بغداد- العراق اليوم:
خلال عامين في الحكم، يبدو ان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي قد بلور الكثير من الأفكار، وبنى الكثير من الأسس عملياً بعد ان كانت تأسيسات نظرية فحسب، بل وإزال الكثير من الغموض واللبس في فهم القوى السياسية لمعنى بناء الدولة، ومفاهيم تقويمها، وايضا ميكانيكا حراكها كآلة عظيمة، رافعة للمجتمع، وكتمثل راق لمجتمعات لا تزال في سيرورة تكاملية, إعاقتها واخرتها عقود من الحروب والديكتاتوريات والأزمات. لهذا فأن الكاظمي الذي يحمل فهماً ممتازاً لمشكلة العراق، والف ايضا كتاباً في هذا الإتجاه، يرد في مقابلة صحافية اجرتها الـ ( واشنطن بوست)، على خلاصة رؤيته لإدارة الدولة، فيقول ( السيادة واحتكار العنف). وبالفعل هو تشخيص دقيق لمقومات وممكنات إقامة اي دولة، فبدون سيادة القرار الوطني، والتحرر الداخلي، والقدرة على تشخيص المصالح، تبقى العملية السياسية منقوصة وتدور في حلقة مفرغة. كما ان نكوص اي دولة عن احتكار العنف بيدها، تستخدمه وفقاً لتشريعات وقوانين ناظمة، مؤسسة على شرعية ودستورية، سيفقدها معنى وجودها، وستكون مطعوناً في مصداقيتها على الأرض، ولن تتمكن من انفاذ القانون، والذهاب لتسوية المشاكل الناشئة عن اختلاف وتنازع المصالح بين الأفراد او الجماعات.
اذن، يعرف الكاظمي ما ينقصنا في العراق، ويعي أهمية حضور هذه العوامل في الممارسة السياسية، ويفهم بعمق معنى التخلف عن استكمال هذه الاستحقاقات، وكيف ستظل الدولة مهزوزة، بلا قرار، مترنحة، ولا جذر قار وثابت لها، وتبقى مجرد " ماكينة" هرمة، غير قادرة على الإنتاج، او ادارة الاشتباك بين احزائها، او هضم مدخلاتها، لانتاج مخرجات تتوائم مع الحاجة الماسة للدولة كعنصر حاسم في حياة الشعوب.
نتمنى ان يوفق الكاظمي في مهمته ان اعيد له التكليف، ونتمنى صادقين ان يكون هذا الفهم والحرص هو السمة الطاغية على المشهد السياسي برمته.
*
اضافة التعليق