مركز دراسات دولي يقدم سيناريوهات حل ازمة الانسداد السياسي في العراق ويؤكد بقاء حكومة الكاظمي وارد

بغداد- العراق اليوم:

تزايدت الأمور تعقيدا وتأزما في العراق بعد فشل القوى السياسية في ترجمة نتائج الانتخابات التشريعية التي أجريت في أكتوبر 2021، إلى واقع سياسي يتمثل في تحديد الكتلة البرلمانية الأكبر (165 عضوا برلمانيا)، وانتخاب البرلمان لرئيس الجمهورية الجديد، وتسمية الأخير لرئيس الوزراء الذي يتم اختياره من قبل الكتلة البرلمانية الأكبر تمهيدا لتشكيل الحكومة.

ومع وصول الأمور إلى مرحلة الانسداد السياسي في العراق، وضعت الباحثة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية صافيناز محمد أحمد، 3 سيناريوهات لحلحلة الأمور، والوصول إلى صيغة مقبولة تكسر الجمود الحالي.

وقالت الباحثة التي تتولى رئاسة تحرير دورية (بدائل)، إن مشهد الانسداد السياسي في العراق بمعضلاته السياسية الحالية، يدفع نحو منعطفات خطيرة تضع متطلبات وتطلعات المواطنين في دولة وطنية غير طائفية على المحك مجددا، نتيجة لغياب الإرادة السياسية لدى القوى الحزبية التي تمكنها من ترجمة عملية التفويض الشعبي الممنوحة لهم في انتخابات 2021، إلى واقع ينتشل العراق من أزماته المتعددة والمتجذرة، بما يجعل من حالة الفراغ الدستوري الآنية دافعا نحو مزيد من التعقيد والتأزم على كافة الأصعدة.

السيناريو الأول

الإبقاء على الحكومة الحالية قائمة تتولى مهامها في تسيير الأعمال، باعتباره بديلا ينسجم مع الواقع الحالي في العراق، وهى حكومة كفاءات وطنية شكلها مصطفى الكاظمي في مايو 2020 ترجمة لمطالب حراك أكتوبر 2019، وتم التوافق عليها من الكتل الشيعية - حينها - نزولا فقط على مطالب الحراك. لكن سياسات الكاظمي الداخلية والخارجية، التي ابتعدت بصورة نسبية عن سياسات إيران الإقليمية، كانت سببا مباشرا في رفض القوى السياسية الشيعية التقليدية إعادة طرحه لرئاسة الحكومة مرة ثانية.

ويلاحظ أن حكومة تسيير الأعمال لن يكون بمقدورها اتخاذ قرارات مهمة على المستوى السياسي باعتبارها حكومة منتهية فترة ولايتها قانونا.

السيناريو الثاني

احتمالية نجاح الإطار التنسيقي في تشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر خلال فترة المهلة التي منحها مقتدى الصدر وهى 40 يوما تنتهى في التاسع من مايو المقبل؛ فثمة تحركات سياسية حثيثة يقوم بها نورى المالكي رئيس ائتلاف دولة القانون تشير إلى مفاوضات يجريها مع بعض الكتل والمستقلين.

ويستغل المالكي خبراته السابقة في توظيف إغراءاته بتولى بعض القوى حقب وزارية ووظائف إدارية وازنة، على خلاف غريمه مقتدى الصدر الذي تواجهه إشكالية عدم القدرة على التوظيف الأمثل لمكاسبه الانتخابية سواء في انتخابات عام 2018، أو انتخابات عام 2021، هذا بخلاف عدم قدرته على توسيع نطاق تحالفه البرلماني إنقاذ وطن (155 عضوا) ليكون هو الكتلة البرلمانية الأكبر (165 عضوا) على الرغم من اقترابه منها.

ويذهب بعض المحللين للشأن العراقى بعيدا بالقول إن المالكي بإمكانه استقطاب بعض القوى من داخل تيار «إنقاذ وطن» نفسه، موظفا شبكة علاقاته القديمة ببعض القوى السنية والكردية الموجودة فيه.

وفى هذه الحالة سيعمل المالكي على إقامة تحالفات برلمانية واسعة يتوقع منها أن «تحيد» التيار الصدري وتخرجه نهائيا من المشهد السياسي، لكن هذا السيناريو بهذه الكيفية يعتمد تحقيقه على مدى قوة تحالفات الصدر مع القوى السنية الموجودة داخل تيار إنقاذ وطن، وتحالفاته مع القوى الكردية.

ويلاحظ هنا تفتت تحالفاته مع الأخيرة على وقع انسحاب حزب الاتحاد الكردستاني من التيار وانضمامه لقوى الإطار، وذلك على خلفية دعم الصدر لمرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني، ريبير أحمد، في مواجهة مرشح حزب الاتحاد برهم صالح على منصب رئيس الجمهورية.

السيناريو الأسوأ

هو أسوأ البدائل الممكنة؛ ويشير إلى حل البرلمان لنفسه، ودعوة رئيس الجمهورية إلى إجراء انتخابات مبكرة خلال 60 يوما من تاريخ حل المجلس، نتيجة تجاوز كافة المدد الدستورية الممنوحة له لانتخاب رئيس للدولة، ثم الانتقال لكافة الإجراءات التالية، لكن هذا البديل يتطلب أولا اجتماع ثلث أعضاء البرلمان على الأقل وعددهم ( 110 أعضاء)، ثانيا تقديم هذا الثلث لرئاسة البرلمان طلبا بحل المجلس، وثالثا الموافقة على الطلب بأغلبية (50+1).

هذا البديل يظل محكوما بآليات حل البرلمان وفقا لنص المادة 64 من الدستور وهى: أغلبية 50+1 من ثلث أعضائه على الأقل، أو بناء على طلب من رئيس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية. والآليات الثلاث تخضع لمناورات القوى السياسية المتعارضة؛ فبالنسبة لشرط حضور ثلث الأعضاء على الأقل مرهون بقرار رئيس المجلس تعليق جلساته، والشرط الثاني منتف لانتهاء ولاية شاغلي منصب رئيس الدولة ورئيس الوزراء الحاليين بناء على مخرجات العملية الانتخابية الأخيرة. هذا بخلاف الصعوبات التي تواجه عملية الدعوة لإجراء انتخابات جديدة، والتي من بينها مطالبات قوى شيعية وازنة بتعديل قانون الانتخابات مجددا، وإعادة تشكيل المفوضية العليا للانتخابات في ظل الانتقادات الحادة التي وجهت إليها من قبل قوى سياسية مؤثرة خلال انتخابات 2021، والعزوف المتوقع من قبل المواطنين عن المشاركة خاصة وأن انتخابات 2021 اتسمت بتدني نسبة المقترعين بالقياس لانتخابات عام 2018 على سبيل المثال.

علق هنا