هل سيكون قانون الأمن الغذائي والتنمية بديلاً عن قانون الموازنة المعطل؟

بغداد- العراق اليوم:

باتت أغلب المؤشرات في المشهد العراقي تنذر بتعطل إقرار قانون الموازنة لعام 2022، جراء الانسداد السياسي الحاصل بين الفرقاء.

وما ساهم في تصاعد أزمة الموازنة هو غياب التوافقات المؤدية إلى استكمال تشكيل الحكومة المنتخبة رئيساً وكابينة وزارية.

ويترافق مع غياب الموازنة التي من المفترض الانتهاء منها على أكثر تقدير قبل شهرين، جملة من المتغيرات الاقتصادية الحرجة بينها ارتفاع الأسعار العالمية للمواد الاستهلاكية والغذائية وتعقد الوضع المعاشي لأصحاب الدخل المحدود في العراق.

ويعتمد العراق بنحو 90% على مبيعات النفط الخام لتعضيد الدخل القومي يقابلها غياب شبه تام للصناعات الوطنية والمحلية وتعثر الكثير من المشاريع الاستثمارية التي إذا ما استكملت ستسهم في تخفيف الضغط على اقتصادها الريعي.

وكان مجلس النواب أقر في نهاية مارس/آذار 2021، مشروع قانون الموازنة العامة للبلاد للعام ذاته، بعد نحو 4 أشهر من تعطلها بحجم مالي ما يعادل نحو 69 مليار دولار.

42 دولارا لبرميل النفط

واحتسبت الحكومة في موازنة 2021، سعر النفط على أساس 42 دولارًا للبرميل الواحد ومعدل تصدير قدره 3.25 مليون برميل يوميًا، لكن البرلمان احتسبه بسعر يصل إلى 45 دولارًا.

وسجلت أسعار النفط العالمية ارتفاعاً كبيراً منذ أواخر العام الماضي مع استمرار متصاعد تخطى معه سعر البرميل حاجز الـ120 دولارا، والذي تنسب أسبابه إلى عودة حركة الاقتصاد العالمية بعد تعثر دام نحو عامين جراء تداعيات إغلاق كورونا وما تبعها لاحقاً بالتطورات الجارية في أوروبا الشرقية مع بدء الحرب الروسية في أوكرانيا.

ومع تلك الوفرة المالية إلا أن العراق مازال متعثراً في ضم تلك الأرقام وإقرارها في موازنة عام 2022، مما ينذر بتعطل الكثير من المشاريع وتلكأ دورة الحياة الاقتصادية في البلاد جراء ذلك التأخير.

النائب الثاني لرئيس مجلس النواب العراقي، شاخوان عبدالله، يؤكد أن "البرلمان العراقي ينتظر إرسال الحكومة لقانون الموازنة الاتحادية العامة لعام 2022".

وأوضح في بيان، أن "مجلس النواب مستمر في أعماله وأداء مهامه التشريعية والرقابية، وهو بانتظار الحكومة الاتحادية لإرسال قانون الموازنة الاتحادية لعام2022، لأنه قانون مهم يتعلق بالحياة العامة للشعب".

20 مليار دولار فوائض متوقعة

يأتي ذلك في وقت، كشف عضو اللجنة المالية مشعان الجبوري، عن احتساب سعر بيع برميل النفط بنحو 75 دولارا ضمن مشروع قانون الموازنة الاتحادية لعام 2022، قائلا إنه "أمر منطقي في ظل الارتفاع الحاصل في الأسواق".

ويسجل العراق منذ سنوات ارتفاعاً في معدلات الفقر والبطالة وافتقار الخدمات الأساسية وتراجع في مستويات التعليم والصحة وتجهيز الطاقة الكهربائية.

المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي، يكشف أنّ "موازنة 2022 ستخلو من إدراج أي مشروع جديد إلا للضرورة القصوى".

ويلفت الهنداوي، إلى أنّ "موازنة العام الجاري ستركز على إنجاز مشاريع قيد التنفيذ، منوهًا في ذات الوقت إلى أنّ "هذه المشاريع ليست بالقليلة".

وبشأن آليات التصرف والمعالجة في حالة تأخر إقرار الموازنة للعام الحالي، قال مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية، مظهر محمد صالح، لـ"العين الإخبارية"، إنه "إذا ما استمر الصرف ١٢/١ من النفقات الفعلية الجارية التي اعتمدت في موازنة العام ٢٠٢١ فسوف تتحقق فوائض مالية عالية لمصلحة الاقتصاد الوطني لا تقل في تقديرنا عن ٢٠ مليار دولار ذلك إذا ما بلغ برميل النفط متوسط ١٠٠ دولار للبرميل طوال عام ٢٠٢٢ ووفق طاقة التصدير الحالية البالغة ٣،٢ مليون برميل نفط يوميا".

ويوضح صالح،أن "هذا الأمر إذا ما استمر حتى نهاية العام دون تشريع موازنة للعام٢٠٢٢  فإن الرصيد الاحتياطي المتراكم من الفائضات المالية الريعية سيسجل في صندوق سيادي ذلك استنادا إلى أحكام المادة ١٩/ثانيا من قانون الإدارة المالية النافذ".

وسيدعم الصندوق السيادي في الأحوال كافة استدامة النفقات العامة ولاسيما الاستثمارية في حال تعرض أسعار النفط إلى التراجع بدلا من الذهاب إلى الاقتراض في الموازنات القادمة، فهي أموال تحوطية قد يصرف منها في السنة الحالية خارج قاعدة١٢/١ شريطة أن يدعم الصرف الإضافي بتشريع من مجلس النواب كبديل عن غياب الموازنة العامة للسنة المالية الحالية، بحسب المستشار الحكومي.

قانون طارئ لتجاوز عقدة الموازنة

ولتلافي أضرار التأخير في إقرار الموازنة العامة للبلاد، أنهى مجلس النواب في الـ28 من الشهر الماضي، قراءته لتقرير ومناقشة مشروع قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية.

مشعان الجبوري وفي تصريح لعدد من وسائل الإعلام أكد حينها أن "قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية سيتغير من العنوان وحتى الفقرات"، موضحاً أن "القانون نافذ لغاية تشريع قانون الموازنة لعام 2022".

ومشروع القانون هو عبارة عن موازنة استثنائية تهدف استثمار الفائض المالي من واردات النفط  في تعزيز مفردات البطاقة التموينية وقطاع الزراعة وزيادة صندوق المشاريع الصغيرة في وزارة العمل، بالإضافة إلى العمل على تخصيص الأموال المشاريع المتلكئة بسبب التمويل.

ولاقى مشروع القانون جدلاً كبيراً بين الأوساط الاقتصادية والسياسية تضاربت فيه المواقف ما بين التأييد والرفض.

إذ يعتقد النائب أحمد الربيعي أن مشروع القانون "خطير جداً ويحوّل صلاحيات البرلمان في إعداد الموازنة للحكومة بشكل دائم ويُفرغ الموازنة السنوية العامة تماماً من مضامينها ويجعل قرارات الحكومة حاكمة ومقدمة على قرارات البرلمان المالية".

فيما يرى النائب هادي السلامي أن "مشروع القانون من حيث المبدأ ربما يساعد في تقليل العبء المعيشي عن المواطنين في ظل أزمة ارتفاع الأسعار الحالية وتراجع أوضاع البلاد الاقتصادية، لكن يجب أن يشرع بطريقة لا تسمح لمافيات الفساد باستغلاله والنفاذ من بعض ثغراته".

عضو اللجنة المالية، ناظم الشبلي يؤكد أن "مشروع قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية يرتبط بأكثر من وزارة وهي المالية والتخطيط والتجارة والزراعة والعمل والشؤون الاجتماعية ونطمح أن تكون هناك حصة للوزارة الصحة في القانون".

وأضاف الشبلي، أن "اللجنة المالية النيابية أجرت بعض تعديلات على مسودة القانون منها رفض فقرة القرض الداخلي والخارجي والاعتماد فقط على الوفرة المالية من أسعار النفط الخام والاعتماد على نسبة الصرف 1/12".

وبين عضو اللجنة المالية النيابية، أن "مشروع القانون سيعزز مفردات البطاقة التموينية وقطاع الزراعة وزيادة صندوق المشاريع الصغيرة في وزارة العمل، بالإضافة إلى العمل على تخصيص الأموال للمشاريع المتلكئة بسبب التمويل".

 

علق هنا