سوتس بالعربي يغضب محامين مصريين: لا يشبهنا ولا يمثّلنا

بغداد- العراق اليوم:

لم يكد يمر النصف الأول من شهر رمضان، حتى باتت الرؤية واضحة من خلال الدراما المصرية، فكل قصة لمسلسل معروفة، وكذلك تعليقات الجمهور، سواء الإيجابية أو السلبية، ومثال على ذلك مسلسل "سوتس بالعربي"، وهو النسخة العربية للمسلسل الأميركي الشهير Suits.

وبشهادة الكثيرين ممن شاهدوا حلقات النسختين الأميركية والمصرية، فإنّ العملين متطابقان إلى درجة تخرج النسخة المصرية من سياقها المحلي، وتتشبه بالأميركية حتى في القوانين.

"لا يمثّلنا"

محامون عديدون تفاعلوا مع أحداث المسلسل، وأبدوا استياءهم من نسخته العربية التي يقوم ببطولتها كل من آسر ياسين، وأحمد داوود، وصبا مبارك. ويتحدث المسلسل عن شركة فاخرة للمحاماة، وما تثيره من توليها لقضايا بعينها.

وترى المحامية هالة دومة أن العمل الدرامي لا يعبّر عن الشريحة الأكبر من المحامين، وتقول لـ"النهار العربي": "إن ما جاء بالمسلسل لا يمثل 80 في المئة من محامي مصر، لكن من يتحدث عنهم، ربما يكونون موجودين بنسبة قليلة جداً".

ويبدو أن المسلسل لم يخضع لمراجعة قانونية، بحسب دومة، التي قارنت بين النسختين الأميركية والمصرية، وتقول: "إن الأولى تمت مراجعتها، وهذا ما يبدو من استخدامهم لقوانينهم، أما المصرية فلا، ويتجلى ذلك بأن النسخة المصرية نقلت حرفياً عن النسخة الأميركية، حتى بعض القضايا والقوانين التي ذكرت فيها، وهي غير موجودة في مصر، وتالياً خرج المسلسل هزلياً".

وأضافت المحامية المصرية: "المسلسل ذكر قوانين وأموراً ليست حقيقية، ولا تحدث عندنا في مصر، مثل "المعادلة القانونية"، التي أرادت أن تقوم بها إحدى بطلات المسلسل، وهي تارا عماد، وذكرتها في إحدى الحلقات".

وتعتقد المحامية الشابة أن المسلسل غير واقعي في جانب آخر وهو "شكل المحاكمات والمحاكم، وترتيب الكلام، وشكل الدفوع والمرافعات، وتجهيز الأوراق، ومن المحامي المعني بتجهيزها، ومن المحامي المسؤول عن المرافعة، وطبيعة العمل داخل المحاكم المصرية".

ومما أثار استياءها أحد المشاهد التي أراد صناع العمل في النسخة المصرية إضافتها ولم تكن موجودة في الأميركية، حينما حمل أحد المحامين حقيبة الآخر، وقال له زميله "يا ريت تركز في شنطتي"، و"هذه لقطة مسيئة رغم أنها تحدث في الواقع، إلا أنه تم تظهيرها بشكل سيئ" حسب دومة.

"مبالغة شديدة"

أما مروة حكيم، وهي محامية شابة بالمحاكم الابتدائية المصرية، فلم تشاهد النسخة الأميركية، لكنها اطلعت على مقتطفات من النسخة المصرية. وترى أن ما شاهدته حتى الآن كافٍ ولا تريد أن تشاهد المسلسل بسبب "مبالغته الشديدة وغير المنطقية" في عرض واقع المحامين في مصر.

وقالت لـ"النهار العربي": "إن الأمر شبيه بأن تعرض المسلسلات النسخة الفخمة جداً من مهنة ما، ويصدرها للناس كما لو كانت هذه هي النسخة الحقيقية والمعممة للجميع".

وأضافت حكيم: "كان هناك مشهد يتم التحويل من قضية إيجار قديم لإيجار جديد داخل المحكمة، وكل هذا غير واقعي، لا أعرف كيف يمر هذا عليهم من دون مراجعة قانونية، وحتى المرافعات لا تحدث على هذا النحو الذي عرضه المسلسل مطلقاً".

وترى المحامية الشابة أن "ما ظهر بالمسلسل ليس الشكل الواقعي للمحاكم، وليس هذا ما يحدث داخلها ويقال بها، وليس هذا هو المسلسل الوحيد الذي تعرّض لمهنة المحاماة، فقد سبقه في السنوات الماضية مسلسلات مصرية أخرى، مثل "الميزان" الذي عرض في رمضان عام 2016، ومسلسل "هي ودافنشي" للفنانة ليلى علوي".

وترى حكيم أن "كل هذه الدراما لم تقترب من الصورة الواقعية لمهنة المحاماة، وليست هي الصورة نفسها التي يصدرونها للمشاهدين في الدراما المصرية".

بدلات فاخرة

قبل أيام خرجت علينا إحدى شركات الأزياء تقول إن صناع العمل يدينون لها بأكثر من مليوني جنيه مصري، وهي تكلفة بدلات أبطال العمل، وطالبت الشركة بوقف عرض المسلسل لحين استرداد حقوقها المالية.

ويبدو أن البدلات هي سمة أساسية في المسلسل، للدرجة أنها طغت على الأحداث الواقعية، وهو ما يراه محمد عاطف المحامي بالمحاكم الابتدائية، الذي قال إنه "رغم كون الصورة التي صدّرها المسلسل عن المحامين أنهم يرتدون بدلات أنيقة وأحذية لامعة وساعات فخمة، أمراً مبالغاً به، إلا أننا نتمنى أن نراه لدى المحامين في المكاتب الفردية أو شركات المحاماة".

لكن على مستوى الأحداث هناك العديد من المشاكل في العمل الدرامي، بحسب عاطف الذي سرد لنا أمثلة من الحلقات، ومنها "حينما أراد بطلا العمل زين ثابت وآدم منصور، أن يجلبا أوراقاً لإحدى القضايا، وكانا في مكتب محاماة آخر، فسرقها آدم منصور، وهذه جريمة، وهي طريقة ليست نظيفة، وفي النهاية لا تعزز الشكل المحترم لمهنة المحاماة، ولا القسم الذي يقسمه المحامي عند انضمامه إلى نقابته، وترسخ هذه الفكرة غير المنطقية لأمر سلبي ربما يقلده أحد ما".

كما عرض المسلسل تغييراً في الأدلة والتلاعب بها من قبل المحامين، وهو بحسب عاطف "لا ينبغي أن يظهر كما لو كان أمراً عادياً، وأن المحامي يتصرف بهذه الطريقة، لأن هذه جريمة يعاقب عليها القانون".

ويرى المحامي المصري أن "هذه الممارسات تحدث بالفعل على أرض الواقع، ولكن لا ينبغي أن نظهرها في أعمال درامية، وأن نقول إن من يمارسها سيفلت من العقاب ويضيع حق الناس، لأنه حالياً يوجد محامون محبوسون على ذمة قضايا بسبب ممارساتهم غير السوية في المهنة، مثل سرقة الأدلة أو الابتزاز".

لكن الأمر الإيجابي الذي يراه عاطف هو أن المسلسل "يرسخ لمبدأ التخصص داخل المهنة، وأن المحامين داخل المكاتب والشركات يمكنهم أن يتخصصوا في شيء واحد، ويكون هناك تقسيم عمل في مهنة المحاماة، ليركز المحامي داخل تخصصه، ويؤدي فيه بشكل جيد".

ورغم الانتقادات التي وجهت إلى المسلسل من قبل محامين مصريين، وتشكيكهم في أن للمسلسل مراجعاً قانونياً، إلا أنّ "النهار العربي" لاحظ من خلال "التيتر" أن صنّاع العمل الدرامي يشكرون إحدى شركات المحاماة المصرية، ولم يتسن لنا الحصول من الشركة حتى كتابة هذه السطور على تعليقها بشأن الانتقادات التي وجهت للعمل الدرامي.

علق هنا