الصدر يغادر مرجعية الحائري الى أين، والحائري يغادر المرجعية بأحداث صاخبة في العراق؟

بغداد- العراق اليوم:

يُلزم الفقه الشيعي الاثنا عشري، الأتباع أن كانوا لم يتحصلوا على درجة " الأجتهاد الفقهي" على الرجوع الى عالم تحصٌل على هذه المرتبة العلمية في علوم الفقه والأصول، حتى يكون عمل" المُكلف" غير العالم بطبيعة الحال، متوافقاً مع المنهج الذي تسير عليه الجماعة الشيعية، وهذا ما يسمى بالتقليد، أي رجوع المُكلف الى المجتهد الجامع للشرائط الدينية، وثمة وظائف دينية في الحوزة الشيعية ومناصب أقل شأناً من وظيفة ومنصب المجتهد، وتسمى بحجة الإسلام والمسلمين، أو الفضلاء في الحوزة، وهم مجموع المدرسين الذي يقومون بتدريس الطلبة المقدمات الدينية المطلوبة.

من هذا الفهم ننطلق الى أن رجوع السيد مقتدى الصدر، وهو يلقب الآن بحجة الأسلام والمسلمين، الى الفقيه الشيعي المعروف كاظم الحائري، كان من هذا الباب، وكان الصدر الأبن قد نفذ وصية والده الشهيد محمد محمد صادق الصدر بالرجوع الى المرجع الحائري بعده.

ولأن الصدر يقود تياراً دينياً شيعياً، فأنه ملزم أن يقدم لأتباعه مشروعية دينية من رجل دين حائز على هذه الدرجة التي لم يبلغها الصدر الى الآن، وهو الأجتهاد، لذلك فإن الصدر التزم فتاوى الحائري وتوجيهاته، ولعل حادثة العام 2010، حين أوصى الحائري، الصدر بمنح أصوات كتلته النيابية الى رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي ليحصل على ولاية أخرى، كانت الملمح الأشهر في تاريخ العلاقة بين الحائري ومقتدى الصدر.

لكن السنوات الأخيرة، ومع نزوع الصدر الجديد في تعريق المرجعية الدينية، او " تنجيفها"، كانت نقطة افتراق غير معلنة بين الصدر والحائري، الذي كانت بيانات مكتبه تشير صراحةً الى عدم موافقته على طروحات الصدر وتياره السياسي، بل وصل الأمر الى انتقادها مرات عديدة، لذا بات اتباع التيار الصدري يعلنون انهم اعتزلوا مرجعية الحائري، دون ان يسموا بديلاً عنه، ويكتفوا بالتأكيد على أن القيادة الشرعية  لا تحتاج الى " مجتهد"، في انقلاب فكري وعقدي مثير.

التحول الدراماتيكي في شكل العلاقة بين الصدر ومرجعه الحائري كانت مؤخراً صاخبة جداً، فبدون مقدمات اعلن اية الله الحائري اعتزال المرجعية الدينية، واغلاق مكاتبه، وسحب وكالات شرعية من شبكة معتمديه، وايضاً اعلانه التخلي عن وظيفة المرجع، لتقدمه في السن، ولسقمه، ولكن لم يكتفِ الحائري بهذا، بل هاجم علناً او ضمناً التيار الصدري، وأعتبر أنه يفتقد الى القيادة الشرعية اللازمة، موصياً اتباعه ومقلديه بالرجوع الى قائد الثورة الاسلامية في ايران اية الله علي خامنائي، وهو أمر استفز الصدر كثيراً، ليعلن خلال ساعات اعتزاله العمل السياسي، وتخليه عن كل ادواره، كان ذلك في ذورة تصاعد الأزمة بين التيار الصدري والإطار التنسيقي، لينفجر الوضع في بغداد على نحو مريع في قتال استمر ساعات عصيبة عاشها العراق، ولكن سرعان ما عاود الصدر الظهور أمسِ الثلاثاء، معلناً انهاء الصدامات المسلحة بين انصاره والقوات الحكومية المكلفة بحماية المنطقة الخضراء، معلناً أنه اعتزل الشأن السياسي، امتثالاً لأوامر مرجعه الديني بترك الأمور السياسية، دون أن يسميه.

هذا التصريح اثار موجة من التساؤلات عن هوية المرجع الديني الذي يعود له الصدر، ليقوم ما يسمى بوزير القائد بتوضيح الأمر، كاشفاً عن أن المرجع المقصود هو الحائري ذاته، مشيراً الى أن بيان اعتزال الحائري كتبته جهات معينة في اشارة الى الجانب الايراني، مؤكداً ان الصدر بات في حل من مرجعية الحائري الآن بعد اعتزاله دون أن يسمي وجهة الصدر الجديدة، واذا ما كان سيعلن لتياره الديني مرجعاً للتقليد ام لا؟.

علق هنا