بغداد- العراق اليوم: على ثلاث جبهات هذه المرة، تخوض حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، معركة جديدة، أنها معركة السيطرة على الأسعار، ومجابهة تداعيات الحروب الأقليمية، ومنع ارتداداتها العنيفة على الداخل العراقي، وأيضاً على جبهة الحرب على الأحتكار والجشع، ولعبة سرقة قوت الفقراء، وإفلاس الطبقات المتوسطة، ونهب مواردها، بعد عمليات تلاعب ومضاربة مفضوحة، انتهت بغلاء معيشي، مما أجج المشاعر، والهبت سياطه ظهور الشرائح الهشة، وأيضاً فأن جبهة الكاظمي الثالثة ضد اولئك الذين يجيدون الرقص على اوجاع الفقراء والمعدمين ويحسبون أي مصيبة، مكسباً وبيئة خصبة وصالحة للتكسب السياسي، والضغط واستخدام هذه (الأوجاع) أدوات مقايضة، وما اكثر اولئك الذين يسخرون ادواتهم وإعلامهم لإجل هذه الأهداف الدنيئة. اليوم، يطلق الكاظمي اولى مدافع التصدي لهذه الموجة المرتفعة، ويحاول ان (يكسر) امواجها العاتية، بكاسر شديد البأس، كوزير الداخلية الفريق الركن عثمان الغانمي، الرجل المُهاب، والذي تجده في أي شدة أو عسر تمر به البلاد، فمنذ ساعات الصباح الأولى، رصدنا فرق الأجهزة الأمنية والرقابية تنتشر في الأسواق الرئيسة في بغداد، واخرى سرية وغير معلنة تتابع البيع بالتجزئة، وهكذا الأمر في كل محافظات البلاد، وسط ارتياح شعبي واضح، وعودة ملحوظة للأسعار الى سابق عهدها تقريباً، يترافق هذا طبعاً مع عدة اجراءات اتخذتها حكومة الكاظمي، من بينها البدء فوراً بمعالجة أوضاع الطبقات الكادحة، وضخ أموال بكميات معقولة في الدورة الأٌقتصادية، مرفقاً معها تسهيلات استيرادية، واعفاءات جمركية وضريبية لموردي السلع الغذائية، متوائماً ايضاً مع الذهاب نحو تأمين ثلاثة ملايين طن من القمح، وبدء مخازن وزارة التجارة بتحهيز وكلاء الحصة التموينية للوجبة الأولى التي ستليها وجبة اخرى في غضون ايام قليلة، وهي اجراءات بصراحة غير مسبوقة، وسريعة، وشفافة، وتحسب لهذه الحكومة التي وجدت نفسها محشورة بهذه الأزمة دون سابق انذار، اذ فرضت الحرب الروسية – الأوكرانية نفسها على المشهد بلا مقدمات واضحة. ومن حرب الروس والأوكران الى حرب الأسواق، يقفز السؤال عن جدوى مثل حرب ضبط الأسعار والبحث عن المتلاعبين في الأسواق المحلية التي اطلقتها وزارة الداخلية بناءً على توجيهات عليا، وهنا نود ان نؤكد أنها خطوة ممتازة، صحيح أن العراق يضم آلاف الأسواق الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، وصحيح أن مئات آلاف المتاجر المنتشرة والتي تحتاج فيالق للمراقبة وزياراتها ومتابعتها، لكن الاجراءات الأمنية الرقابية كانت مخططة، اذ استهدفت بالدرجة الأساس أسواق بيع الجملة، وأيضاً موردي المواد الغذائية، مضافاً الى هذا الاستعانة بفرق الرصد الألكتروني التي تعمل على مدار الساعة لتلقي الشكاوى، والتفاعل مع التظلمات التي ينشرها الناس، وتوجيه فرق الداخلية بمعالجتها. نقول ان هذه الجهود الجادة، محط اعتزاز وافتخار واشادة من ابناء الشعب العراقي ، لاسيما لدور كل من قبل القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وأيضاً وزير الداخلية الفريق الركن عثمان الغانمي، ووكالة الاستخبارات ووكالة الشرطة، وبقية الأجهزة الأمنية العاملة، لكن ينبغي ان تلحق هذه الاشادات، بتفاعل شعبي واضح، من خلال تحول المواطن العراقي لمصدر معلوماتي لمن يتلاعبون بالأسعار، ويهدوون السلم والأمن الوطني، أذ ان هولاء دواعش لا يقلون فتكاً عن اولئك الملتحين بلحى العفن والتكفير والأرهاب، الا أن الفرق بينهم، ان بعض هولاء المحتكرين يتخفى بيننا ويلتهم المليارات بلا رحمة، فيما تكبس ماكنة الغلاء رؤوس الفقراء وتعصر جيوبهم الخاوية !.
*
اضافة التعليق