صالون للتجميل تحت الأرض يتحدى داعش في الموصل

بغداد- العراق اليوم:

ظهرت سيارة من الحسبة، وهي الشرطة الدينية لداعش، على أعتاب صالون تجميل أم سعود في أيلول/ سبتمبر 2014 بعد مرور 3 أشهر على استيلائهم على مدينة الموصل التي كانت نابضة بالحياة.

وقالت أم سعود، البالغة من العمر 25 عاماً، متحدثةً في زقاق قريب من صالون تجميلها في أحد أحياء شرق الموصل “أبلغنا أبو أشرف، وهو رئيس الحسبة، أن “الخليفة” حظر جميع الصالونات لأنها محرمة”.

وأضافت أم سعود، التي اختارت اسم الشهرة هذا لأسباب أمنية، “أعطانا 10 أيام لإزالة كل شيء وإغلاق الصالون. وإن لم نفعل ذلك سيتم مصادرة كل شيء”.

كانت تلك بداية مهنة أم سعود كمصففة شعر متخفية؛ وهو وجود سري لأن مجرد كحل للعين قد يعاقب عليه بالجلد وقد تكون أي زبونة جاسوسة.

استعادت قوات الأمن العراقية شرق الموصل التي يقسمها نهر الدجلة إلى قسمين في أواخر شهر كانون الثاني/ يناير الماضي.

وعلى الرغم من عودة مظاهر الحياة الطبيعية في كثير من الأحياء الشرقية، إلا أن المدينة لا تزال مهددة بالانتحاريين وباسقاط طائرات دون طيار للقنابل.

وتشن القوات العراقية منذ تحرير شرق المدينة هجوماً على غربها الذي لا يزال تحت سيطرة داعش.

وعندما استولت داعش على المدينة في البداية، استمرت الحياة على وضعها الطبيعي.

الجوارب والقفازات إلزامية

وقالت أم سعود إن زبائنها استمروا في القدوم إلى الصالون، الذي افتتحته والدتها عام 1996 من أجل الحصول على ماكياج وتصفيفات شعر متقنة قبل المناسبات الهامة.

وبدأ التنظيم يفرض قوانينه بعد شهر من احتلاله شرق الموصل وذلك بعد أن “أسسوا أنفسهم” بحسب أم سعود. فبعد مرور شهر واحد على حكم تنظيم داعش، عُلّقت ملصقات تقول إنه يجب على النساء ارتداء المانطو (وهو ثوب فضفاض) إضافةً للحجاب. وسرعان ما ازداد تشدد التنظيم حيث أصبح النقاب مع القفازات والجوارب إلزامياً على النساء عند خروجهن من المنازل.

ثم زار الصالون متشدد من تنظيم داعش الذي عرّف نفسه باسم “أبو أنس الأنصاري”. قالت أم سعود مازحةً “عندما رأيته للمرة الأولى بالكاد كان هناك رجل يقف أمامي والكثير من الشعر. كنت بالكاد أستطيع معرفة وجود رجل تحت كل ذلك الشعر”.

نتف الحواجب ممنوع

منع الأنصاري استخدام اسم الصالون -الذي كان مؤنثاً – كما منع استخدام صورة لامرأة تضع مكياجاً ثقيلاً كلافتة للصالون. فأجبروا على إزالتهما، وعلقت أم سعود “لم يكن موضوعاً للنقاش، وبالطبع قلنا نعم”. كما منع نتف الحواجب وصبغ الشعر والوشم في ظل تطبيق التنظيم القاسي للشريعة الإسلامية.

وذكرت أم سعود أن الإمساك بأي امرأة خارجة من صالون التجميل غير مغطاة بالكامل كان ينتج عنه وضع غرامة على الصالون بقيمة 600 دولار.

وكان المصير أكثر قساوة بانتظار زوج المرأة، وكنوع من العقاب كان يخيّر بين الجلد أو حفر الخنادق بالقرب من المقابر في الخطوط الأمامية للقتال أو تدمير القبور التي تعد شواهدها علامة وثنية عند تنظيم داعش.

فقط أمام الأزواج

وعندما جاء الأمر بإغلاق الصالون بعد شهرين، نقلت “أم سعود” مهامها بأكملها إلى منزلها واستخدمت حجة تقديم خدمات خياطة وبيع منتجات تجميل للتغطية على عملها، إذ إن تنظيم داعش يسمح للنساء بوضع المكياج والعطور لكن ليس في العلن وفقط أمام أزواجهن.

وقالت أم سعود التي كانت تستورد بضاعتها من سوريا وتتأكد من الخربشة باستخدام أقلام التلوين على أي وجوه مطبوعة على العلبة: “لم يدرك أحد سوى زبوناتي منذ فترة طويلة بأنني لا زلت مصففة للشعر. إن سألهن أحد عن سبب قدومهن كنّ يبررن هذا بتصليح أو تغيير شكل ملابسهن. إن جاءت زبونة جديدة كنت أشعر دائماً بالرعب من احتمالية كونها من جواسيس داعش”.

وتحدثت أم سعود عن إحدى المرات التي جاءت فيها عضوة من لواء الخنساء – وهي مجموعة تابعة للحسبة مكونة من النساء فقط – لمنزلها؛ فقالت: “جاءت مرتديةً نقاباً كاملاً وبيدها جهاز اتصال لا سلكي ومسدس رشاش من نوع عوزي متدل على كتفها”.

قالت أم مسعود “قالت لي أدرك أن لديكِ صالون تجميل وأرغب بأن تصففي شعري. كنت أدرك أنها قدمت لخداعنا لذلك أصررت على أنها سمعت خطأً وأننا لم نعد نقدم مثل هذه الخدمات بعد الآن”.

كانت أم سعود تملك زبائن ثابتات من زوجات أعضاء تنظيم داعش اللواتي يرغبن بشراء منتجات التجميل المصرحة، فقالت “كن يأتين لنا ويقلن أن الخلافة لن تنتهي وأنها ستستمر وستصل روما”. غزو الروم هو من النبوءات الأساسية لتنظيم داعش فيما يتعلق بسيطرة المسلمين على العالم.

وذكرت أم مسعود أنها كانت تستقبل نساء روسيات وسوريات وفرنسيات. وكانت تشعر دوماً بالرعب منهن.

وكان العمل أسهل بقليل للحلاقين الرجال الذين يقصون شعر الرجال في الموصل. لم تغلق صالوناتهم لكنها خضعت لقيود صارمة.

قال أحد مصففي الشعر الذي اعتقل سابقاً وجلد 3 مرات لمخالفته قوانين داعش في قص الشعر “لم يكن مسموحاً لنا بقص الجوانب وتحديد حواف اللحى أو إزالة شعر الوجه الزائد.. لا شيء من هذا مسموح”.

35 جلدة بسبب حلاقة شعر

وذكر مصفف الشعر، الذي رفض ذكر اسمه خوفاً من الانتقام، وهو يقف أمام محل الحلاقة الخاص به في شرق الموصل، حيث يتدفق الزبائن عنده للحصول على قصات شعر كانت محظورة في ظل داعش: “في إحدى المرات، أصر زبون عليّ بأن أقص شعره. وعندما أمسكوا به قاموا بتعذيبه حتى أعطاهم اسمي فجاءوا لملاحقتي أيضاً. تم جلدي 35 جلدة بسبب ذلك”.

لكن لا يزال هو وأم سعود يخافان من الخلايا النائمة لداعش في المدينة. ولم يكتفوا برفض منح أسمائهم كاملة بل طلبوا عدم ذكر أي معلومات محددة لمحلاتهم.

وزوج أم سعود، وهو رجل أعمال يبلغ من العمر 26 عاماً، يمتلك مطعما مشهورا اسمه “My Fair Lady” ضرب من قبل انتحاري. وتم إعادة افتتاح المطعم بناءً على طلب من السلطات بعد فترة وجيزة من استعادتهم للجزء الشرقي من الموصل.

وقال زوج أم سعود، وهو يشير إلى أعضاء داعش “هم لا يزالون هنا، كل ما فعلوه هو تغيير ملابسهم وقص لحاهم”.



ويتساءل هو وأم سعود في بعض الأحيان عما حدث لأبو أشرف رئيس الحسبة.

تقول أم سعود “كنا نكرهه حقاً، كان يستهدفنا تحديداً بسبب الصالون، مضيفة “آمل أن يكون مات”.

ظهرت سيارة من الحسبة، وهي الشرطة الدينية لداعش، على أعتاب صالون تجميل أم سعود في أيلول/ سبتمبر 2014 بعد مرور 3 أشهر على استيلائهم على مدينة الموصل التي كانت نابضة بالحياة.



وقالت أم سعود، البالغة من العمر 25 عاماً، متحدثةً في زقاق قريب من صالون تجميلها في أحد أحياء شرق الموصل “أبلغنا أبو أشرف، وهو رئيس الحسبة، أن “الخليفة” حظر جميع الصالونات لأنها محرمة”.

وأضافت أم سعود، التي اختارت اسم الشهرة هذا لأسباب أمنية، “أعطانا 10 أيام لإزالة كل شيء وإغلاق الصالون. وإن لم نفعل ذلك سيتم مصادرة كل شيء”.

كانت تلك بداية مهنة أم سعود كمصففة شعر متخفية؛ وهو وجود سري لأن مجرد كحل للعين قد يعاقب عليه بالجلد وقد تكون أي زبونة جاسوسة.

استعادت قوات الأمن العراقية شرق الموصل التي يقسمها نهر الدجلة إلى قسمين في أواخر شهر كانون الثاني/ يناير الماضي.

وعلى الرغم من عودة مظاهر الحياة الطبيعية في كثير من الأحياء الشرقية، إلا أن المدينة لا تزال مهددة بالانتحاريين وباسقاط طائرات دون طيار للقنابل.

وتشن القوات العراقية منذ تحرير شرق المدينة هجوماً على غربها الذي لا يزال تحت سيطرة داعش.

وعندما استولت داعش على المدينة في البداية، استمرت الحياة على وضعها الطبيعي.

الجوارب والقفازات إلزامية

وقالت أم سعود إن زبائنها استمروا في القدوم إلى الصالون، الذي افتتحته والدتها عام 1996 من أجل الحصول على ماكياج وتصفيفات شعر متقنة قبل المناسبات الهامة.

وبدأ التنظيم يفرض قوانينه بعد شهر من احتلاله شرق الموصل وذلك بعد أن “أسسوا أنفسهم” بحسب أم سعود. فبعد مرور شهر واحد على حكم تنظيم داعش، عُلّقت ملصقات تقول إنه يجب على النساء ارتداء المانطو (وهو ثوب فضفاض) إضافةً للحجاب. وسرعان ما ازداد تشدد التنظيم حيث أصبح النقاب مع القفازات والجوارب إلزامياً على النساء عند خروجهن من المنازل.

ثم زار الصالون متشدد من تنظيم داعش الذي عرّف نفسه باسم “أبو أنس الأنصاري”. قالت أم سعود مازحةً “عندما رأيته للمرة الأولى بالكاد كان هناك رجل يقف أمامي والكثير من الشعر. كنت بالكاد أستطيع معرفة وجود رجل تحت كل ذلك الشعر”.

نتف الحواجب ممنوع

منع الأنصاري استخدام اسم الصالون -الذي كان مؤنثاً – كما منع استخدام صورة لامرأة تضع مكياجاً ثقيلاً كلافتة للصالون. فأجبروا على إزالتهما، وعلقت أم سعود “لم يكن موضوعاً للنقاش، وبالطبع قلنا نعم”. كما منع نتف الحواجب وصبغ الشعر والوشم في ظل تطبيق التنظيم القاسي للشريعة الإسلامية.

وذكرت أم سعود أن الإمساك بأي امرأة خارجة من صالون التجميل غير مغطاة بالكامل كان ينتج عنه وضع غرامة على الصالون بقيمة 600 دولار.

وكان المصير أكثر قساوة بانتظار زوج المرأة، وكنوع من العقاب كان يخيّر بين الجلد أو حفر الخنادق بالقرب من المقابر في الخطوط الأمامية للقتال أو تدمير القبور التي تعد شواهدها علامة وثنية عند تنظيم داعش.

فقط أمام الأزواج

وعندما جاء الأمر بإغلاق الصالون بعد شهرين، نقلت “أم سعود” مهامها بأكملها إلى منزلها واستخدمت حجة تقديم خدمات خياطة وبيع منتجات تجميل للتغطية على عملها، إذ إن تنظيم داعش يسمح للنساء بوضع المكياج والعطور لكن ليس في العلن وفقط أمام أزواجهن.

وقالت أم سعود التي كانت تستورد بضاعتها من سوريا وتتأكد من الخربشة باستخدام أقلام التلوين على أي وجوه مطبوعة على العلبة: “لم يدرك أحد سوى زبوناتي منذ فترة طويلة بأنني لا زلت مصففة للشعر. إن سألهن أحد عن سبب قدومهن كنّ يبررن هذا بتصليح أو تغيير شكل ملابسهن. إن جاءت زبونة جديدة كنت أشعر دائماً بالرعب من احتمالية كونها من جواسيس داعش”.

وتحدثت أم سعود عن إحدى المرات التي جاءت فيها عضوة من لواء الخنساء – وهي مجموعة تابعة للحسبة مكونة من النساء فقط – لمنزلها؛ فقالت: “جاءت مرتديةً نقاباً كاملاً وبيدها جهاز اتصال لا سلكي ومسدس رشاش من نوع عوزي متدل على كتفها”.

قالت أم مسعود “قالت لي أدرك أن لديكِ صالون تجميل وأرغب بأن تصففي شعري. كنت أدرك أنها قدمت لخداعنا لذلك أصررت على أنها سمعت خطأً وأننا لم نعد نقدم مثل هذه الخدمات بعد الآن”.

كانت أم سعود تملك زبائن ثابتات من زوجات أعضاء تنظيم داعش اللواتي يرغبن بشراء منتجات التجميل المصرحة، فقالت “كن يأتين لنا ويقلن أن الخلافة لن تنتهي وأنها ستستمر وستصل روما”. غزو الروم هو من النبوءات الأساسية لتنظيم داعش فيما يتعلق بسيطرة المسلمين على العالم.

وذكرت أم مسعود أنها كانت تستقبل نساء روسيات وسوريات وفرنسيات. وكانت تشعر دوماً بالرعب منهن.

وكان العمل أسهل بقليل للحلاقين الرجال الذين يقصون شعر الرجال في الموصل. لم تغلق صالوناتهم لكنها خضعت لقيود صارمة.

قال أحد مصففي الشعر الذي اعتقل سابقاً وجلد 3 مرات لمخالفته قوانين داعش في قص الشعر “لم يكن مسموحاً لنا بقص الجوانب وتحديد حواف اللحى أو إزالة شعر الوجه الزائد.. لا شيء من هذا مسموح”.

35 جلدة بسبب حلاقة شعر

وذكر مصفف الشعر، الذي رفض ذكر اسمه خوفاً من الانتقام، وهو يقف أمام محل الحلاقة الخاص به في شرق الموصل، حيث يتدفق الزبائن عنده للحصول على قصات شعر كانت محظورة في ظل داعش: “في إحدى المرات، أصر زبون عليّ بأن أقص شعره. وعندما أمسكوا به قاموا بتعذيبه حتى أعطاهم اسمي فجاءوا لملاحقتي أيضاً. تم جلدي 35 جلدة بسبب ذلك”.

لكن لا يزال هو وأم سعود يخافان من الخلايا النائمة لداعش في المدينة. ولم يكتفوا برفض منح أسمائهم كاملة بل طلبوا عدم ذكر أي معلومات محددة لمحلاتهم.

وزوج أم سعود، وهو رجل أعمال يبلغ من العمر 26 عاماً، يمتلك مطعما مشهورا اسمه “My Fair Lady” ضرب من قبل انتحاري. وتم إعادة افتتاح المطعم بناءً على طلب من السلطات بعد فترة وجيزة من استعادتهم للجزء الشرقي من الموصل.

وقال زوج أم سعود، وهو يشير إلى أعضاء داعش “هم لا يزالون هنا، كل ما فعلوه هو تغيير ملابسهم وقص لحاهم”.



ويتساءل هو وأم سعود في بعض الأحيان عما حدث لأبو أشرف رئيس الحسبة.

تقول أم سعود “كنا نكرهه حقاً، كان يستهدفنا تحديداً بسبب الصالون، مضيفة “آمل أن يكون مات”.

علق هنا