً لمصالح الناس، وتسببها في حدوث صدامات واحتكاكات مؤسفة .

هذه الانفراجة الأخيرة حركها بطبيعة الحال، رفض تحالف السيادة السني بزعامة محمد الحلبوسي وخميس الخنجر من جهة، والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني، لدعوة رئيس التيار الصدري مقتدى الصدر الذي طالبهما بالاستقالة الجماعية من مجلس النواب، وعدم اعانة خصمه الأطار التنسيقي من تأليف حكومة جديدة، لكن دعوة الصدر هذه ووجهت بالرفض علنا، اذ يسعى الطرفان السني والكردي بشكل واضح للاشتراك في حكومة يشكلها الأطار التنسيقي تمهد كما قالا في بيانهما المشترك لتنظيم انتخابات مبكرة.

اذن، هذا الرفض اعلن رسمياً قبر التحالف الثلاثي، واسدال الستار عليه، بعد أشهر من الحديث عن قوته وتماسكه، وانه لن يتفكك تحت اي ظرف، لكن قوة ومطاولة قوى الاطار التنسيقي اثبتت انها قادرة على فك الحديد، فكيف اذا كان التحالف هل اقل صلادة من ذلك كما هو واضح؟.

بالعودة إلى وجهة التحالف السني وحزب البارزاني الجديدة، فمؤكداً سيلتقيان عند محطة الأطار التنسيقي الذي اصبح هو الآن الممثل الوحيد للقوى الشيعية في العراق، واصبح يمتلك الغالبية العظمى من اصوات المكون، فما الذي سيقدمه الأطار لهذه القوى الجديدة المنفرطة من تحالف غريمه، كيف سيكون شكل التفاوض معها، على اي اسس سيبنى الحوار، وكيف يتم الخوض في تفاصيل وتعقيدات الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والامني .. الخ.

هنا تكمن خطورة الأمر ودقته،. هنا سنعرف كيف تسير الامور الى نصابها الصحيح من عدمه.

مراقبون ومختصون يؤشرون مخاوف متعددة من هذا التحالف الجديد، اذ هل من المعقول ان يفرط البارزاني البرغماتي حد النخاع، بتحالفه مع الصدر الذي كان سيمهد له الطريق نحو التفرد في تمثيل الاكراد والحصول على امتيازاتهم كافة، ويذهب باتجاه الإطار التنسيقي بلا ثمن موازي ان لم يكن يفوق ما حصل عليه من تعهدات وتنازلات قدمها التيار الصدري ابان تشكيل تحالفهما الفارط.

كذلك ستتعامل القوى السنية، التي يقودها شخص مثل الحلبوسي الطامح ان يمد نفوذه السياسي ويحصل على المزيد من التنازلات والمكاسب السياسية والاقتصادية، مع وضع الاطار التنسيقي الذي يريد ان لا يفوت فرصة تفكك الثلاثي وانهياره بأي ثمن، خصوصاً مع استمرار تلويح الصدر واتباعه بالشارع لإفشال اي حراك اطاري للمضي في عملية التوليف المرتقبة.

واذا كان البعض يرى ان مضي الخنجر والحلبوسي والبارزاني باتجاه حلحلة الانسداد السياسي الحالي اتى بضغط تركي او خليجي او أمريكي او حتى إيراني، وانهم تحركوا بدفع من تلك الجهات، فأن السؤال الذي يطرح نفسه، اين كانت هذه الجهات طوال الفترة الماضية، ولماذا تحركت الآن بالذات؟، مع اعتقادنا بوجود نسبة من التأثير لهذه الأطراف الدولية، فأننا نعتقد ان وراء الاكمة ما وراءها في ملف هذا التقارب، وقد يكون عنوان المرحلة الان، هو نزع المزيد من التنازلات والمكاسب من القوى السياسية الشيعية التي تعيش اسوأ ايامها بسبب الانقسام والتشظي والصراع البيني.

ومع استمرار التأكيد على اننا نرحب بأي حل سياسي، وانفراج يفضي الى تشكيل حكومة وطنية جديدة جامعة، لكننا نكرر المخاوف من ان يكون وراء هذا التقارب المفاجئ والتحول الدراماتيكي في المواقف، صفقات مشبوهة وتنازلات تجبر القوى الشيعية لتقديمها، خلافا للدستور ولمصالح من تمثلهم في الشارع.

نخشى من تقديم وعود اطارية ثقيلة لكردستان تمس بسلطة بغداد الدستورية، وتمس جوهر مصالح الشعب العراقي برمته، ونخشى من تقديم تنازلات مثيلة للمفاوض السني الذي يستغل ثغرة الانقسام الداخلي الشيعي لتحويلها الى مكاسب سياسية على الواقع.

هي دعوة واضحة لقوى الاطار التنسيقي ان لا تضع الجنوب المحروم ومدنه ورقة رخيصة للتفاوض وان يكون موقفها صلباً في الدفاع عن حقوق الشعب العراقي برمته، وان لا تعطي اي وعود تخالف الدستور تحت اي ضغط كان.

علق هنا