من اجبر الصدر على الاتصال بالمالكي؟

بغداد- العراق اليوم:

بعد قطيعة طويلة بين زعيم التيار الصدري في العراق، مقتدى الصدر، ورئيس ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، و"الفيتو" الذي وضعه الأول ضد مشاركة الثاني في أي حكومة مقبلة، فإنه جرى اتصال بين الطرفين في ظل حالة من الانسداد السياسي تشهدها البلاد.

وأعلن مكتب الصدر في بيان، أن زعيم التيار أجرى اتصالات هاتفية مع كل من مسعود البارزاني ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، ورئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي ورئيس تحالف السيادة خميس الخنجر، للتباحث حول بعض القضايا المهمة المتعلقة بالوضع العراقي الراهن.

التطور الجديد، أثار تساؤلات حول دوافع اتصال الصدر بالمالكي، وما إذا كان الأول قد رفع "الفيتو" عن الثاني للمشاركة بالحكومة، إضافة إلى مصير الإصلاح الذي طالما تحدث عنه زعيم التيار، واتهامه للمالكي بتأسيس الفساد في البلد وسقوط ثلث العراق بيد تنظيم داعش عام 2014.

وتعليقا على ذلك، قال المحلل السياسي العراقي، علي البيدر، في حديث صحفي  إن "اتصال الصدر بالمالكي كان متوقعا خصوصا بعد قرار المحكمة الاتحادية المرتبطة بجلسة البرلمان المتعلقة برئيس الجمهورية، وهي العقبة الأهم لتسمية رئيس الحكومة الجديدة".

وأوضح البيدر أن "قرار المحكمة ألزم جميع الأطراف ضمنيا باللجوء إلى خيار التوافق، ودون ذلك لا يمكن لأي طرف فرض إرادته على الآخر"، لافتا إلى أن "المالكي كان عاملا رئيسا في تعطيل إرادة التيار الصدري، لذلك فإنه لا يمكن تجاوزه بسهولة وإبعاده عن المشهد".

ورأى البيدر أن "عوامل عدة دفعت الصدر إلى الاتصال بالمالكي، أولها أن العالم بدا منشغلا بالأزمة الروسية الأوكرانية، ولم يعد يهتم كثيرا للعراق وحتى على المستوى الإقليمي.. الأمر الآخر وجود حالة من التذمر والسخط الشعبي على المنظومة السياسية في البلاد وتحميلها وزر كل ما يجري للعراق، وهذا الأمر قد يعيد الاحتجاجات، وإذا عادت فإنها ستكون بمثابة رصاصة الرحمة في جسد المنظومة السياسية".

وتابع: "لذلك، فقد استشعرت تلك المنظومة ولو بشكل متأخر خطورة حالة الانغلاق السياسي التي يشهدها البلد، ودفعت باتجاه حلحلة الوضع، وبالتالي فقد كان هذا الاتصال بمثابة إعادة الروح إلى المفاوضات التي توقفت بين جميع الأطراف وأصبحت أحادية الجانب".

ورأى البيدر أن "الخصومة بين الصدر والمالكي هي أقرب إلى  الصراع الشخصي أكثر منها خصومة أيديولوجية وممنهجة، وهذا رفع من مكانتهما لدى جمهورهما".

وتوقع الخبير أن "يفرض الصدر توافقا مشروطا، وفي المقابل لا يمكن إقصاء المالكي، لأنه وصل إلى درجة من التصوف السياسي وأصبح أشبه بالمنظر الذي يطرح المبادرات والحلول، كونه يمتلك نفوذا شعبيا وسياسيا وبرلمانيا وحكوميا، لذلك فإنه قادر على إسقاط الحكومة التي قد تتشكل بعيدا عنه".

"حركة تكتيكية"

وفي السياق ذاته، قال المحلل والباحث السياسي، كاظم ياور  في حديث صحفي،  إن "اتصال الصدر بالمالكي، كان لافتا وعبّر عن تزايد مواجهة زعيم التيار الصدري للحرج والضغوط من الشارع العراقي في ظل تداعيات الأزمة الأوكرانية على المشهد الاقتصادي في العراق".

وأوضح ياور أن "غلاء أسعار المواد الغذائية في العراق عبر عنها الشارع في جنوب ووسط البلد بدعوات للخروج في مظاهرات واسعة تستهدف التيار الصدري، مع الإشارة إلى أن غالبية الطبقة الفقيرة هي الركيزة الرئيسية لجمهور التيار".

وأعرب عن اعتقاده بأن "مستشاري الصدر، ربما أشاروا عليه بالاستعجال في تشكيل الحكومة قبل أن تخرج الأمور السياسية عن مساراتها الدستورية، فمنذ أكثر من ثلاثة أشهر والأمور في أزمة تلو الأخرى، ما دفع التيار لإعادة حساباته في ظل تعذر تشكيل حكومة من الحلفاء فقط، لا سيما بعد قرار المحكمة الاتحادية بضرورة توفر ثلثي البرلمان لانتخاب الرئيس".

وأردف بأنه "لا بد من التفكير بالتحالفات السياسية، وأن المالكي يعتبر أبرز ورقة سياسية داخل قوى الإطار التنسيقي كونه يمتلك الأغلبية، فأينما يميل ستذهب معه بقية مكونات الإطار".

ولفت ياور إلى أن "اتصال الصدر مع المالكي فيه دلالات على أن المشهد السياسي في حالة حرجة، وإذا لم يتدارك الجميع ويشكلوا الحكومة فسيدخلون في فراغات دستورية، ومن الممكن للمحكمة الاتحادية أن تصدر قرارات تصل إلى إلغاء البرلمان، ووضعه تحت وصايتها القانونية والدستورية".

وأشار إلى أن "الصدر لديه أغلبية في البرلمان، فلا يريد التفريط بها، وكذلك يريد أن يبقى ممسكا بزمام الأمور، مقابل التنازل عن أشياء للإطار التنسيقي ليست مؤثرة ولا تتعلق بقرارات الحكومة، وبذلك يحصل على رئاسة الحكومة، وقبلها حصل على نائب رئيس البرلمان، وبالتالي فإن التيار يجتاز بهذه الحركة التكتيكية أزمة تشكيل الحكومة وتوزيع المناصب".

 

 

علق هنا