خسائر فادحة .. روسيا تفقد 7 جنرالات من كبار قادة الجيش والبحرية بحرب أوكرانيا

بغداد- العراق اليوم:

أثبتت الحرب في أوكرانيا أنها مميتة بشكل غير عادي للجنرالات الروس وأن خسائر موسكو في القادة العسكريين الكبار لم تشهدها منذ الحرب العالمية الثانية، وفق لصحيفة "واشنطن بوست".

وكانت وزارة الدفاع الأوكرانية قد أعلنت عن مقتل جنرال روسي سبق له أن توقع أن الحرب سوف تنتهي في "غضون ساعات" بحسب صحيفة "إندبندنت" البريطانية، وليرتفع بذلك عدد الجنرالات القتلى إلى 7 ، على الأقل، منذ بداية الغزو الروسي في 24 فبراير الماضي

والقتيل البارز هو قائد جيش السلاح المشترك الـ49، ياكوف ريزانتسيف، ويحمل رتبة ليفتينانت جنرال، وهي أعلى رتبة يقتل حاملها في أوكرانيا.

وفي محادثة اعترضها الجيش الأوكراني، اشتكى جندي روسي من أن ريزانتسيف ادعى أن الحرب ستنتهي في غضون ساعات، بعد أربعة أيام فقط من بدء الغزو.

وبحسب "واشنطن بوست"، فإذا صحت التقارير التي تتحدث عن مقتل 7 جنرالات روس من كبار قادة الجيش والبحرية خلال أربعة أسابيع فقط من القتال، فإن ذلك يتجاوز معدل الاستنزاف الذي شوهد في أسوأ شهور القتال في الحرب الدموية التي دامت تسع سنوات والتي خاضتها روسيا في الشيشان، وكذلك الحملات الروسية والسوفيتية في أفغانستان وجورجيا وسوريا.

وقال مسؤول غربي كبير، متحدثا للصحفيين بشأن الموضوع "إنه أمر غير معتاد للغاية"، مؤكدا أسماء القتلى السبعة ورتبهم.

خسائر فادحة

وكان المتحدث باسم وزارة الدفاع الأوكرانية، ماركيان لوبكيفسكي، قد أكد في وقت سابق إن ما لا يقل عن 15 من كبار القادة الروس قد لقوا مصرعهم في الميدان.

وقدر مسؤولو في حلف شمالي الأطلسي "الناتو" في وقت سابق من هذا الأسبوع أن ما يصل إلى 15 ألف جندي روسي قتلوا في أقل من شهر، فيما زعمت موسكو أن خسائرها بلغت 1351 قتيلا دون أن تؤكد مقتل جنرالاتها.

وبحسب خبراء، إذا ثبت أن أعداد كبار القادة القتلى دقيقة، فإن الجنرالات الروس إما غير محظوظين للغاية أو جرى استهدافهم بنجاح، أو كلا الأمرين.

ويُعد إطلاق النار على الجنرالات تكتيكًا مشروعًا للحرب، وقد تبناه المسؤولون الأوكرانيون علنًا، الذين يقولون إن قواتهم ركزت على إبطاء التقدم الروسي من خلال تركيز النيران على وحدات القيادة والسيطرة الروسية بالقرب من الخطوط الأمامية.

وقال المدير السابق لروسيا في مجلس الأمن القومي الأميركي، جيفري إدموندز، وهو الآن محلل كبير في مركز أبحاث CNA في واشنطن، إن القوات الأوكرانية تستهدف على ما يبدو "أي شخص بشعر أشيب يقف بالقرب من مجموعة من الهوائيات"، في إشارة إلى أنها تسعى إلى قتل كبار الضباط.

ويشير بعض الخبراء إلى أن جيش فلاديمير بوتين كافح للحفاظ على اتصالاته آمنة وأن وحدات المخابرات الأوكرانية وجدت أهدافها من خلال الإهمال الروسيد، مع استخدام القوات الروسية لأجهزة غير مشفرة، في حين كانت هناك تقارير عن جنود يستخدمون الهواتف المحمولة.

ويقول البنتاغون والمسؤولون الغربيون الآخرون إن الجنرالات الروس يخدمون بشكل عام أقرب إلى الخطوط الأمامية من نظرائهم في الناتو، وأن الجيش الروسي لديه أعداد كبيرة من كبار الضباط، مما يجعلهم كثيرين ولكنهم عرضة للقتل.

ويرى محللون عسكريون ومسؤولون استخبارات غربيون إن الجنرالات الروس في أوكرانيا قد يكونون أكثر انكشافًا ويخدمون بالقرب من الخطوط الأمامية في محاولة من موسكو لتحقيق نجاحات عسكرية ومنع حدوث فوضى بين قواتها.

ويعتقد أحد المسؤولين الغربيين أن هناك حاجة إلى وجود الجنرالات في الجبهة لبث "الرعب" وبعث الثقة في نفوس الجنود الصغار الذين لا يملكون أي خبرات في القتال.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزارة الدفاع بسحب المجندين الأغرار من المعارك، بعد أن تعهد علنًا بعدم إرسالهم إلى جبهات القتال.

"نقاط ضعف عديدة"

وفي هذا الصدد يؤكد مسؤولون في البنتاغون وحلف شمال الأطلسي ومسؤولون غربيون أن الجيش الروسي في أوكرانيا يعاني من معنويات ضعيفة.

وقال المستشار العسكري للرئيس الأوكراني أوليكسي أريستوفيتش لصحيفة "واشنطن بوست"، إن الجيش الأوكراني ركز جهوده على "إبطاء وتيرة" الغزو الروسي، جزئياً من خلال "قطع الرؤوس" لمراكز القيادة الأمامية، بمعنى القضاء عليهم، وليس قطع الرأس بالمعنى الحرفي.

ولفت أريستوفيتش إلى أن قتل كبار الضباط يمكن أن يبطئ التقدم الروسي "بثلاثة أو أربعة أو خمسة أيام" قبل أن يتم إنشاء هياكل قيادة جديدة، وعزا الاستهداف الناجح إلى "المعلومات الاستخباراتية الممتازة" والعديد من نقاط الضعف الروسية.

وأوضح أريستوفيتش أنه بالإضافة إلى إبطاء الزخم الروسي، فإن قتل جنرالاتهم يقوض الروح المعنوية لدى العدو، بينما يعزز إرادة القتال والصمود لدى الأوكرانيين.

وزاد : "سرعان ما ينتشر خبر هؤلاء القادة إذ أنه من الصعب إخفاء ذلك، وبالتالي فإنه على عكس موت جندي عادي، فإن مصرعهم يترك أثرا كبيرًا".

قالت مارغريتا كوناييف، الخبيرة في الابتكار العسكري الروسي في مركز الأمن والتكنولوجيا الناشئة بجامعة جورجتاون، إن قتل الجنرالات الروس "يبدو أنه أمر مهم بالنسبة لأوكرانيا"، لافتة إلى إن طبيعة القتال البيئات الحضرية سترفع على الأرجح إلى أعداد القتلى من كلا الجانبين سواء كانوا مدنيين أو جنودا عاديين وصولا إلى القادة الكبار.

من جانبه أوضح كبير المحللين والخبير في شؤون الجيش الروسي في معهد دراسة الحرب، ماسون كلارك، أن التقارير الأوكرانية تشير إلى أن الاتصالات اللاسلكية عبر القوات الروسية معرضة للاعتراض وتحديد الموقع.

وقبل بدء الحرب مع روسيا قال كلارك إن القوات الأوكرانية تعلمت كيفية استخدام الاتصالات "لاستهداف وتحديد" مصادر نيران المدفعية في الجيوب الانفصالية في منطقة دونباس بشرق أوكرانيا، مردفا: "لقد استخدموا هذا التدريب على نطاق واسع".

وفي سياق ذي صلة، نبهت الخبيرة في أمن ما بعد الاتحاد السوفيتي في قسم دراسات الحرب في كينجز كوليدج لندن، روث ديرموند، إلى إنه من غير المعروف كيف يمكن لفقدان كبار الضباط في أوكرانيا أن يشكل طريقة اتخاذ القرارات في الكرملين.

وأردفت: "مع تقلص دائرة بوتين تصبح عملية صنع القرار أكثر غموضًا، فأنت لا تعرف حتى ما الذي يقال لبوتين عن خسائر جيشه".

ويؤكد معدل الاستنزاف المرتفع للقادة الروس في أوكرانيا على مشكلة غزو الجارة الغربية بناءً على مجموعة خاطئة من الافتراضات، حيث كان المسؤلون في الكرملين يتوقعون الإطاحة بسرعة بالحكومة الأوكرانية وتنصيب نظام موال لموسكو.

ودخلت "العملية العسكرية الخاصة" شهرها الثاني بعدما كان الكرملين يتوقع أنها سوف تستغرق بضعة أيام، فيما منعت السلطات الروسية الصحفيين من استخدام مصطلح "الحرب" وجرمت انتقاد الجيش أو الكشف عن أي معلومات من شأنها الإضرار بمكانته.

وبعد تلك الخسائر، يبدو أن السلطات الروسية تستعد لحملة دموية طويلة، تعمل على تقوية الوحدة الوطنية من خلال حملة دعائية مكثفة، بينما يكثف الجيش ضغطه على أوكرانيا.

علق هنا