ملاجئ أوكرانيا كانت أماكن تنصُّت سابقة للاستخبارات السوفييتية.. أين يختبئ المدنيون من القصف الروسي؟

بغداد- العراق اليوم:

بعد الهجوم الروسي على أوكرانيا، اكتسبت حياة الأوكرانيين روتيناً خاصاً وطابعاً جديداً بعدما اضطروا للعيش في ملاجئ هرباً من القصف الروسي.

الحياة في الملجأ صعبة، تقول أنستازيا خيرا لـ"عربي بوست"، وإن مقومات الحياة البسيطة غير متوفرة على نحو مناسب، فالإضاءة ضعيفة والرطوبة عالية جداً، والأجواء باردة وحتى الوصول إلى أطعمة يلزمه طوابير.

أنستازيا بانتظار أن تضع مولودها خلال أسبوعين كما حدد لها الأطباء، لكنها لا تعلم إن كانت ستضعه في مستشفى إذا سارت الأوضاع إلى الأحسن، أم أنها ستضطر إلى وضعه في الملجأ كما أطفال ولدوا في محطات المترو بالساعات الأخيرة.

ملاجئ أوكرانيا كانت أماكن تنصُّت سابقة للاستخبارات السوفييتية.. أين يختبئ المدنيون من القصف الروسي؟

ففي خضم الحرب الروسية الأوكرانية، تنجب نساء أوكرانيات حوامل أطفالهن في ملجأ مستشفى الولادة بالعاصمة كييف.

رئيس المستشفى، دميترو غوفسيف، كان قد صرح بأنهم يواصلون العمل في المستشفى ولم يغادروه منذ الساعة الأولى للحرب التي اندلعت في 24 فبراير/شباط الفائت.

وأشار إلى أن ثمة 28 امرأة في المستشفى حالياً من المتوقع أن يلدن قريباً، وأنهم سيعملون مهما كلف الأمر، مضيفاً أن الأطباء يعملون بنظام المناوبات، وأنه تم إيواء أسرهم والكوادر الطبية في ملجأ المستشفى.

وقبيل الحرب كان ما يقرب من 15-16 امرأة يلدن في المستشفى يومياً، وانخفض العدد إلى 6 مع نشوب الحرب، بحسب غوفسيف.

ملاجئ أوكرانيا كانت أماكن تنصُّت سابقة للاستخبارات السوفييتية.. أين يختبئ المدنيون من القصف الروسي؟

يهربون من منازلهم لأقرب ملجأ..

عقب إعلان دوي صافرات الإنذار وانطلاق غارات الطيران الروسي في سماء كييف يسارع سكان المدينة إلى مغادرة شققهم، حاملين معهم فقط أغطية تقيهم برودة الطقس في الخارج، وبعض المواد الغذائية.

بعض الأسر وصلوا إلى ملاجئ قديمة، ووجدوا فيها غرفاً فقاموا بفرشها واستقروا فيها، فلا يذهبون مثل البقية إلى بيوتهم القريبة ويعودون خشية من أن يأخذ غيرهم المكان ما إن غادروا، ويقولون إن الجلوس في الغرف بأسبقية الوصول.

يقول أحمد ابراهيم، وهو أوكراني من أصل عراقي، إنه قلق من العودة إلى منزله، يعود حين تحتاج زوجته فقط إلى أغطية إضافية أو ملابس لابنته الصغير "عامين"، يضيف لـ"عربي بوست": "هذا المخبأ في خاركوف يحتوي على غرف صغيرة، تفتقر إلى مقومات الصحة والنظافة، التهوية جداً سيئة، طبعاً أخشى على صحة ابنتي الصغيرة لكن الخوف من سوء التهوية في حين أننا نتعرض لقصف متواصل مجرد رفاهية"

ملاجئ أوكرانيا كانت أماكن تنصُّت سابقة للاستخبارات السوفييتية.. أين يختبئ المدنيون من القصف الروسي؟

يخرج أحمد خارج الملجأ خلال اليوم أكثر من مرة ليستطيع أن يتصل بالإنترنت ويطمئن أهله وأسرته بالعراق، يقول: "أمي في حالة ذعر شديد، كانت تقول لي دوماً أن أعود لأنها لم تر ابنتي منذ ولادتها، كنت أؤجل العودة إلى العراق لكن بعد انتهاء الأزمة فإن أول شيء سأفعله هو أن أعود إلى حضن والدتي، لترى ابنتي الصغيرة".

أماكن المخابئ.. مكان تنصُّت سابق للاستخبارات السوفييتية

تولَّت الحكومة نشر خريطة تبيّن المخابئ التي يمكن اللجوء إليها، أحدها كان منزلاً شيوعيّاً سريّاً لكبار المسؤولين الحكوميين في زمن الاتحاد السوفييتي في كييف.

يقول الكاتب رومان سينيس، في تقرير نشرته مجلة "لوبوان" (lepoint) الفرنسية، إن واحداً من الملاجئ في كييف، والمستخدم الآن بُني في العام 1981، كان هذا الملجأ مكان عمل الاستخبارات السوفييتية، فمن هنا انطلق العملاء للتنصُّت على الحي، وكانت والدته تقطن بجواره في عهد الاتحاد السوفييتي، وفي يوم من الأيام و"بعد أن قالت مزحة تمس الشيوعية في مكالمة هاتفية، قُطعت المكالمة على الفور ووردها اتصال بعد ذلك، طُلب منها فيه عدم الخوض في هذه المسائل مرة أخرى".

ملاجئ أوكرانيا كانت أماكن تنصُّت سابقة للاستخبارات السوفييتية.. أين يختبئ المدنيون من القصف الروسي؟

في ظروف الحرب هذه، يحاول الأوكرانيون إظهار أقصى قدر من التعاطف مع بعضهم؛ فهم يحاولون شد أزر بعضهم داخل أماكن الاختباء، وحين تهدأ الأوضاع يحاولون الرجوع مرة أخرى إلى ديارهم.

ملاجئ أوكرانيا كانت أماكن تنصُّت سابقة للاستخبارات السوفييتية.. أين يختبئ المدنيون من القصف الروسي؟

في خاركييف يقول أحدهم: "بينما كنا خارجين من المخبأ بعد وقت قضيناه جميعاً ننشد الأغاني الوطنية والنشيد الوطني الأوكراني، نستقبل الجرحى ونعد لهم الطعام، والساندويتشات، قررنا أن الوقت قد حان لعودتنا إلى منازلنا، وما إن خرجنا من المخبأ حتى صرخ رجل بأن قذيفة تقترب منا، صرخنا وتفرقنا ثم عدنا جميعاً إلى الملجأ مرة أخرى حين أدركنا أن الهدوء كان مؤقتاً".

محطات المترو ملاجئ لهم

في الأثناء، يتخذ سكان العاصمة الأوكرانية كييف من محطات مترو الأنفاق ملاجئ للاحتماء من الهجمات الروسية، ولجأ الآلاف من سكان كييف إلى أماكن يرونها آمنة؛ مثل محطات مترو الأنفاق ومرائب السيارات والطوابق السفلية للمباني للاحتماء من الهجمات.

الحصول على المواد الغذائية ليس سهلاً

أما المواد الغذائية، فقد قفزت أسعار الخبز في أيام الحرب الأولى أضعافاً، ما دفع السلطات إلى مضاعفة تجريم من يقوم باحتكار عمليات البيع ورفع الأسعار، وساوت الحكومة عقوبة من يرفع أسعار الخبز بعقوبة المخربين الروس وعقوبة كليهما "التصفية الجسدية".

ملاجئ أوكرانيا كانت أماكن تنصُّت سابقة للاستخبارات السوفييتية.. أين يختبئ المدنيون من القصف الروسي؟

في الأثناء، تنتشر على أطراف الأحياء وعلى مداخلها مجموعات مثل اللجان الشعبية، وتتكون اللجان الشعبية من أفراد في الحي الواحد بالتعاون مع وزارة الدفاع لتنظيم حركة السير داخل الأحياء ومنع الغرباء من المرور والدخول إليها.

وتقوم اللجان بعمل، يقول الأوكران إنه مهم، وهو إزالة كل الأعمدة واللوحات الاسترشادية التي تشير إلى الأماكن لتضليل القوات الروسية من الوصول إلى الأماكن التي يريدون الوصول لها، لا سيما بعدما تعطلت خرائط جوجل في أوكرانيا.

وأطلقت روسيا، فجر 24 فبراير/شباط الماضي عملية عسكرية في أوكرانيا، تبعتها ردود فعل دولية غاضبة وفرض عقوبات اقتصادية ومالية "مشددة" على موسكو.

علق هنا